أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - -شهرة على مقاس العُري… ومثقفٌ خلف الستار-














المزيد.....

-شهرة على مقاس العُري… ومثقفٌ خلف الستار-


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8419 - 2025 / 7 / 30 - 15:31
المحور: قضايا ثقافية
    


في الزمن الذي تُعلَّق فيه الشهرة على أكتاف السطحية، وتُمنَح فيه المنابر لمن لا يجيد غير التطبيل، يصبح السؤال عن غياب الأقلام الجادة والمواقف النبيلة ضربًا من السذاجة… فليس كل من كَتب يُقرأ، وليس كل من ظهر يُرى.
سألني أحدهم ذات مرارة: لماذا لم تنل من الشهرة ما ناله أولئك الذين لا يمتلكون من أدوات الفكر شيئًا سوى أنامل طرية للتصفيق، وألسنة ماهرة في مدح القبح وتجميل القذارة؟
فابتسمتُ كما يبتسم من يدرك أن النجوم لا تظهر في وضح النهار، وقلت: لأنني لا أجيد التملّق، ولا أملك موهبة الزحف تحت الأقدام، ولم أتعلم يوماً أن أقول للأعور: "ما أكملك!"
الشهرة اليوم لم تعد تُمنح للكلمة الطاهرة ولا للفكر العميق، بل تُفصَّل حسب مقاس الفضيحة، تُربَط بحبال السهرات الفاسدة، وتُعبَّد طرقها بكؤوس الليل، وملامح الممثلات خلف كواليس مهترئة تستّر فسادًا لا يُروى.إنه عصرٌ صار فيه الاتجار بالجسد وسيلة لصعود البرامج، والتنازل عن المبادئ هو بوابة العبور نحو الشاشة، أما الصدق فهو تهمة، والشرف خطيئة، والمواقف النزيهة… مشاريع إعدام.أيّ زمنٍ هذا الذي صار فيه القلم النزيه أشبه بالحجر الملقى في النهر، لا يُحدث صوتًا، بينما تُقام المهرجانات لأشباه الكُتّاب ممن لا يعرفون الفرق بين المجاز والمعازف، بين الإبداع والانبطاح؟زمنٌ تزيّنت فيه الرداءة بألوان فاقعة، واعتلت فيه منصات المجد وجوهٌ تعرف فنون الرقص أكثر من قواعد النحو.أنا لست نبيًّا، ولم أدّعِ الطهارة الكاملة، ولكني رجلٌ نشأ في ظلال نخلةٍ تعرف معنى العطاء دون ضجيج، بين أمٍّ فلاحةٍ لا تملك من الدنيا إلا دعاءً نقيًّا، وأبٍ علّمني أن الكرامة لا تُقسّط، وأن الشرف لا يُساوَم عليه في الولائم، وأن البنت ابنة الجميع، وعرض الجار عرضك، وحرمة البيت لا تُنتهك مهما علت المغريات.
نعم، في بيئتنا لم نكن نعرف كيف نبيع الضمير، ولا كيف نحترف فنون الابتذال، لم نربِّ أبناءنا على أن التنازل عن الأخلاق هو مفتاح النجاح، بل علمناهم أن السقوط لا يليق إلا بالفاقدين لكل قيمة، وأن الصعود لا يكتمل دون ضميرٍ يُصاحب الخطى.وهكذا، لم نكن يومًا في قوائم البرامج، ولم تُعرض علينا عقود الإعلانات، لأننا لم نحترف التطبيل، ولم نصبح جسرًا لعبور من لا يستحق، رفضنا أن نكون وسطاء للرذيلة، ولم نلبس وجهين لنرضي الجميع.في هذا الوسط، كلّما اقتربت من الطهر، ابتعدت عن الشهرة، وكلّما حفظت مبادئك، تمّ تحنيطك في أرشيف المنسيين.وأصبحت الشهرة لا تُقاس بعدد الكتب ولا بالمقالات، بل بعدد الصور، و"الفلترات"، وعدد الراقصات حولك، وحجم الصخب المصاحب لظهورك. أما إن كنت صاحب فكر، حاملًا لهمّ الوطن، ومؤمنًا بكرامة الكلمة… فمرحبا بك في العزلة، حيث لا كاميرا تراك، ولا قناة تستضيفك، ولا عشاء يدعوك.إنه زمنٌ يصعد فيه التافهون كالنار في الهشيم، بينما يُحاصر الكبار خلف أبوابٍ موصدة، يحتسون الصبر في عزلةٍ عفيفة، لأنهم حافظوا على كرامتهم، على ملامحهم الحقيقية التي لم تمسسها صفقات الفنادق ولا موائد الليل.نعم، في هذه البلاد، يتم اغتيال المثقف النزيه بألف طريقة، تبدأ بتهميشه وتنتهي بإقصائه، وتُزرع الوجوه الكاذبة في الواجهة حتى لا ينكشف وجه الحقيقة. الحقيقة التي باتت قبيحة في أعينهم لأنها لا تدرّ أرباحًا.
أما نحن، فنعيش كما يعيش الأنقياء… دون شهرة، لكن بضميرٍ لا ينام. نكتب لا لنصعد، بل لنُبقي الحقيقة حيّة، نخطّ حروفنا لا لنُرضي القنوات، بل لنُدين الصمت، ونقول بأن الكلمة… ما تزال شريفة، رغم أنف السوق.
وإن ماتت الشهرة فينا،
فالحمد لله، الكرامة ما زالت تتنفس.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استري نفسكِ… قبل أن يفضحكِ هاتفكِ!
- فيروز تودّع نغمة قلبها.. حين بكى الصباح في حضن الوطن
- شمشونا... رماد ملكةٍ لم تولد، وسؤالٌ يمشي في شوارع بابل
- من باع الخور والنفط والأرض
- -المرشح الراقص والناخب الطيّب: من جوبي البرلمان إلى حفلة الد ...
- -الفن العراقي... بين ضوء الماضي وظل الحاضر-
- قفي أيتها الملكة.. فالساقطون لا يرون الهامات المرتفعة
- من أندلسِ تطوان إلى نبضِ بغداد: شهرزاد الركينة… نشيدُ الفنّ ...
- -أنا الحرف الذي لا يركع… هذا بعض ما كنته يا سائلين عن حامد ا ...
- -اخوتنا درع العراق… حين يكون العراقي ظلاً لأخيه-
- من دفتر فكتوريا... حيثُ تنوح الأرقام وتبكي الدولة.
- تَجَلّيات الحضارة الإغريقية بين وهج البدايات ومرآة التأثير ا ...
- ضحكة التريليون… وبكاء الخدعة الكبرى
- ملحمة جلجامش أقدم من تراتيل أنخيدوانا… ولكن لكل بداية معراجه ...
- إنخيدوانا وصوت الأدب الأول من معابد العراق
- عباس الويس.. لوكس التحدي في عتمة السرد
- حين احترقنا.. كان المسؤول يُهدي -لكزس- لعشيقته
- بُكاءُ الجَمرِ في نُزولِ المطرِ المُتَرب
- العراق حين يقصف قلبه: من يقصف الكرد
- تحت الطاولة... فوق الأعناق: حين تفاوض إيران على رقاب عشاقها


المزيد.....




- مصر.. هكذا رد علاء مبارك على سؤال عن -سيدة- تدعي أنها ابنة ح ...
- ترامب يستهدف الهند برسوم جمركية نسبتها 25 %
- ترامب يفرض رسوما جمركية بنسبة 25% على الهند بسبب صفقاتها مع ...
- موحا الزياني مغربي أذاق الفرنسيين مرارة الهزيمة
- مجلة أميركية: العنف بغزة ليس حربا بل تطهير عرقي تمهيدا لطرد ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يرفض وقف بيع القنابل والبنادق لإسرائيل ...
- تحطم مقاتلة أمريكية -إف- 35- في كاليفورنيا.. وهذا ما حدث للط ...
- وسط طلقات الرصاص والهروب من الموت.. إليك قصة 3 نساء يكافحن ل ...
- الفلسطينيون، بثلاثة مناصب رئاسية، وحكومة، وبلا دولة
- هآرتس: لا تمنحوا نتنياهو صكّ براءة حيال ما يفعله بغزة


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - -شهرة على مقاس العُري… ومثقفٌ خلف الستار-