أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ بجاوي - الجزائر بين مطرقة الاستعمار القديم وسندان الوصاية الجديدة: التحرر يبدأ من الداخل














المزيد.....

الجزائر بين مطرقة الاستعمار القديم وسندان الوصاية الجديدة: التحرر يبدأ من الداخل


محفوظ بجاوي

الحوار المتمدن-العدد: 8437 - 2025 / 8 / 17 - 09:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كفى وصاية دينية وفكرية على الجزائريين. لقد آن الأوان أن نتحرر من هذه الذهنية التي تجعلنا نعيش كما لو أننا شعب بلا هوية، ينتظر دائمًا من المشرق أن يلقنه دينه وثقافته. الجزائر لم تكن يومًا مفلسة لا دينيًا ولا فكريًا، بل كانت عبر تاريخها فضاءً حضاريًا غنيًا، امتزج فيه الأمازيغي والعربي والإسلامي والمتوسطي في تجربة فريدة صنعت لنا شخصية جماعية قوية ومتماسكة. إن الانبهار المرضي بكل ما يأتي من الخارج، سواء من المشرق العربي أو من الغرب، ليس إلا مظهرًا من مظاهر الإحساس بالدونية، وهو إحساس مدمر، لأنه يجعلنا نستورد أفكارًا غريبة عنا ونهمل ما أنتجناه نحن بأنفسنا عبر قرون من الصراع والوجود.
الجزائر التي قاومت قرنًا وثلث قرن من الاستعمار الفرنسي، ودَفعت أنهارًا من الدماء في سبيل كرامتها، لا يمكن أن تقبل اليوم بأن تستبدل تبعية بأخرى. لقد عشنا التبعية الاقتصادية لفرنسا، ونحن نعيد إنتاجها اليوم مع تركيا. كنا في الماضي رهائن للنفوذ الفرنسي والروسي، فإذا بنا اليوم نبحث عن بديل في إيطاليا أو غيرها. إنها الحلقة المفرغة ذاتها: الخروج من وصاية لا يعني الوقوع في وصاية جديدة، لكننا مازلنا نتأرجح بين المطرقة والسندان.
تركيا التي يسوقها البعض اليوم في صورة “الأخ الشقيق” لم تأت إلى الجزائر حبًا فينا أو بدافع الأخوة الإسلامية، وإنما لتصفي حساباتها مع فرنسا على أرض ليست أرضها. وفرنسا التي لم تتوقف لحظة عن النظر إلى الجزائر كجزء من مجالها الحيوي، ليست شريكًا بريئًا بل قوة استعمارية قتلت الملايين، ونهبت الثروات، ومحَت الهوية، وخلفت جراحًا لم تلتئم. أما تركيا العثمانية، التي مازال البعض يتغنى بماضيها، فقد حكمتنا ثلاثة قرون بالحديد والنار دون أن تترك لنا مدرسة أو جامعة، جندت شبابنا في حروبها البعيدة، وفرضت ضرائب باهظة، واحتكرت التجارة، وتركتنا في فقر وجهل مدقع. أليس من السذاجة أن نرى فيها اليوم "منقذًا" أو "شقيقة"؟
إن التحرر الحقيقي لا يمر عبر استبدال استعمار باستعمار، ولا عبر تعليق مصيرنا على مشرق أو مغرب، بل يبدأ من الداخل. يبدأ بإعادة الاعتبار للعقل الجزائري، وبالتحرر من عقدة الدونية التي تجعلنا نتعلق بالآخر ونحتقر ذواتنا. يبدأ باستعادة الثقة في قدرتنا على بناء نموذجنا الخاص، سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا. يبدأ حين نفهم أن النهوض لا يأتي من شعارات عاطفية ولا من خطابات الوصاية، بل من العمل المسؤول، ومن المحاسبة والعدالة، ومن إرادة حرة تصنع القرار داخل الوطن لا خارجه.
لقد آن الأوان لنعلنها بوضوح: لسنا في حاجة إلى وصاية جديدة، لا من المشرق ولا من الغرب. لسنا في حاجة إلى مستعمر مقنّع يأتي بشعارات الأخوة أو الشراكة ليعيد إنتاج التبعية بشكل آخر. الجزائر ليست قاصرًا حتى تحتاج إلى وليّ أمر، وليست أرضًا بلا هوية حتى تستورد هوية من الخارج. الجزائر في حاجة فقط إلى إرادة أبنائها الأحرار، إلى وعي جديد يرفض الاستلاب والتبعية، ويصنع مستقبلًا يليق بتاريخها وتضحيات شهدائها. إن التحرر الحقيقي يبدأ حين نصبح سادة أنفسنا، ونفهم أن لا خلاص لنا إلا بما نصنعه نحن بأيدينا وعقولنا، لا بما يمليه علينا الآخرون.



#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزائر: وعي شعب يقطع الطريق على محاولات التلاعب وحكمة تقود ...
- رشيد بوجدرة والثورة الجزائرية: تصويب ضد التدليس الأيديولوجي
- العلمانية والإيمان : دعوا الدولة للناس،والدين لله
- عيد الاستقلال الجزائري : ذكرى المجد والتحدي
- التحرر من سجون الفكر.. دعوة إنسانية على خطى دوركايم
- محمد بوضياف....رجل حلم بدولة، فاغتالوه قبل أن يتم الحلم
- الحجاب: عادة اجتماعية أم فريضة دينية؟
- متى نتوقف عن الأدعاء بأن - الغرب منحل اخلاقيا -؟
- حينما يهدر الوطن ثرواته باسم العظمة
- الجزائر بين من حرروها... ومن حكموها: الحقيقة التي لاتقال
- بين الجهل بالأرض وادعاء الوصاية على السماء: مأزق من لا يعرف ...
- النقد البناء ليس خيانة بل واجب وطني
- في حضرة الخوف....يولد الصمت وتنطفىء الأحلام
- من إستهلاك السلع إلى احتضار الفكر : حين نقتني كل شيء ونعرض ع ...
- التحرر من أسر الماضي: الطريق نحو نهضة حقيقية
- حين يُقصى العقل،وتُستبدل المعرفة بالوهم... يصبح الصمت جريمة.
- الممنوعات باسم الفضيلة: كيف تصنع القيود مجتمعا خائفًا ومقموع ...
- التعليم في أوطاننا... بين التلقين والجمود
- خراب العقول حين تغيب الفلسفة
- جذور ثابتة وهوية لا تُشترى: الجزائر وطن ضارب في التاريخ لايم ...


المزيد.....




- -على بعد 2000 كيلو-.. الجيش الإسرائيلي يكشف تفاصيل الضربة ضد ...
- عاجل: البحرية الإسرائيلية تشن غارة على محطة توليد كهرباء في ...
- اليمن: دوي انفجارين جنوب صنعاء والبحرية الإسرائيلية تعلن قصف ...
- ترامب يخفض التصعيد مع الصين.. فما هو سلاح بكين السري ضد واشن ...
- ألمانيا تعد لتضييق الخناق على مستخدمي مواقع التواصل صغار الس ...
- هجوم أوكراني بمسيرات على فورونيج الروسية يتسبب في إصابة شخص ...
- عشرات الآلاف يصوتون في انتخابات بلدية بليبيا
- الأردن يدين تجميد إسرائيل حسابات بطريركية الروم الأرثوذكس في ...
- تحليل: -الشجار المروع- بلقاء ترامب وزيلينسكي هل يتكرر بعد قم ...
- دعوى قضائية أمريكية تتهم منصة روبلوكس بـ-تسهيل استغلال الأطف ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ بجاوي - الجزائر بين مطرقة الاستعمار القديم وسندان الوصاية الجديدة: التحرر يبدأ من الداخل