أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - العزف على وتر الدم... حين تتحول المواكب إلى نارٍ تأكل الوطن














المزيد.....

العزف على وتر الدم... حين تتحول المواكب إلى نارٍ تأكل الوطن


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8395 - 2025 / 7 / 6 - 17:26
المحور: قضايا ثقافية
    


في أرضٍ أثخنتها الجراح، ونامت المدن على شواهد قبورها، لم تعد الفتنة نائمة كما أوصى المصطفى (ص)، بل صارت تمشي على قدمين، وتنطق بلسانٍ شعريٍ جهور، وتكتب على الجدران وتغني على المنابر، وتبكي في المواكب... دموعًا من دم.نعم، المواكب، تلك التي كانت ذات زمنٍ زادًا للروح، ومظلةً للدمع الطاهر، ونشيدًا للإيمان الصافي، باتت اليوم – في بعض مشاهدها – ساحةً مفتوحةً لمن أراد أن يسفك ماء الأخوة، ويذبح الحقيقة بسيف الطائفية، وأن يعزف على وتر الدم، لا المديح، فيكسر قلوبًا، ويوقظ أحقادًا، ويجرح وطنًا بأكمله.من أين أتى هذا الانحدار؟ من أي سراديب الوعي خرج هؤلاء الشعراء الذين بدل أن يتغنوا بأهل البيت بما يليق، راحوا يطعنون في أعراض أصحاب النبي، ويسبّون رموز أمةٍ اجتهدت أن تبني هذا الدين لا أن تهدمه؟ أي مدادٍ هذا الذي لا يعرف سوى لغة اللعن والنبش في قبور التاريخ؟ وهل نصر الحسين يكون بالشتائم، أم بالعدل؟ ،وهل حب عليٍّ لا يكتمل إلا بكره عمر؟ أي منطقٍ هذا الذي يجعل من الحسين ذريعةً لذبح معاوية، ومن دم كربلاء مائدةً للأحقاد القديمة؟وكما هناك من يخطئ من جهة، فإن في الجانب الآخر من لا يقل خطورةً في بثّ التفرقة، حين يردّ بالشتائم على اللعن، ويغسل الإهانة بمزيد من الكراهية، فتصبح النيران دوّامةً، لا تحترق فيها اللحى فقط، بل تحترق معها أصول التسامح والعيش المشترك والمحبّة النبيلة. وما أكثر أولئك "الشعراء" الذين يظنون أن كرامة رموزهم تُصان حين يشتمون رموز الآخرين، فيتحول المنبر إلى خندق، والمقام إلى حربٍ باردة، ثم دموية.ولا يقف الأمر عند هؤلاء الشعراء، بل يُعاد إنتاج هذا الانقسام في دهاليز الإنترنت، حيث يخرج "الذباب الإلكتروني" كجيوشٍ خفية، تعزف سمفونية الفتنة، وتضع الزيت على النار، وتعيد نشر المقاطع المثيرة للغضب، وتقطع الكلمات عن سياقها لتنفخ في نارٍ لو اشتعلت، لن تُبقي حجرًا ولا بشرًا.هؤلاء لا يسألون أنفسهم: ماذا بعد هذا اللعن؟ ماذا بعد هذا الشتم؟ إلى أين نأخذ أبناءنا؟ هل نورّثهم وطنًا أم مقبرة طائفية؟ هل نريد أن يصبح العراق ساحة قتال أبدي بين حسينٍ لم ينتصر بعد، ويزيدٍ لا يموت؟ هل الوطن مكانٌ لنبش الماضي أم لصناعة المستقبل؟ ألا ندرك أن الحسين (ع) ما خرج إلا طلبًا للإصلاح، لا للانقسام؟ وأن عليًا (ع) ما حمل سيفه إلا ليقيم ميزان الحق، لا ليُغرس في صدور المسلمين؟أفيقوا يا أبناء هذه الأرض، فأنتم اليوم تقفون على حافة جرفٍ قد تبتلعكم فيه كلمة، أو بيت شعرٍ أحمق، أو لطميةٌ خرجت عن جلال المقام فصارت لعنًا لا مناجاة. لا تجعلوا من حبّكم وقودًا للكره، ولا من شوقكم إلى مظلومية الأمس تبريرًا لمجزرةٍ في الغد.الكل في هذا البلد أخوة. نعم، بكل يقين. شيعة وسنة، عرب وكرد وتركمان، مسلمون ومسيحيون وصابئة وأيزيديون... كلنا كرامٌ مبجّلون، لنا أن نختلف في الرأي، لا في الحقوق والكرامة. فلا تُطعَنُ العقائد في عرض النبي، ولا تُنسَفُ النوايا بحقدٍ سياسي ملبّس بلباس الدين.إياكم والفتنة... فإنها نارٌ إن اشتعلت فلن يُطفئها خطيبٌ ولا مرجع، ولن يقدر عليها قانونٌ ولا أمن، لأن ما يُشعلها في القلوب أعنف مما يُسكب عليها من ماءٍ على الأرض. كل كلمةٍ في هذا الزمن قد تكون رصاصة، وكل لطميةٍ حاقدة قد تكون قنبلة، وكل قصيدةٍ متطرفة قد تُشعل حربًا أهلية.نعم، نحب الحسين، ونبكي عليه، ولكننا لا ننسى أن من أحبه بصدق لا يكره أحدًا، وأن العشق لا يولد من الحقد، بل من النور. وأن الطعن بعِرض النبي هو طعنٌ في ديننا، وسَبَّ صحابته الكرام هو خنجرٌ في جسد الأمة.عيش كما أنت، ولكن لا تَعتَدِ. تذكّر أن دينك أعظم من أن يُبنى على الكراهية. وأن بلدك أضعف من أن يحتمل حربًا جديدة. احمِ ترابك، واصنَع من دموعك صلاةً، لا لعنة. فالعراق اليوم ليس بحاجة إلى مواكب تشقّ الأرض... بل إلى قلوبٍ تلتحم، وأرواحٍ تغفر، وصوتٍ واحد يعلو فوق الطوائف:
نحن أبناء هذا الوطن، لا طوائفه.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وهج الدم الهادر… دروس الحسين التي لا تموت
- -رقصة النهاية في ميدان الدخان: أوكرانيا بين أنياب الدب وأطيا ...
- طعنة غُربة
- حين تُطوى الراية قبل أن تذبل... عن إعادة رسم خرائط القوة بين ...
- الفنان العراقي.. صوت الوطن المنفي
- -حين يصير المجد تهمة... ويُؤخذ التاريخ من مأتمٍ لا ينتهي-
- -حين تعزف الدولة على لحن فنائها: عزاءٌ لوطنٍ يُقصف من داخله-
- العراق… صندوقٌ فارسيُّ الأختام
- الطبيب الذي خلع عباءته… وصار جزارًا في معطفٍ أبيض .
- -ويحَ مَن آذى عائشة... فالعرضُ عرضُ نبيٍ والأذى أذًى للسماء- ...
- -مزرعة البروكرات... حين أُطفئت شموعُ العقل وأُشعلت قناديلُ ا ...
- العلم الذي يُغتال... وأمة تنزف ضوءها .
- العقدة الخالدة: سردية الكراهية المتجذّرة ضد العرب منذ فجر ال ...
- -كمب ديفيد الإيراني: سلام يشبه الهزيمة أم هزيمة تُسوّق كسلام ...
- ترامب وصعود ميزان القوة الجديد: حين تعثّرت التنانين وتاهت ال ...
- في مطلعِ الهجراتِ تبكي السنون
- الفنُّ... رسائلُ الخلود في حضارة الرافدين
- الفزاعة التي لبست عمامة الخلافة
- التحية الأخيرة أمام الكاميرا: عندما يذوب الانضباط في حضرة ال ...
- -سلامٌ على شفرة السكين: حين يبتسم الدخان في الشرق الأوسط-


المزيد.....




- سوريا.. بيان من 10 دول عربية وتركيا يعدد 6 نقاط لدعم دمشق
- ما هو مخطط حكومة نتانياهو في سوريا ودور الدروز الإسرائيليين؟ ...
- رئيس الشاباك الأسبق يعلق لـCNN على ضربات إسرائيل بسوريا: دخل ...
- سوريا.. العشائر والقبائل العربية تشعل تفاعلا في السويداء.. م ...
- كارثة الطائرة الهندية: من هما الطيّاران اللذان كانا في قمرة ...
- لتحقيق الأمن المائي.. تونس تبحث عن حلول في الأرض والسماء
- دراسة لناسا: الحياة خارج الأرض دون ماء ممكنة
- ماكرون يدين -بأشد العبارات- القصف الإسرائيلي لكنيسة -العائلة ...
- القبور الوهمية.. مدافن إسرائيلية بلا موتى لطمس هوية القدس
- ابتكارات اضطرارية.. الغزيون يواجهون النقص بصناعة بدائلهم


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - العزف على وتر الدم... حين تتحول المواكب إلى نارٍ تأكل الوطن