محفوظ بجاوي
الحوار المتمدن-العدد: 8435 - 2025 / 8 / 15 - 09:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الجزائر، هذا البلد الذي كتب على أرضه التاريخ والبطولات، يثبت اليوم مرة أخرى أن وعي شعبه هو أعظم سلاح في مواجهة محاولات العبث بمصيره. فقد عاش الجزائريون تجارب قاسية وأوقاتًا عصيبة، من الاستعمار إلى الاستقلال، ومن العشرية السوداء إلى الحراك الشعبي، تعلموا خلالها أن التغيير الحقيقي لا يأتي إلا بالوعي، وأن الفوضى ليست خيارًا مطروحًا أمام أمة تعرف قيمتها.
في الآونة الأخيرة، حاولت بعض الأطراف استغلال هذا الوعي باسم قضايا نبيلة، مثل القضية الفلسطينية، لإحداث تحرك شعبي قد يشبه الحراك الشعبي الذي عرفه العالم، وقد كان المخطط له أن يكون يوم الجمعة 8 أوت. لكن الشعب الجزائري الأبي عرف كيف يميز بين النوايا الخالصة وبين ما يُخفى وراء الشعارات الجميلة. لقد كان الهدف الحقيقي ليس نصرة قضية عادلة، بل اختبار الشارع وجس نبضه لمعرفة مدى قابليته للتحرك وفق أجندات خارجية، بعيدًا عن مصلحة الوطن.
وعي الجزائريين رفض هذه المحاولة قبل أن تبدأ. فهم يعلمون أن أي انزلاق نحو الفوضى لن يعود بالخير على البلاد، بل سيعيدها إلى أزمات الماضي التي عانوا منها مرارًا. التغيير في الجزائر ليس ضربًا من الأمنيات، بل هو عملية مستمرة تتطلب صبرًا وجهدًا ووعيًا جماعيًا. وهو يتطلب أيضًا الالتزام بالطرق السلمية والديمقراطية، بعيدًا عن العنف أو الدعوات المبطنة بالمصالح الضيقة.
حب الجزائريين لفلسطين ثابت وممتد، لكنه ليس مطية لأي أجندة. فالتضامن الحقيقي لا يختزل في المظاهرات الموجهة، بل يتجسد في مواقف واعية تدعم الحق دون أن تُستغل المشاعر الوطنية لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة. لقد أدرك الشعب الجزائري ذلك جيدًا، وأثبت أنه أمة واعية، قادرة على التمييز بين النصرة الحقيقية وبين التلاعب بالمشاعر.
اليوم، تقف الجزائر أمام تحديات كبيرة، لكنها تقف أيضًا على أرض صلبة من الوعي والحكمة. الشعب يعرف أن التغيير يحتاج إلى العمل، وأن المستقبل الأفضل لن يُمنح مجانًا، بل يُصنع بصبر وإصرار وعمل متواصل. ومن خلال هذا الوعي المشترك، يكتب الجزائريون مستقبلهم بأيديهم، ويثبتون أنهم أمة حرة لا يمكن إخضاعها، وأنها لن تسمح لأي قوة أن تعيدها إلى الوراء.
الجزائر بهذا الوعي، وبحكمة شعبها، تسير بخطى ثابتة نحو التغيير الحقيقي، التغيير الذي ينبع من العقل والقلب، من الصبر والعمل، ومن التمسك بالطرق السلمية والديمقراطية، بعيدًا عن أوهام الماضي ومخاطر الفوضى.
#محفوظ_بجاوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟