أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - -حين تهاوت قم من برج الطاووس... وانكسر قرن المجوس في مرآة التاريخ-














المزيد.....

-حين تهاوت قم من برج الطاووس... وانكسر قرن المجوس في مرآة التاريخ-


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8381 - 2025 / 6 / 22 - 00:03
المحور: قضايا ثقافية
    


في ليلةٍ هادئة على غير عادتها، تهاوت الظلال السوداء التي كانت تُخيّم فوق رؤوسنا منذ قرون. لم يكن ذلك الحطام الذي نراه في الأفق بقايا معركة، بل كان صوت التاريخ وهو يُعيد نفسه، بعدما ضاق صدراً بأكاذيب حُبكت في بلاط الحقد الفارسي منذ أن رفع إسماعيل الصفوي راية الطائفية ولبّسها عباءة الدين، ومسخ بها رسالة محمد وعدالة علي وشجاعة عمر. ها هي إيران اليوم، بعد طول عربدةٍ في خرائطنا، تبدو كشيخٍ هرم، يتوكأ على عكازٍ مكسور اسمه "الولي الفقيه"، بينما جسده المثخن بالمكر، قد بدأ يتآكل من الداخل. لا طائرات تملأ سماءها، ولا دبابات تزرع الأرضَ ترهيبًا، ولا قادة يلوّحون بخطب الخداع وفتاوى الموت. إيران التي كانت تدّعي أنها عاصمة المقاومة، باتت الآن تستجدي الذراع من بغداد، وتستنجد بالظلّ في صنعاء وبيروت، علّها تطيل عمر الوهم ساعةً أخرى. ولكن الوهم لا يُبعث من رماده مرتين.في العاشر من آذار، عام 2023، عندما اجتمع شمخاني مع محمد بن سلمان في بكين، كانت الطاولة أكبر من مجرد اتفاق، كانت نعشًا مبطّنًا بالحرير يُهيّأ لدفن مشروعٍ استنزف المنطقة، وسرق طمأنينتها، وجرّح هوية الإسلام بحروف الطائفية. تلك اللحظة لم تكن سياسية فحسب، بل كانت تاريخًا يُحوّل وجهته، يُعيد إيران إلى حيث كانت: دولةً سنيةً قبل أن يتلاعب بها إسماعيل الصفوي، ويُعيد ترسيم عقيدتها بأظافرٍ من دم، وأقلامٍ من نار، وخرافاتٍ تسللت من كتب المجوس، وغُلفت بآياتٍ مُزورة. أتظن أن الدم الذي سال في بغداد وحلب وعدن لم يكتب قصته؟ بل كتبه، لكن بحبر الصبر العربي الذي انتظر طويلًا لحظة الانهيار. ذاك العربي الذي سُمي "مرتدًا" في إعلام قم حين طالب بحقه، وحين أنكر سجود الخنوع، وحين رفض أن يُدجَّن باسم "الثورة الإسلامية" التي لم تكن سوى قميص عثمان جديد يُرفع على سارية كلما أرادوا غزو دولة عربية.
إيران اليوم ليست ما كانت عليه في عصور الهيبة الصفوية. فذلك الحلم القديم قد تشقق. من الداخل: انتفاضات تتقد، جياع في الأهواز، صرخات في تبريز، عويل في كردستان إيران، والأغاني التي كانت تُغنّى للفقيه، باتت تُغنّى ضده. ومن الخارج: ذراعاها في العراق وسوريا ولبنان تُقطع واحدةً تلو الأخرى، والسماء التي كانت تعبرها طائراتها بلا حساب، باتت سماءً محرّمة، مغلقة، مشتعلة. ولعلّ التاريخ نفسه يعيد علينا بعضًا من دروسه القديمة. فها هي الدولة الساسانية، حين تكبّرت على العرب، بُعث إليها رجلٌ من تهامة اسمه عمر بن الخطاب، فهدم عرش كسرى، وساق أركانه إلى حيث لا يُسمع لهم صوت. لكنه يومها لم يُلغِ أهل فارس، بل فتح لهم باب الإسلام النقي، وترك لهم مذهبًا فيه من عدالة علي، وزهد عمر، وحنوّ أبي بكر، وصرامة خالد. لكنهم – وبعد قرون – ارتدّوا إلى مشروع كسرى برداء الحسين، ورفعوا راية الندب على آل البيت، ليُخدروا بها الشعوب، ويمرروا عبرها مشاريع الخديعة.واليوم، لا مكان لذلك القناع. انتهى زمن التورية. لا أحد يصدق أن “الحشد” يُقاتل لأجل زينب، ولا أن “أنصار الله” يحرسون قبر الحسين، ولا أن “الحرس الثوري” يصلي من أجل القدس. فقد صارت الأكاذيب عبئًا أثقل من أن يُحمل. وصار الدمُ الذي سال في شوارع النجف وحمص والموصل وعدن، حبرًا على وجوه الطغاة، لا يمحوه وضوءٌ ولا تقوى. لقد انتهى زمن إيران كدولة مركزية، وتحولت إلى كيانات تتصارع على جثة مشروع. سُحب البساط من تحت عمائمهم، وانهارت سرديات "الولي الفقيه" أمام صرخة شابة إيرانية سُحلت لأنها لم تغطّ شعرها، وانهار الحرس القديم حين رأى أن "الموت لأمريكا" لم تُطلق رصاصة واحدة في تل أبيب، بل أُطلقت على صدر المتظاهرين في الأحواز، وعلى ضلوع الأطفال في مضايا، وعلى وجه العراق.
اليوم، لا مجال للمزاح. التحالف الدولي، الذي طالما حوصر بالرغبة والتردد، قد فكّ قيوده. العرب الذين تناثروا في دويلات وشعارات، قد بدأت صحوتهم. الأرض التي كانت تُعطي من جوفها لعمائم قم، قد بدأت تُغلق بئرها، وتنثر بترولها لأبنائها. المخيمات التي كانت تُستخدم لتأليب الطوائف، باتت بيوتًا تُبنى من جديد للعودة. وهكذا، فإن السؤال لم يعد: هل تسقط إيران؟ بل متى تُكتب شهادة دفنها؟ وهل يعود الفرس كما كانوا؟ شعبًا له تراث، لكنه لا يتزيا برداء النبوة كذبًا، ولا يتحدث بلسان المهدي زورًا، ولا يُقايض حزن كربلاء بجغرافيا الحجاز والشام واليمن.قد يعود الفرس ذات يومٍ إلى رشدهم، حين تنتهي فترة السُكر المذهبي، ويُطهَّر العقل من أفيون الطائفية، ويُعيدوا قراءة تاريخهم من جديد. تاريخهم قبل أن يُسْلِموا على يد عمر، ويُعقلوا بالإسلام، ويصطفوا خلف عدالة علي، لا خلف الخرافة التي صاغها إسماعيل الصفوي ليبني مجدًا هشًّا على جماجم المسلمين. والأيام، لا تحابي. تلك الدولة التي حرّضت وموّلت وقتلت وسرقت وأوغلت في الطعن، لا تعود كما كانت. تعود دولةً محكومة بعقدة الذنب، أو مفككة إلى قومياتٍ لم تعد تصدق رواية العِرق الآري المقدّس. وتبقى الحقيقة الوحيدة: أنّ هذا العالم الإسلامي، الذي كاد أن يُجهز عليه الحقد الفارسي المستتر بعمائم الحسين، قد بدأ يستفيق. وأنّ الأمل الذي حاولوا دفنه في مقابر النجف ومرقد زينب، قد عاد حيًا في قلب العربي البسيط، الذي فهم أخيرًا أنَّ "العدو ليس دائمًا خارج الحدود". وأنّ "الخلاص لا يكون بالصمت، بل بقطع اليد التي تعبث بالخريطة". وها قد قُطعت.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين استيقظَ الألمُ وبكى الخواء
- حين استيقظَ الألمُ وبكى الخواء .
- رماد الفتنة
- لا أحد يسمع الوجع
- -وطنٌ للبيع... من يشتري الذل-.
- على سفح التل… تُزهِرُ الحسرة وتُكمم الحقيقة.
- -الرگيّة التي فضحت نظام الحكم!-
- -سايكس بيكو الجديدة تحت توقيع ترامب... الشرق الأوسط يتهيأ لز ...
- -السماء تكتب بلون النار: مآلات الشرق في عصر الحرب الذكية-
- في حضرة العشيرة والطائفة: حين يتوارى الوطن خلف عباءة السلطة ...
- -حين صار عيد الصحافة مأتماً: من منابر الكلمة إلى مزامير الخر ...
- الوتر الذي أضاء العالم: موسيقى نصير شمة بين الحلم والدهشة .
- -الشرق الأوسط الجديد: رقصة الأفاعي على رماد الخراب-
- -وصار جلده رسالة-
- سقراط والديمقراطية العراقية: حين يُعدَم الوعي باسم الحرية
- قيامة الفجر... حين سقطت الجمهورية إلى حضن الغياب.
- من فيصل إلى فوضى.. ومن أتاتورك إلى أتاتوركية!
- -حكاية الحنفيش ومجزرة الذاكرة الانتقائية-
- -حينَ صارَ العيدُ مأتماً في الحويجة-
- دمعةُ الغبار


المزيد.....




- فوردو ونطنز وأصفهان.. الخطاب الكامل لترامب بعد الضربات الأمر ...
- أول حالة معروفة لاستخدام هذه القنبلة.. إليك ما نعلمه عن تفاص ...
- تحديث مباشر.. أمريكا -دمرت تماما- منشآت إيران وطهران ترد بأو ...
- قرب منشأة فوردو الإيرانية.. ناسا تلتقط إشارة حرارية الأحد
- قبل نحو 48 ساعة من ضربة أمريكا.. صور فضائية تكشف تحركات إيرا ...
- -هجوم وحشي-.. إيران تدين الضربات الأمريكية على المواقع النوو ...
- إسرائيل.. -دمار واسع النطاق- بعد هجوم صاروخي إيراني وهذا عدد ...
- 25 ألف طائرة ورقية تزيّن سماء جزيرة فانو الدنماركية
- دمى عملاقة تجوب العالم في رحلة فنيّة ضد تغير المناخ
- ترامب يعلن شن ضربات -دمرت بشكل تام وكامل- مواقع نووية إيراني ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - -حين تهاوت قم من برج الطاووس... وانكسر قرن المجوس في مرآة التاريخ-