أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - ضحكة التريليون… وبكاء الخدعة الكبرى














المزيد.....

ضحكة التريليون… وبكاء الخدعة الكبرى


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8412 - 2025 / 7 / 23 - 06:49
المحور: قضايا ثقافية
    


في البلاد التي يُقال عنها إنها مهد الحضارات، حيث تسيل أنهار الذهب الأسود، وتنبض الأرض بثروات لا تُعدّ، تضحك وزيرة المالية ملء فمها، لا لأنها سمعت نكتة من العصور الغابرة، بل لأنها وقّعت مرة أخرى على ورقة جديدة تشرعن نهباً قديماً. توقّع وتضحك، وتضحك وتوقّع، كأن التوقيع فعلٌ فنيّ، وكأن الضحك استعراض عضلات وطنية. كلما أُدرج بند يخص الشعب، رفعت حاجبيها، زفرت بصوت اقتصادي بارد وقالت: "لا توجد أموال". أما حين يأتي أمر حكومي بتخصيص ملايين الدولارات للسفرات أو الهبات أو السرقات الموصوفة، تهتز رأسها موافقة، وتستدير ضحكتها كأنها مكافأة للجرذان التي أكلت الترليونات ثم اختبأت في خزائن السرية لا يعلمها إلا ربّ الجراد.
لقد رفضت سلم الرواتب لأنه لا يرتقي إلى ذائقتها الاقتصادية العالية، ورفضت حقوق المتقاعدين لأنهم لم يعودوا ينتجون شيئاً سوى الذكريات، ورفضت التعيينات لأنها تحب الفقر المنظّم، لكنها في المقابل وافقت على تشريع كل هبة تمر عبر مكاتب الكبار. ولأنها لا تؤمن بالخجل، فهي تطالب بتشريع القوانين، ولكن فقط تلك التي تتيح تقنين السلب تحت مظلة الشرعية.وفي مملكة أخرى بعيدة، وقفت وزيرة مالية بريطانيا تخنق دموعها على الملأ، لأن شعبها قد يمرّ بأزمة اقتصادية. لا نقص في الرواتب، ولا فساد في المياه، ولا انهيار في الخدمات، ولا أسواق تشتعل كأنها جهنم مرقّمة، ومع ذلك بكت لأنها لا تطيق أن يشعر الشعب بالضيق. بكت كما تبكي أمٌّ حين ترى أحد أطفالها بلا وسادة، لا كما تفعل وزيرة الضحك حين ترى وطناً يُفترش فيه العجزة أرض المستشفيات، ويُنتزع فيه الأوكسجين من رئات الأطفال لأن شركات التجهيز تفضّل الدولار على الأرواح.
في بلاد الضحكة الوزارية، تُصرَف المليارات، ثم تختفي. لا أحد يعلم أين ذهبت، ومن يعلم، ينكر. ثم يظهر من يقول إن الجرذان أكلتها، والنار أحرقت الحسابات، والعواصف كشفت الأسرار وأزالت آثارها. حتى النار في هذه البلاد، تصيب فقط أبناء الفقراء، لا تمسّ ابن مسؤول، ولا تخدش جبين مدير، بل تحترق البنات في مهاجع المدارس، ويُدفن الأولاد تحت سقوف الأسواق المحترقة، فيما يجلس الوزراء يتبادلون نُكات الضحك الاستراتيجي.أما عن الشوارع، فحدّث بلا حرج. مطبّات تلد مطبّات، وطرقٌ تذكرنا بلعبة "الثعبان والمربعات"، أما الخدمات البيئية، فبات المواطن يتساءل إن كان الهواء الملوّث في مدينته من آثار حرب نووية أم من هديّة بيئية حكومية.هي ليست مقارنة بين وزيرة ووزيرة، بل بين ضمير وضمور. بين من ترى الشعب مرآتها، ومن ترى الشعب عبئاً ثقيلاً على طموحها المالي. بين من يبكي لأن الميزانية قد تنقص، ومن يضحك لأن الميزانية تفيض ولا أحد يحاسب. بين من تقف على منبر البرلمان تعتذر، ومن تقف على منبر الضحك تسخر.هكذا تضحك الوزيرة في بلادٍ لا تعرف الكفاية، ولا تنوي الإصلاح، بينما تبكي وزيرة في بلادٍ مكتفية لكنها تؤمن أن الإنسان، كل إنسان، يستحق الكرامة.أما نحن، فنتقن الضحك مع الوزيرة الضاحكة، لأننا لم نعد نملك ترف البكاء. وهل يبكي من لا يجد دموعه؟ أم تراها أُدرجت ضمن أبواب العجز في الموازنة العامة؟



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملحمة جلجامش أقدم من تراتيل أنخيدوانا… ولكن لكل بداية معراجه ...
- إنخيدوانا وصوت الأدب الأول من معابد العراق
- عباس الويس.. لوكس التحدي في عتمة السرد
- حين احترقنا.. كان المسؤول يُهدي -لكزس- لعشيقته
- بُكاءُ الجَمرِ في نُزولِ المطرِ المُتَرب
- العراق حين يقصف قلبه: من يقصف الكرد
- تحت الطاولة... فوق الأعناق: حين تفاوض إيران على رقاب عشاقها
- حمورابي حين خطّ القانون على صخرة العدالة
- -حين انطفأت شمعة بغداد ونام الجمل في الظلام-
- الحسينُ بين دمعِ الخلود... وبدعِ الجهالة
- -غريبٌ في دفتر الوطن-
- -حينَ يتقاضى الغريب وتُسلب يدُ الحارس خبزَها-
- خرابٌ بني على الوهم: سردية الفوضى ومأساة الدولة الموءودة
- -حين يكتب القيدُ البيان: الإعلام العربي بين بوق السلطان وصرخ ...
- -كردستان.. نداء القلب الواحد-
- انتفاضة الظل على صانعه: العراق بين احتضار النفوذ وولادة القر ...
- حين يُدفن الحرف حيًّا... مرثية التعليم في العراق
- -الريح تهدر من الجنوب... هل آن أوان النهاية-
- العزف على وتر الدم... حين تتحول المواكب إلى نارٍ تأكل الوطن
- وهج الدم الهادر… دروس الحسين التي لا تموت


المزيد.....




- إنقاذ ثلاثة من حيوانات الكركند البرتقالية النادرة جدًا قبل و ...
- في مصر، هل أطاحت المخابرات المركزية بالملك فاروق في يوليو 19 ...
- كاتس يلوّح بضرب طهران مجددًا.. وبزشكيان يتوعّد: قواتنا جاهزة ...
- العثور على حوت أحدب نافق على شاطئ في ريو دي جانيرو
- ترامب يعلن اتفاقا تجاريا -ضخما- مع اليابان
- ماذا يعني شطب اسم الناشط علاء عبد الفتاح من قائمة الإرهاب؟
- تجويع قاتل يتواصل في غزة.. لماذا الصمت العربي؟
- سياسة واشنطن في سوريا بين توازنات الحلفاء والمصالح
- جنود عائدون من غزة يعانون مشاكل نفسية أحد أعراضها التبول الل ...
- قصة عائلة غزاوية استشهد أطفالها أثناء بحثهم عن غذاء


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - ضحكة التريليون… وبكاء الخدعة الكبرى