أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - كردستان... حيث يولد السلام من رحم الجمال














المزيد.....

كردستان... حيث يولد السلام من رحم الجمال


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8364 - 2025 / 6 / 5 - 08:19
المحور: قضايا ثقافية
    


ما من أرض مرّت عليها خطى الجمال إلّا وازدهرت... وما من وطن حضن أبناءه بكل أطيافهم إلا وصار بيتًا يُستجار به من وجع الوطن الكبير. هناك، في الشمال الذي لطالما كان ضوءًا في آخر النفق، تقف كردستان، لا كرقعة على الخريطة، بل كحكاية استثنائية في تاريخ العراق المنهك. تلك الأرض الموشّحة بالشلالات، والمضمّخة بعبق الورد والثلج، هي نفسها التي فتحت ذراعيها لاحتضان أبناء الجنوب والغرب والوسط، من بغداد وديالى، إلى الأنبار وصلاح الدين، يوم ضاق بهم الوطن، يوم تقاسمت السلطات في بغداد الظلم بدل العدل، والقمع بدل الكرامة.ندخلها من بوابات أربيل، فنحس أنّ المدن يمكن أن تبتسم، وأنّ الأرصفة لا يجب أن تكون أوكارًا للحفر والقمامة، بل مسارات حضارية تعبُرها أحلام الناس بكرامة. في كردستان، الشوارع نظيفة، الأرصفة مرصوفة، والماء لا يُقتطع عن الفقراء لأسباب سياسية. ومن بين جبالها التي تشبه صدر الأم، تنزل علينا الراحة كغيمة بردٍ هانئة، تنسينا قيظ الإقصاء والحرمان.
هناك، في دوائر الدولة، لا يتعامل الموظف معك وكأنك خصم... بل يستقبلك كأنك أحد أهله. يجلس الكردي خلف طاولته وهو يعلم أن المظلوم ليس له هوية، وأن من نزح من الفلوجة أو من الموصل أو من بغداد أو ديالى أو الرمادي أو الكوت يحمل في قلبه ذات الألم. فهل ثمة أجمل من شعبٍ تَعلَّم أن السلام لا يُفرض بالقوة بل يُمنح بالمحبة؟هكذا كانت كردستان، ولا تزال، شراعًا لنا حين مزّقتنا العواصف. كانت بيتًا ثانيًا، أو قل كانت الوطن الذي سقط من حقيبة السفر يوم فقدنا خرائطنا وتبعثرت البوصلة. كنا نحمل حقائب الألم، فتفتح لنا تلك الأرض أبوابها من غير سؤالات. لا يسألك شرطي عن مذهبك، ولا يسألك موظف عن عشيرتك، ولا يسألك جار عن سبب وجودك... يكفي أنك إنسان لتُعامل بإنسانية، وتلك، يا صديقي، قمة الحضارة.ومن بين تلك الجبال الخضراء، ومن عمق تراثٍ ضاربٍ في الحكمة، يخرج رجل لا يُشبه زعماء الكراسي المزيفة، رجل يقف على الضد من فوضى السياسة الطائفية، اسمه مسعود بارزاني، ذاك الذي حمل على كتفيه عبء السنين وبقي واقفًا، حليمًا، متأملاً طريق السلام. لم يفتح كردستان لحرب، بل فتحها لأمل. لم يراهن على البندقية، بل راهن على الشراكة والتعايش. قالها مرارًا: "كردستان ليست للأكراد فقط، بل لكل العراقيين الشرفاء الذين ضاق بهم الخناق".هذا القائد لم يعمّر الجبال فحسب، بل عمّر النفوس. وضع خطة للتعليم، للثقافة، للبناء. تحدّث عن التعليم لا كمجرد مدرسة، بل كمصنعٍ لأجيال تؤمن بالحياة. قالها في خطاب له: "ننفذ إصلاحات جذرية في قطاع التربية لبناء نظام تعليمي شفاف ومسؤول، مع تركيز خاص على جودة التعليم منذ المراحل الابتدائية وحتى التعليم العالي، وغرس ثقافة التعليم المستمر".وفي الوقت الذي كانت فيه محافظاتنا تُسحق بالصراعات السياسية وتُستباح فيها البنى التحتية، كانت كردستان تتقدّم وفق مفهوم حقيقي للحكومة: خدمات، أمن، رعاية. طرقات مُعبّدة، مستشفيات تُدار بالكفاءة، دوائر لا ترتهن للمزاج السياسي. كل شيء هناك يشبه الحلم الذي تمنّيناه يوم كنّا نكتب مقترحاتنا في دفاتر المدرسة الابتدائية، قبل أن تسرق الحكومات فصول أحلامنا.لكن كردستان لم تكن حلمًا جامدًا، بل واقعًا حيًّا. استقبلتنا في مدنها، زوّدتنا بالكرامة، حرصت على أن نبقى أحياء لا لاجئين، أناسًا لا أرقامًا في سجلات الإغاثة. لم توزّع الخبز فقط، بل وزّعت الثقة.نحن أبناء المناطق الغربية والوسطى، من الأنبار وصلاح الدين والموصل وبغداد وديالى، نحمل دينًا ثقيلًا في أعناقنا لكردستان ولرئيسها ولشعبها، دينًا لا يُرد بالكلمات، بل يُرد بالمحبة والاعتراف بالجميل.
كردستان... يا رئة العراق الثانية، ويا ملاذ الروح، لقد أثبتِ أن الوحدة لا تكون بخطابات الجدران بل بالأفعال. أثبتِ أن السلام ليس ضعفًا بل شجاعة، وأن الإنسان حين يُعطى حقه، يثمر جمالًا لا قنابل.يا كردستان، يا بُرج الأمل العالي... تبقين الجبل الذي لم ينحنِ لرياح الكراهية، والنبع الذي ارتوينا منه حين جفّت أنهارنا. ومهما كتبنا فيك، فلن نوفيك حقّك، فأنت الحكاية الجميلة التي يجب أن تُروى... وتُروى... وتُروى.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تبتلع الأرض أبناءها... دجل الوطن وضياع القضايا-
- -اللص الشريف... عضو البرلمان الموقّر-
- كهنة الخراب: حين يتوضأ النفاق بدموع الفقراء
- ذي قار… نشيد الزقورة، ملحمة الرجولة، ووهج الأهوار
- العباءة السوداء التي تخنق النيل: التغلغل الصفوي في مصر وخطره ...
- صرخة لوط في ليل الضياع: عبرة لمن غابت رجولته وتنكرت فطرته.
- العراق بين قبضة الطغاة ووهج الثورة: صحوة الوعي وميلاد الغضب ...
- -فضائيات بلا أفق... مذيعون من كوكب التملق... وبرامج للبيع في ...
- -حين يقاتل الحالمون: كيف يغيّر الإبداع مصير العالم رغم الثعا ...
- وجعٌ يشبهك
- في زمن العري والسفاهة... حين صار العرض بضاعة في سوق النخاسة ...
- البصرة: قصيدة الجنوب التي لا تنتهي
- سيرة -رجل من خيال الزمان... في دروب الحرف ومرافئ الروح-
- -أمل دنقل... نايُ الجنوب الذي عزف للكرامة على وتر الوجع-
- رحلة في جحيم -1984- حيث الحبر دم والحرية وهم.
- حين يتعطر الوجع بالورد
- -حين أكل الأمير لحم جسده.. أكل الملوك كرامتهم: صرخة في زمن ا ...


المزيد.....




- ترامب يكشف إن كان يستحدث مع إيلون ماسك بعد تفجر خلافاتهما
- جدل كبير في سوريا بسبب سجادة الشرع خلال صلاة العيد.. ما القص ...
- بعد سنوات من الانتظار.. ديفيد بيكهام على مشارف نيل لقب -فارس ...
- نتنياهو يقرّ بتسليح جماعات معارضة لحماس اتُّهمت بنهب المساعد ...
- مسيرة إسرائيلية تلقي قنبلة صوتية على منزل في كفركلا في جنوب ...
- روسيا ووكالة الطاقة الذرية يعقدان اجتماعا طارئا حول سلامة مح ...
- لقطات من RT تفضح جرائم نظام كييف بحضور مصر ودول أوروبية
- الشرع يزور درعا وسط استقبال شعبي ورسمي واستنفار أمني (صور + ...
- سيناتور روسي يقدم عرضا لماسك على غرار ما حدث مع سنودن
- الوكالة الدولية للطاقة الذرية: إعادة تشغيل محطة زابوروجيه ال ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - كردستان... حيث يولد السلام من رحم الجمال