أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - قفي أيتها الملكة.. فالساقطون لا يرون الهامات المرتفعة














المزيد.....

قفي أيتها الملكة.. فالساقطون لا يرون الهامات المرتفعة


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 11:16
المحور: قضايا ثقافية
    


يا ابنة الرافدين، يا من عبرتِ التاريخ مضمخة بالطين المقدس والنور السومري، قفي.. قفي بكل جلالك وهامتك المتفردة، فالكلاب المسعورة لا تنبح إلا على الشجرة المثمرة، ولا يطعن الطينُ المجبول بالشرف إلا فمٌ ملوّثٌ بالخيانة والجهل والارتزاق. كلمة قالها تافه يُدعى مشاري السند – ولا سند له – فحرّكت فينا غبار الذاكرة، ورفعت في دواخلنا رايات الغضب، لا لأن امرأة عراقية أُهينت، بل لأن التاريخ أُهين، والعِزَّة نُكّست، وحضارة عمرها عشرة آلاف سنة جُرّت إلى سوق العهر اللفظي، وعلينا نحن – نحن أبناء العراق – أن نرد، لا بالصراخ ولا بالشتائم، بل بلغة التاريخ، بلغة الأرض، بلغة المرايا التي لا تُجامل الوجوه.
فمن تراه هذا المدعي؟ من أنت يا ابن غسّالة الصحون الباكستانية في شقق كُوَيتك المؤجرة للعار؟ من تكون أمام كوبابا السومرية التي حكمت مدينة كيش قبل أن تكون لبلادك حدود؟ من أنت أمام امرأة عراقية سجّل اسمها في الطين قبل أن يُخترع الورق؟ أول ملكة في التاريخ لم تكن فرعونية ولا بيزنطية ولا من بنات الدسائس في قصور الجواري، بل كانت عراقية، امرأة من تراب سومر، هزمت ملك ماري، وأسست لسلالة كاملة، بينما كانت قبائلُك تُطارد الظباء في الصحراء، وتستنشق الغبار على أعتاب القبائل الكبرى. هي التي حكمت قرنًا من الزمن، وأنت لا تملك دقيقة من الشرف. كانت تملك مدينة، وأنت لا تملك حتى لسانًا نظيفًا.
تاريخ المرأة العراقية لا يُسرد في مقاهي السفاهة، بل يُقرأ في كتب الحضارة، ويُدرّس في جامعات الدنيا، فهي من أنجبت إنخيدوانا، أول كاهنة عظمى وأول شاعرة في التاريخ، ابنة سرجون الأكدي، التي كانت تصوغ تراتيل الحب والعقيدة يوم كانت البشرية في بدايات نطقها. هي من أنجبت الخيزران، اليمنية الأصل، لكنها حين دخلت بغداد صارت سيدة البلاط العباسي، تقيل وتعيّن، وتحكم وتصدر القرار، وهي من أنجبت نزيهة الدليمي، أول وزيرة في الوطن العربي، وصبيحة الشيخ داود، أول قاضية عربية، وزها حديد، التي جعلت من هندسة الأرض سلالم إلى السماء، ورسمت للعالم أبنية تتكلم بلغة الفخر العراقي.
المرأة العراقية هي الطبيبة أناستيان التي داوت الأطفال يوم لم يكن العالم يداوي بناته، وهي التربوية أمت سعيد التي زرعت العلم في قلوب الفتيات، وهي الأديبة رباب الكاظمي، وهي روز فرنسيس، وهي بهرام الزهاوي، وهي عفيفة رؤوف، وهي سميرة مزعل المصورة الفوتوغرافية التي التقطت صور الجنوب من وجع المياه. هل تعلم يا أيها المدعي المتطفل أن أول مغنية سومرية كانت عراقية تُدعى أور-نانشي؟ وهل تدري أن أول من حَكم باسم ابنه القاصر كانت امرأة آشورية تُدعى سومو-رامات؟ وهل سمعت بأسماء كوزين صبيح نشأت أو رفـيعة الخطيب؟ هنّ لسْنَ أسماءً عابرة، بل صفحات مجيدة من دفتر لا يُغلق اسمه العراق.
حين كانت المرأة العراقية تحكم وتحارب وتؤلف وتُدرّس وتخطب في معابد إينانا، أين كانت نساؤكم؟ وحين كانت تُشيّع ابنها شهيدًا وتلتحف صبرها وتغسل دمعها بالصبر، كنتَ تختبئ في عتمة الخيانة. أنتم تتحدثون عن الشرف لأنكم بلا شرف. أنتم تتهكمون على المرأة لأنكم لا تملكون أمًّا تمشي مرفوعة الرأس. لا تتحدث عن سعر امرأة عراقية يا من تُباع مواقفكم في شاليهات الخميس على أطباق الشهوات والسمسرة السياسية. في كل ليلة تُحاك جلسات الخيانة، وتشترى ضمائر النواب، وتُقدَّم "الضيافة الأميرية" للوجوه الإعلامية المأجورة، فينبح اعلامي سربوت اشتريتموه دفاعًا عن شيوخ الخليج أكثر من دفاعه عن نساء وطنه. ولا عتب عليك، فالساقط لا يرى إلا الوحل، أما نحن فنرى أمنا العراقية نجمة لا تطالها كلاب السياسة.
أما كويتكم التي تتذرع بها في مهاتراتك، فاعلم أن العراق كان أول من أعطاكم اسمًا، وكان أول من رسم حدودكم، وكان أول من استضافكم حين كنتم هاربين من الاحتلال البريطاني. وحين اجتاح العراق الكويت في لحظة من جنون التاريخ، لم تكن النساء هنّ السبب، بل الرجال أمثالك ممن باعوا أراضيهم وألقوا شرفهم عند أقدام الغرباء. ومع ذلك، بقينا نرى المرأة الكويتية أختًا وصديقة وجارة، لا نخلط بينها وبين لسان مسعور مثلك، لأننا، نحن العراقيين، لا ننتقص من نساء العرب، لأن كل امرأة عربية هي شرفنا، ولأن شرف العراق لا يُجزّأ، ولا يُباع، ولا يُساوَم عليه.أما المرأة العراقية، فهي التاج.. هي الراية.. هي القصيدة التي لا تُسقطها كلمات تافهة. هي التي تمشي حافية على الرماد، ولا تحترق. هي التي تزرع الشهداء وتظل واقفة كالنخلة، عصيّة على الانحناء. أما أنت، فاقرأ التاريخ جيدًا، وافهم أن من يحاول المساس بالمرأة العراقية، إنما يضع يده في النار، وكل من تطاول عليها سقط، وستسقط، لأنك لم تواجه امرأة، بل واجهت شعبًا.اختم أيها اللسان الوقح، فللصمت هيبة أعظم من حديثك المفضوح. ولا تتوهم أن العراق بلد من ورق، ولا أن نساءه رقم في سوقك الرخيص. نحن أبناء كوبابا.. أبناء سومر.. أبناء زها وأنخيدو، لا نُباع ولا نُشترى، ولا نقبل أن تُدنَّس نساؤنا بحروف ساقطة.
والعراقية... تاجها لا يُمس.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أندلسِ تطوان إلى نبضِ بغداد: شهرزاد الركينة… نشيدُ الفنّ ...
- -أنا الحرف الذي لا يركع… هذا بعض ما كنته يا سائلين عن حامد ا ...
- -اخوتنا درع العراق… حين يكون العراقي ظلاً لأخيه-
- من دفتر فكتوريا... حيثُ تنوح الأرقام وتبكي الدولة.
- تَجَلّيات الحضارة الإغريقية بين وهج البدايات ومرآة التأثير ا ...
- ضحكة التريليون… وبكاء الخدعة الكبرى
- ملحمة جلجامش أقدم من تراتيل أنخيدوانا… ولكن لكل بداية معراجه ...
- إنخيدوانا وصوت الأدب الأول من معابد العراق
- عباس الويس.. لوكس التحدي في عتمة السرد
- حين احترقنا.. كان المسؤول يُهدي -لكزس- لعشيقته
- بُكاءُ الجَمرِ في نُزولِ المطرِ المُتَرب
- العراق حين يقصف قلبه: من يقصف الكرد
- تحت الطاولة... فوق الأعناق: حين تفاوض إيران على رقاب عشاقها
- حمورابي حين خطّ القانون على صخرة العدالة
- -حين انطفأت شمعة بغداد ونام الجمل في الظلام-
- الحسينُ بين دمعِ الخلود... وبدعِ الجهالة
- -غريبٌ في دفتر الوطن-
- -حينَ يتقاضى الغريب وتُسلب يدُ الحارس خبزَها-
- خرابٌ بني على الوهم: سردية الفوضى ومأساة الدولة الموءودة
- -حين يكتب القيدُ البيان: الإعلام العربي بين بوق السلطان وصرخ ...


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعترض سفينة -حنظلة- المتجهة إلى غزة
- أستراليا وبريطانيا توقّعان معاهدة شراكة نووية تمتد لـ50 عاما ...
- تصعيد بالمسيرات بين روسيا وأوكرانيا وقتلى مدنيون من الطرفين ...
- حزب بريطاني يهدد بفرض إجراء تصويت للاعتراف بدولة فلسطين
- بحثا عن الأطعمة الفاخرة والأرباح على ساحل غرب أفريقيا
- لقاء سوري-إسرائيلي رفيع بباريس: تهدئة مشروطة أم بداية تطبيع؟ ...
- حزب بريطاني يهدد ستارمر بطرح مشروع قانون للاعتراف بفلسطين
- زعيم كوريا الشمالية يتعهد بالانتصار في المعركة ضد أميركا
- الشرطة الهندية توقف رجلا يدير سفارة -وهمية-
- صحافي روسي ينجو بأعجوبة من هجوم بمسيرات أوكرانية


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - قفي أيتها الملكة.. فالساقطون لا يرون الهامات المرتفعة