أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - ياسين خضر القيسي... طائر الإبداع ووجع الثقافة في زمن التبدّد.














المزيد.....

ياسين خضر القيسي... طائر الإبداع ووجع الثقافة في زمن التبدّد.


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8383 - 2025 / 6 / 24 - 17:57
المحور: قضايا ثقافية
    


في زمنٍ توارت فيه الأصالة خلف الضجيج العابر، وارتدى الأدب أقنعةً لا تشبه وجهه الحقيقي، يظل القاص العراقي ياسين خضر القيسي شاهقًا كالنخلة في صحراء الكلام، يورق بالحكاية، ويزهر بالرمز، ويثمر وجعًا نبيلاً يليق بكاتب لم يهادن المعنى، ولم يستسلم لرياح السوق. قاصٌ لا يكتب وحسب، بل ينثر روحه في خلجات الكلمات، يلامس الصمت ويجعله يتكلم، ويمنح الجوعى إلى المعنى زادًا من الفكر وجماليات السرد.هو أحد أعمدة الأدب العراقي والعربي والدولي، حمل قلمه كما يحمل النهر ذاكرته، ومشى في طرقات الإبداع حافي الروح، غير عابئ ببهرجة الأضواء، ولا ساعٍ خلف شهرة آنية أو تصفيق مرتجل. إن ياسين القيسي ليس مجرد قاص؛ إنه حالة أدبية متفردة، تمتد من ضفاف خريسان إلى أبعد أصقاع الأدب العالمي، حيث نشرت نصوصه ومقالاته في المجلات والمواقع الأدبية الكبرى: من برشلونا الإسبانية إلى جسور الأدب الإيطالية، ومن الصحف الأمريكية إلى المنصات الهندية، كأنه يهمس لكل قارئ بلغته، ويروي لكل وجع حكاية بلغته الخاصة.بدأ هذا الطائر الأدبي تحليقه مع أول قصة كتبها، حملها ككنزٍ إلى معلمه، الشاعر الراحل إبراهيم الخياط، الذي رأى فيه وهجًا خاصًا واحتفى بموهبته، فكان الخياط بوابة النور الأولى التي انفتح من خلالها القيسي على عالم الثقافة القصصية. ومنذ تلك اللحظة، لم يعرف هذا الكاتب التردد، بل سار في دربٍ أدبي محفوف بالمجازفة، نابض بالشغف، ومعمد بروح لا تهدأ.
لا يكتب القيسي ليقال عنه إنه كتب، بل ليحفر أثرًا في ذاكرة القارئ، لذلك لا يخوض في النقد، ولا يُحبِّذ الانجرار وراء المهاترات الفكرية، تاركًا "النقد لأصحابه" كما يردد، مؤمنًا بأن النص الجيد يفرض نفسه على المنابر، كما تفرض القصيدة الجميلة حضورها حتى على الصمت.في مجموعته القصصية "نياط الضديد... إنها أساطيري" (2001)، يرسم لنا خرائط لأوجاع لا تشبه سوى صاحبها، أوجاعًا كشجرة مغروسة في صحراء، تكابد لؤم العطش لكنها لا تنحني، لا تأبه لرياح التيارات الباردة، وتزدهي حتى حين تُنزع عنها الأوراق. أما مجموعته "أقاصي الوجد"، فهي كما يبدو، نسيج جديد من الحكايات التي ترفض الانتماء إلى السائد، وتعيد تشكيل المشهد السردي العراقي بثقة وأناقةويمضي ياسين خضر القيسي في مشروعه الأدبي بصبر الكبار، فها هو يعمل على رواية جديدة بعنوان "أقاصي الوجع"، يراكم بها مشاهداته وتجاربه ورؤاه، ويوثق من خلالها زمناً بات يرفض نفسه. هو كاتب لا يبيع رأيه في المزاد، ولا يشتري سطرًا بأجر، رافضٌ أن يكون بوقًا لنافخ في بطن سلطانٍ جائر. لذلك، بقي وفيًا للوجع النبيل، للأدب النظيف، للغة التي تعلو ولا تنحني.وحين تنظر في نشاطه الأدبي، تدرك أنك أمام كاتب يمشي على جمر المجد دون أن يحترق؛ فقد شارك في أهم المهرجانات الثقافية في الوطن العربي، من مهرجان المربد إلى مهرجان دبي الثقافي (2002)، ومن مهرجان البردوني في اليمن إلى مهرجان السلطان قابوس في سلطنة عمان. وحاز خلال مسيرته الإبداعية جوائز لا تُعد ودروعًا لا تُحصى، ليس لأنه سعى خلفها، بل لأنها سعت خلفه.هو عاشق فريد للأدب، لا يمتهن سواه، ولا يرى له بديلًا، يكتب بصدق القلوب المتعبة، ويصوغ نصوصه كما تُصاغ الموسيقى من شجن صامت. نصوصه لا تُقرأ بل تُعاش، تشبه النهر الذي "عشقته قدماه"، كما لو أن ذاكرته مغموسة بالطين والشمس والماء. ياسين خضر القيسي لا يحكي قصة الجيوب الفارغة فقط، بل يوثق الحلم حين يكافح من أجل أن يبقى حيًا في زمن الخراب.بعض الأدباء يشبهون الطيور، لكن القيسي وحده طائر لا يهاجر، لأنه اتخذ من الأدب وطنًا، ومن الكلمة مأوى، ومن العراق روحًا تكتب به ومنها يكتب. قاصٌّ مبدعٌ، وهادئٌ كنسمة نهر، لكنه حين يكتب، يجعل الحروف تنفجر بالحقيقة.فلتُرفع له الرايات لا لأنه يطلبها، بل لأنه استحقها؛ ولتُكتَب عنه المقالات لا لأنه يحب الظهور، بل لأن حضوره لا يُخفى. دمت مبدعًا عراقيًا، لا ينكسر، ولا ينثني، ولا يصطف مع من باعوا هوية الأدب بمال زائل. إنك باقٍ لأنك نقيّ، وإن النقاء لا يموت، بل يُورق كلما ظنوا أنه ذبل.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميرفت الخزاعي... فراشة السرد التي حلّقت من شط العرب إلى سماء ...
- بين قيدٍ وركام: المسرح العربي في متاهة الإحباط والفقدان .
- إيران ومضيق هرمز... حين تتدلّى يد الغريق فوق زر الحرب
- -فوردو تحت الجبل وتحت المطرقة: الضربة التي أطاحت بظل إيران ا ...
- -حين تهاوت قم من برج الطاووس... وانكسر قرن المجوس في مرآة ال ...
- حين استيقظَ الألمُ وبكى الخواء
- حين استيقظَ الألمُ وبكى الخواء .
- رماد الفتنة
- لا أحد يسمع الوجع
- -وطنٌ للبيع... من يشتري الذل-.
- على سفح التل… تُزهِرُ الحسرة وتُكمم الحقيقة.
- -الرگيّة التي فضحت نظام الحكم!-
- -سايكس بيكو الجديدة تحت توقيع ترامب... الشرق الأوسط يتهيأ لز ...
- -السماء تكتب بلون النار: مآلات الشرق في عصر الحرب الذكية-
- في حضرة العشيرة والطائفة: حين يتوارى الوطن خلف عباءة السلطة ...
- -حين صار عيد الصحافة مأتماً: من منابر الكلمة إلى مزامير الخر ...
- الوتر الذي أضاء العالم: موسيقى نصير شمة بين الحلم والدهشة .
- -الشرق الأوسط الجديد: رقصة الأفاعي على رماد الخراب-
- -وصار جلده رسالة-
- سقراط والديمقراطية العراقية: حين يُعدَم الوعي باسم الحرية


المزيد.....




- طيارو القاذفات B-2 -الشبح- يروون لـCNN كواليس عملياتهم: -تخت ...
- نائب ترامب عن ضرب إيران: -لا أحد يريد أن يمتلك أسوأ شعوب الع ...
- ترامب ردا على تقرير CNN: الغارات على إيران -من أنجح الضربات ...
- رغم وقف إطلاق النار مع إسرائيل.. أمريكا تراقب أي تهديدات من ...
- -نصران- في حرب واحدة: ما نعرف عن النتائج الأولية للمواجهة بي ...
- إيران لم تسقط وإسرائيل تجاهلت دروس التاريخ
- جيروزاليم بوست: محادثة صعبة بين ترامب ونتنياهو بشأن إيران
- تقييم مخابراتي أمريكي: الهجمات على المنشآت النووية الإيرانية ...
- 21 شهيدا في غارات إسرائيلية على غزة منذ فجر اليوم
- كيف يستثمر ترامب مديح الناتو لتكريس زعامته؟


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - ياسين خضر القيسي... طائر الإبداع ووجع الثقافة في زمن التبدّد.