أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - العراق بين قبضة الطغاة ووهج الثورة: صحوة الوعي وميلاد الغضب .














المزيد.....

العراق بين قبضة الطغاة ووهج الثورة: صحوة الوعي وميلاد الغضب .


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8360 - 2025 / 6 / 1 - 03:09
المحور: قضايا ثقافية
    


العراق بين قبضة الطغاة ووهج الثورة: صحوة الوعي وميلاد الغضب
في وطنٍ اغتصبوا كل شيء فيه، حتى الهواء الذي يتنفسه أبناؤه بات ملوثًا بطقوس العبودية والانتماء الأعمى لغير ترابه، في وطنٍ فقد ملامحه تحت وطأة شعارات كاذبة ترفع رايات الدين وما هي إلا ستارٌ لانتهاك الأرض والعرض، لم يعد هنالك متسع للسكوت، ولا مكانٌ للصمت، فالصبر نفسه تعب وانحنى ظهره من ثقل الانتظار، والعراق الذي كان يُسمى يومًا بلاد الرافدين، صار نهرًا ملوثًا بمخلفات الأحزاب، وسهلًا محتلًا بقطعان الميليشيات، وساحةً مرهونةً لإرادات خارجية لا ترى في العراق سوى سوقًا للموت، ومستودعًا للخرافة، ومنصةً لتصدير الخراب.
هنا حيث صار الوطن ضحيةً لرغبات الغرباء، الذين لا يرون فيه سوى ساحة تصفية حسابات، وحين أصبح أبناؤه وقودًا لحروبٍ لا ناقة لهم فيها ولا جمل، نشأت إرادة جديدة، إرادة لا تُشترى ولا تُباع، إرادة تشكلت من جراحٍ غائرة، ومن صرخاتٍ مكبوتة، ومن دماءٍ سالت على الأرصفة وفي الساحات، إرادة لا تعرف الخوف، ولا تركع أمام أصنام السياسة المتهالكة، إرادة شبابٍ قرروا أن لا وطن إلا للعراق، وأن الكرامة لا تُمنح، بل تُنتزع، وأن الحرية لا تُطلب صدقةً، بل تُنتزع انتزاعًا من بين مخالب القتلة وأنياب الطغاة.
جيلٌ كامل ولد من رحم المعاناة، جيل سمع عن السيادة في كتب التاريخ ولم يرها، جيل عرف معنى الوطن في الأغاني والأشعار فقط، لكنه اليوم يريد أن يعيش هذا المعنى واقعًا، يريد أن يستعيد العراق من أيدي من سرقوه باسم الدين، ومن شوهوا صورته تحت عباءة الشعارات الجوفاء، جيل أدرك أن الدين الذي يُستخدم لتبرير القتل ليس دينًا، وأن الطائفة التي تُرفع فوق الوطن ليست إلا خيانة، وأن السلاح الذي يُشهر في وجه الشعب هو سلاح مرتزقة، لا سلاح أبطال.
هذا الجيل لا يسأل عن وظيفة في دائرةٍ مترهلة، ولا عن منصب في حزبٍ متهالك، بل يسأل: أين وطني؟ أين حلم أجدادي الذي ذُبح على أعتاب الخيانة؟ أين خيرات العراق التي بُددت في أسواق النفاق؟ أين السيادة التي تُباع في مزادات الولاء لدول الجوار؟
هم يعرفون تمامًا أن هناك من يريد لهذا البلد أن يبقى خاضعًا، ذليلًا، مرهونًا لإرادة ولاية الفقيه، محاصرًا بمليشيات الولاء الأعمى، مُقيدًا بسلاسل الطائفية والمذهبية، هؤلاء الذين لا يستطيعون العيش إلا عبيدًا لفكرةٍ دخيلة، يعبدونها كما يعبدون أوهامهم، أولئك الذين يعتقدون أن لا وطن إلا تابعًا لإيران، ولا سيادة إلا في حضنها، هؤلاء الذين باعوا ضميرهم في سوق النخاسة السياسية، وسلموا رقاب الشعب لمشروعٍ ظلامي لا يعرف إلا الخراب.
لكن العراق ليس ملكًا لهم، ولا أرضًا تورثها مجالس العزاء، ولا غنيمةً توزعها الغزوات الحزبية، العراق ملكٌ لأبنائه، للذين ولدوا في أزقته الفقيرة، وعاشوا على ترابه، وشربوا من دجلة والفرات، العراق ملكٌ للذين يحلمون بمستقبلٍ لا تشوبه خرافات السياسة ولا صفقات الدم، العراق لا يُحكم بالشعارات، ولا يُدار بقرارات تُكتب في طهران وتُقرأ في بغداد، العراق يُحكم بإرادة شعبه، هذا الشعب الذي لم يعد يؤمن بالخطب الرنانة، ولا بخزعبلات الطائفة، ولا بفتاوى الموت.
الوعي يتنامى في الشوارع، بين جدران البيوت، في عيون الأمهات اللواتي يربين أبناءهن على حب العراق، لا حب الموت في سبيل طاغية، الوعي يتمدد في الجامعات، في المقاهي، في ساحات التظاهر، في القلوب التي تعبت من الخذلان، الوعي الذي لا يمكن قمعه برصاصة، ولا يمكن سحقه بخطاب ديني مشوه، الوعي الذي يعرف أن كل يوم تأخير في الثورة هو خسارة جديدة، وأن السكوت يعني موتًا بطيئًا، وأن من يبيع وطنه مرةً لا يستحق فرصةً ثانية، الوعي الذي يقول: لا نريد وطنًا ممزقًا، ولا وطناً تابعًا، نريد عراقًا سيدًا، حرًا، قويًا، كما كان يجب أن يكون.
الميليشيات ستقف أمام هذا الوعي، ستطلق الرصاص، ستعتقل الأحرار، ستملأ السجون بالشباب، لكنها لن تستطيع أن تسجن فكرة، ولن تتمكن من قتل حلم، ولن تقدر أن تُوقف ثورة إذا اشتعلت، لأن الثورات لا تُقاس بعدد البنادق، بل بعدد القلوب التي قررت أن لا تعود إلى القهر، ولا ترضى بالذل، العراق اليوم يقف على أعتاب زمن جديد، زمن لا مكان فيه للخونة، ولا للجبناء، ولا للمرتزقة، زمن لا يعترف إلا بالدم النقي الذي يُسقى لأجل الحرية، ولا يرفع إلا راية واحدة: العراق أولاً، وأخيرًا، ودائمًا.
الوعي هو سلاحهم، والإيمان بوطنهم هو درعهم، والصبر الطويل الذي صار صبرًا مسلحًا هو قوتهم، ومقومات الثورة اليوم ليست فكرة، بل واقعٌ يتبلور يومًا بعد يوم، واللحظة التي ينتظرها العراقيون قادمة، لحظة الحساب، لحظة الثأر للكرامة، لحظة إسقاط الطغاة واللصوص والمجرمين، لحظة استعادة الوطن من بين أنياب الذئاب، لأن العراق لا يموت، والشعب الذي عرف الظلم لن يقبل به أبدًا، والشباب الذين كبروا في زمن الخيانات لن ينسوا، ولن يغفروا، ولن يتراجعوا، مهما كلفهم الأمر، لأنهم ببساطة يعرفون أن لا حياة لهم إلا في وطن حر، وأن لا كرامة لهم إلا في عراقهم الذي يُحكم بإرادة الشعب، لا بأوامر القتلة.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -فضائيات بلا أفق... مذيعون من كوكب التملق... وبرامج للبيع في ...
- -حين يقاتل الحالمون: كيف يغيّر الإبداع مصير العالم رغم الثعا ...
- وجعٌ يشبهك
- في زمن العري والسفاهة... حين صار العرض بضاعة في سوق النخاسة ...
- البصرة: قصيدة الجنوب التي لا تنتهي
- سيرة -رجل من خيال الزمان... في دروب الحرف ومرافئ الروح-
- -أمل دنقل... نايُ الجنوب الذي عزف للكرامة على وتر الوجع-
- رحلة في جحيم -1984- حيث الحبر دم والحرية وهم.
- حين يتعطر الوجع بالورد
- -حين أكل الأمير لحم جسده.. أكل الملوك كرامتهم: صرخة في زمن ا ...


المزيد.....




- بالخرائط.. خطة إسرائيل -لغزو- غزة لا تترك للفلسطينيين سوى مك ...
- -لقمة مغمّسة بالدم-.. نهاية مأساوية لرحلة البحث عن الطعام في ...
- بولندا: فوز القومي المشكك في أوروبا كارول ناوروكي في الانتخا ...
- -تيك توك- في مرمى العلم: أكثر من نصف نصائح الصحة النفسية مُ ...
- الدفاع الروسية: إسقاط صاروخين -ستورم شادو- بريطانيي الصنع خل ...
- روسيا.. طائرات مسيرة تستهدف مقاطعة إيركوتسك
- موسكو.. علاج شامل لطفل تعرض لإصابة نتيجة حادث في مقاطعة بريا ...
- الوفد الأوكراني يلتقي في اسطنبول مع ممثلين أوروبيين قبيل الم ...
- ألمانيا.. 11 رجل إطفاء وسيارتا إسعاف لإنقاذ رجل يبحث عن سماع ...
- -فتنة أموال الدجوي في مصر-.. كاتب مصري يكشف أسرارا حول انتحا ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - العراق بين قبضة الطغاة ووهج الثورة: صحوة الوعي وميلاد الغضب .