أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - الفنان العراقي.. صوت الوطن المنفي














المزيد.....

الفنان العراقي.. صوت الوطن المنفي


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8392 - 2025 / 7 / 3 - 16:00
المحور: قضايا ثقافية
    


في بلدٍ كالعراق، حيث تتناوب المحن كما تتناوب الفصول، وحيث لم تهدأ النار منذ أن اشتعلت، ظل الفنان هو الوتر الأكثر نقاءً في آلة الوطن الموشومة بالجراح. لم يكن مجرد مؤدٍ أو صاحب موهبة، بل كان ذاكرة الناس حين تفرغ ذاكرتهم، وصوتهم حين يخرس الصوت، وصورتهم حين يُراد لهم أن يكونوا بلا ملامح. ومع ذلك، كان نصيبه النفي، لا بسبب قصور في موهبته أو جهل برسالته، بل لأنه صدق في انتمائه لوطنه، ولأنه ظل وفيًّا لفنه في زمن انقلبت فيه كل القيم.
الفنان العراقي لا يُشبه غيره، إنه خلاصة قرون من الحضارة والوجع، من الجمال والحرب، من السومريين الذين نقشوا على الألواح، إلى بغداد التي أنجبت الغناء والمسرح والقصيدة. ومع كل ما حمله هذا الفنان من ميراث ثقيل وعميق، لم يجد في بلده من يفهمه، أو يقدّره، أو يمنحه مساحة يبوح فيها بما يختلج في صدره. بل حوصر بالتهم، وأُقصي من المؤسسات، وحوّلته الغيرة والحسد إلى خصم في ساحة فنية تآكلت من الداخل، وصارت حلبة صراع لا بيئة إبداع.
في الوسط الفني العراقي اليوم لا نرى دعمًا ممنهجًا، ولا رؤية ناضجة لصناعة النجم، بل نشهد مشاهد مكررة من الإقصاء والاتهام والتقليل من الشأن، وكأن كل فنان يخشى أن يسطع سواه، أو أن يأخذ الضوء أحدٌ غيره. بات الحسد لغة التداول، والغيرة هي القاسم المشترك، والانغلاق هو الحالة العامة، حتى صار المبدع غريبًا في بيئته، منبوذًا كلما قال الحقيقة أو حافظ على لونه الأصيل. لا قنوات تنتج له، ولا مؤسسات تتبناه، ولا صحافة تنصفه، بل تسود حالة عامة من كسر المجاديف قبل أن تطلق المركب.لم تعد القضية في موهبة الفنان أو حضوره، بل في غياب الحاضنة التي تمنحه حق الوجود. لذا فإن كثيرًا من الفنانين اختاروا الرحيل، لا لأنهم نسوا العراق، بل لأن العراق نسيهم، أو تواطأ البعض على طردهم منه. في المنافي، ظلوا يُبدعون، يغنون للحب والحياة، ويحملون اسم العراق كجواز لا يُختم. لكن في داخلهم، ظلّ الجرح نازفًا، لأن الوطن الذي يُفترض أن يمنحهم المعنى، أصبح هو الجدار الذي يُصدمون به عند كل محاولة للوقوف.
إنها المفارقة المريرة، أن يكون الوفاء للوطن سببًا في الإقصاء، وأن تكون الحقيقة تهمة، وأن يتحوّل الفن، أسمى ما في الإنسان، إلى تهمة تُعاقب عليها في زمن الخواء.وحين نتساءل: متى يعود الفنان العراقي إلى ازدهاره؟ لا نجد الجواب في العبارات المنمقة، بل في تغيّر الجوهر. حين يدرك المجتمع أن الفنان ليس منافسًا بل مرآة، وحين تخرج الدولة من غيبوبتها وتحتضن الإبداع كمشروع وطني، لا كترف ثقافي، وحين يكفّ الفنانون عن شحن بعضهم بعضًا، ويتكاتفون لبناء جبهة ثقافية عراقية تُعيد الهيبة للصوت والصورة والكلمة، حينها فقط سنرى فجرًا جديدًا للفن في العراق.أما اليوم، فما يزال الفنان يكتب في الظل، يغني في المنفى، ويرسم على جدران الحنين، منتظرًا أن يسمعه وطنه، لا بعينه فحسب، بل بقلبٍ لا يخون.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -حين يصير المجد تهمة... ويُؤخذ التاريخ من مأتمٍ لا ينتهي-
- -حين تعزف الدولة على لحن فنائها: عزاءٌ لوطنٍ يُقصف من داخله-
- العراق… صندوقٌ فارسيُّ الأختام
- الطبيب الذي خلع عباءته… وصار جزارًا في معطفٍ أبيض .
- -ويحَ مَن آذى عائشة... فالعرضُ عرضُ نبيٍ والأذى أذًى للسماء- ...
- -مزرعة البروكرات... حين أُطفئت شموعُ العقل وأُشعلت قناديلُ ا ...
- العلم الذي يُغتال... وأمة تنزف ضوءها .
- العقدة الخالدة: سردية الكراهية المتجذّرة ضد العرب منذ فجر ال ...
- -كمب ديفيد الإيراني: سلام يشبه الهزيمة أم هزيمة تُسوّق كسلام ...
- ترامب وصعود ميزان القوة الجديد: حين تعثّرت التنانين وتاهت ال ...
- في مطلعِ الهجراتِ تبكي السنون
- الفنُّ... رسائلُ الخلود في حضارة الرافدين
- الفزاعة التي لبست عمامة الخلافة
- التحية الأخيرة أمام الكاميرا: عندما يذوب الانضباط في حضرة ال ...
- -سلامٌ على شفرة السكين: حين يبتسم الدخان في الشرق الأوسط-
- ياسين خضر القيسي... طائر الإبداع ووجع الثقافة في زمن التبدّد ...
- ميرفت الخزاعي... فراشة السرد التي حلّقت من شط العرب إلى سماء ...
- بين قيدٍ وركام: المسرح العربي في متاهة الإحباط والفقدان .
- إيران ومضيق هرمز... حين تتدلّى يد الغريق فوق زر الحرب
- -فوردو تحت الجبل وتحت المطرقة: الضربة التي أطاحت بظل إيران ا ...


المزيد.....




- صنعاء: تظاهرة بعشرات الآلاف وهتافات ضد إسرائيل وأمريكا
- مسؤول إسرائيلي يؤكد إحراز تقدم في مفاوضات الدوحة ويتهم حماس ...
- لماذذا تهدد روسيا بحظر تطبيق واتساب؟
- قطر تسهل إعادة 81 أفغانيا من ألمانيا إلى بلادهم
- 41 شهيدا بغزة والاحتلال يواصل استهداف المجوّعين
- كيف اعترضت الدفاعات الجوية القطرية الهجوم الصاروخي الإيراني ...
- -لستُ عاملة نظافة عندكِ-.. مواجهة حادة بين وزيرة فرنسية من أ ...
- أمنستي تدعو أيرلندا لإقرار قانون الأراضي المحتلة ضد إسرائيل ...
- الحوثيون يهاجمون مطار بن غوريون بصاروخ باليستي
- ما المداخل الممكنة لإعادة الأمن والاستقرار في السويداء؟


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - الفنان العراقي.. صوت الوطن المنفي