محفوظ بجاوي
الحوار المتمدن-العدد: 8462 - 2025 / 9 / 11 - 22:50
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في زمن تتناسل فيه التفاهة الفكرية، وتترسخ الخرافات الموروثة، وتسيطر الأيديولوجيات العفنة على وعي الجماهير، يصبح العقل الحر المعركة الحقيقية، والسلطة العليا التي لا يجوز التفريط فيها. العقل لا يتبع منظومة، ولا يخضع لأي سلطة؛ إنه القائد الأوحد لفهم الوجود، وتفكيك تناقضاته، والارتقاء فوق قيود الواقع المصطنع.
يستمد جذوره من اللوغوس اليوناني، حيث المنطق أساس المعرفة، ويتغذى على المادية الجدلية الماركسية لفهم صراع الحياة والحركة، وينير نفسه بالحرية السبينوزوية لتحرر العقل من القيود المفروضة، ويرتقي نحو العقل المحض الكانطي بحثًا عن القوانين الكونية للفهم والإدراك.
هيمنة التقاليد العمياء، وتقديس المروجات السطحية، وتسليم الوعي لجوقة السياسيين والوعاظ والمضللين لم ينتج سوى وعي زائف، يعيد إنتاج نفس الأزمات بصيغ مختلفة. من يقبل بهذا الانقياد يتحول من إنسان حر إلى كائن مستلب، أسير مقولات جاهزة ومفاهيم ميتة.
العقل الحر لا يساوم على الحقيقة؛ لا يهادن، لا يجامل، لا يخضع إلا لمنطق نفسه. وحده يميز بين الوعي والوهم، بين الحق والزيف، بين التحرر والاستعباد. من دون سيادة العقل، سنظل ندور في حلقة مفرغة، نصنع أصنامًا جديدة بأسماء مختلفة، بينما نبقى عبيدًا لفوضى فكرية بلا أفق.
وفي نهاية المطاف، العقل هو النار التي تحرق قيود الاستلاب، والماء الذي يغسل ترسبات الجهل، والريح التي تعصف بكل أوهام جاهزة. من يرفض العقل يصبح أسيرًا لأوهامه، ومن يحتضنه يجد فيه الحرية المطلقة، القوة الحقيقية، والأفق المفتوح الذي لا سقف له. العقل ليس خيارًا؛ إنه القدر الذي يحدد من يظل إنسانًا ومن يتحول إلى ظل يسرح في متاهات الفوضى.
#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟