أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - من فيصل إلى فوضى.. ومن أتاتورك إلى أتاتوركية!














المزيد.....

من فيصل إلى فوضى.. ومن أتاتورك إلى أتاتوركية!


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8372 - 2025 / 6 / 13 - 11:38
المحور: قضايا ثقافية
    


في مصادفة تبدو من عجائب الأقدار، ولد جلالة الملك فيصل الأول، مؤسس الدولة العراقية الحديثة، في العشرين من أيار عام 1883، أي بعد يوم وسنتين فقط من ولادة مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية الحديثة، الذي أبصر النور في 19 أيار 1881. لكن رغم تقارب التواريخ، كانت المسارات مختلفة تمامًا، كأن الزمن أراد أن يُجري تجربة مختبرية بين رجلين من ذات الجيل، يملكان ذات الطموح، فتبنّت دولةٌ أحدهما كدين، وتخلّت الأخرى عن مؤسسها وكأنه عابر سبيل!نظرة واحدة إلى تركيا اليوم تكفي لترى بصمة أتاتورك في كل حجر ومؤسسة. اسمه مذكور في الدستور، فكره محفوظ في المناهج، تمثاله يلوح في الساحات، وصورته في قلوب الأتراك قبل الجدران. لقد صنعوا من ذكراه لحمة وطنية، ومن مبادئه قاعدة بناء لا تزال تسند الجمهورية رغم الزلازل، الحقيقية والسياسية على حد سواء. حتى وهو ميت، يقفون دقيقة صمت احترامًا له، بينما نحن في العراق لا نقف إلا في طوابير البنزين، وصفوف الخبز، وطوابير "الفايلات" المهترئة.أما فيصل الأول، الملك الذي جاء لا بموكب احتلال بل بعقل دولة، فُقِدَ اسمه في زوابع الطوائف، وتآكل تمثاله تحت مطارق الخلافات، وامّحى فكره من فوق مناهج غسلت عقول أجيال كاملة بأحبار الجهل والتجهيل. الرجل الذي أراد أن يكون العراق "دولة قومية موحدة"، وجد خلفه بلادًا "متعددة الولاءات موحدة بالكراهية"، دولة لا تتفق إلا على اللااتفاق، ولا تلتقي إلا عند حافة الانهيار.أتاتورك رسم لتركيا علمانيتها بقلم صلب، فنهضت من أنقاض الإمبراطورية العثمانية لتصبح لاعبًا إقليميًا. نعم، تغيّرت حكوماتها، تعاقبت أنظمتها، لكن ظلّ "الأب المؤسس" هو المرجع. أما فيصل الأول، فرُجِمَ بعد موته، لأن فكر الدولة لا يروق لتُجّار الخراب، ولأن الحديث عن "الهوية العراقية" بات ترفًا فكريًا في زمن توزع فيه الولاء بين حدود الخارج والداخل المسلوب.الأتراك لم يخونوا وصايا مؤسسهم، بينما نحن خُنّا فيصل مرتين: مرةً حين أسقطنا فكر الدولة، ومرةً حين رفعنا رايات الانقسام باسمه. هل من أحد يتذكر كيف كان الرجل يحلم بتعليم موحد، بقضاء عادل، بجيش وطني؟! وهل من ذاكرة عراقية جماعية تحفظ عبارته الشهيرة: "في اعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد، بل تكتلات بشرية خالية من أي فكرة وطنية، مشبعة بتقاليد دينية..."؟! لقد قالها الملك منذ قرن، وكأنّه يتنبأ بمنصات اليوم، ومهرجانات الغنيمة، وحفلات جلد الهوية الوطنية،الفرق بيننا وبين تركيا ليس مجرد فرق في الميلاد بسنتين ويوم، بل فرق في الوفاء، في البوصلة، في احترام التأسيس. الأتراك حملوا جمهوريتهم على أكتاف التاريخ، ونحن حملنا جمهوريتنا إلى المقابر، وكتبنا على قبرها: "هنا يرقد مشروع الدولة الذي خنقناه بمراسيم الطائفية ومراثي الفساد".في ذكرى ولادة فيصل الأول، لا نملك إلا أن نعتذر له.. بصمت. لأن الصوت في العراق إما مكمم، أو مشغول بلعن الجوار، أو منهمك في احتساب حصة الطائفة والمكوّن في كعكة الدولة، التي لم تعد دولة، بل صينية تمرّ تمرّ بين الأيدي.أما أتاتورك، فلا يحتاج لاعتذار. لقد أخذته بلاده بجدّية، وسارت على طريقه، حتى وإن اختلفوا معه في التفاصيل، لم يختلفوا على المبدأ: "الدولة أولًا". أما نحن، فربما كنا نحتاج فيصلًا آخر، لكن المشكلة أن البلاد لم تعد صالحة حتى لاستقبال فيصل واحد



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -حكاية الحنفيش ومجزرة الذاكرة الانتقائية-
- -حينَ صارَ العيدُ مأتماً في الحويجة-
- دمعةُ الغبار
- -الهلال الملوث: كيف صدّرت إيران ثورتها من خيوط العمامة إلى ج ...
- حين مزّق كسرى الرسالة: سُقوطُ العرشِ وتوريثُ الحقد — من تمزي ...
- -من الرقص على التكتك إلى السقوط من رفوف الوعي-
- لماذا بنو أميّة تحديدًا.
- -ديمقراطية على ضوء القمامة.. وحبر الانتخاب في يد السنونو!-
- -منفى الرمق الأخير-
- هاتف الثلج.. الناطق بلسان وطن لا بلسان سلطان.
- -ضباب لم يأتِ-
- السرير الكَمّي: بين وهج الوعد الكوني وسكون الحقيقة العلمية-
- -الجيب العراقي... الحبل السري لاقتصاد طهران-
- العيد الذي غادرني
- بهرز… حين يصير النسيم تاريخًا ناطقًا بحضارة الألف عمر.
- كردستان... حيث يولد السلام من رحم الجمال
- حين تبتلع الأرض أبناءها... دجل الوطن وضياع القضايا-
- -اللص الشريف... عضو البرلمان الموقّر-
- كهنة الخراب: حين يتوضأ النفاق بدموع الفقراء
- ذي قار… نشيد الزقورة، ملحمة الرجولة، ووهج الأهوار


المزيد.....




- إسرائيل تعلن عن أول وفاة جراء الهجوم الإيراني
- إصابة نائب تركي باعتداءات على نشطاء -قافلة الصمود- في مصر
- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجارات في طهران.. واشتعال ني ...
- مسؤول إيراني لـCNN: سنستهدف قواعد أي دولة ستدافع عن إسرائيل ...
- شاهد.. دمار واسع في تل أبيب خلفه الهجوم الإيراني
- -التايمز-: إسرائيل لم تبلغ بريطانيا بنيتها ضرب إيران لأنها ل ...
- خبير طاقة مصري يكشف أسوأ سيناريو بعد الضربة الإسرائيلية للمن ...
- الحرس الثوري الإيراني: الضربات الصاروخية استهدفت 150 موقعا إ ...
- خبير عسكري مصري يكشف سبب قوة تأثير صواريخ إيران فرط الصوتية ...
- وزير خارجية الإمارات يجري اتصالات موسعة مع عدة دول لتجنب الت ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - من فيصل إلى فوضى.. ومن أتاتورك إلى أتاتوركية!