أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - سيرة -رجل من خيال الزمان... في دروب الحرف ومرافئ الروح-














المزيد.....

سيرة -رجل من خيال الزمان... في دروب الحرف ومرافئ الروح-


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8357 - 2025 / 5 / 29 - 08:15
المحور: قضايا ثقافية
    


في قرية صغيرة تنام بين أحضان تلّ الأسمر في بزايز خريسان، كان بيت الطين يخبئ بين جدرانه سرًّا لا يُعرف إلا في حكايا الجدة، تلك التي كانت تغزل خيوط الخيال بين أناملها وتجعل من النار الموقدة مصباحًا للعقل، ومن القصص نافذةً على عالمٍ أبعد من الأفق. هناك، في ذلك البيت، وُلد حامد عبد محمد الضبياني عام 1968، جاء إلى الدنيا كحرفٍ ولد من رحم الحقول، وكنغمةٍ انبثقت من شقوق الأرض المتعبة.
في المضيف، حيث تنبعث رائحة القهوة ودفء الكلمات، بدأ حامد يسمع أولى تعاليم الأدب، كان أبوه عبد محمد وجده شيخ الحكايات، يرسمان له ملامح العالم بكلمات متوهجة، وكان يسترق السمع إلى تلك القصص التي تحط على سطوح الذاكرة كطيور مهاجرة... هناك، حيث استلقى التاريخ، تحت ظل أشجار اشنونا، كان الطفل يستحضر أجداده الذين مرّوا من هنا ذات يوم، ليتركوا له ميراث الحرف والقصيدة.
مرت الأيام، وكبر الصبي، وسلك دروب المدارس، حتى بلغ الإعدادية، ثم طرق أبواب المعاهد التقنية، لكنه سرعان ما اكتشف أن للخيبة مكانًا بين أروقة التعليم، فالوظائف لا تعرف للشهادات قيمة، والإحباط كان جدارًا شاهقًا يقف بينه وبين حلمه... لكنه لم ينكسر، بل مضى يبحث عن نفسه بين أزقة الفن، حتى قادته قدماه إلى "فرقة أضواء شباب بعقوبة"، وهناك التقى بالمخرج الدكتور إبراهيم النعمة، فكان المسرح هو الميناء الأول، لكنه لم يكن الأخير.
ترك المسرح كما يُترك العاشق في منتصف الليل، ومضى إلى الشعر، فانضم إلى جمعية الشعراء الشعبيين في ديالى، وهناك بدأت الرحلة الحقيقية، رحلة الكلمات التي تشبه دموع الأرض حين تمطر حنينًا. في تلك الجمعية، التقى بمعلمه وأستاذه وأب روحه، الكاتب والإذاعي الكبير سعدون شفيق سعيد، الذي وضع يده على قلبه وقال: "هنا ينبض الشعر، وهنا يولد الحرف". ووسط كوكبة من الشعراء، من جاسم الحنود إلى الوسيم أيوب العبيدي، ومن إبراهيم رمضان إلى الشهيد حيدر الحسيني، تشكّلت ملامح حامد الشاعر، وكان محمود معود الغزي هو القنطرة التي عبر عليها إلى عالم القصيدة.
كان الشعر معبره إلى الحقول الأخرى، فحمل الكلمة على أكتافه، وسافر بها إلى محافل العالم، من ديالى إلى المغرب، ومن كوسوفو إلى ألمانيا، ومن الفلبين إلى إيطاليا، تتردد قصائده في المجلات والصحف، وتسطع اسمه في المهرجانات والملتقيات. كان شاعر الحب والسلام، وراهب الكلمات، وملك الإعلام في ساحات الحرف، أما الجزائر فقد منحته لقب "أرض الحب"، ولبنان ناداه بـ"راهب الحب"، والمغرب توّجه بـ"ملك الكلمة الإعلامية".
كتب دواوينه كما يكتب الفلاح أغنية على شفة الريح...
"يا صاحبة الجلالة" كانت صرخته الأولى، طبعت في ديالى،
"صرخة حب" نسجت غلافها في سويسرا وولدت في الجزائر،
"أرض الحب" تركت بصمتها في الدار الجزائرية أيضًا،
و"بنت السياب"، و"أوراق حب ميتة"، و"جرح شامخ"، كانت تلك الدواوين التي لا تزال تنتظر أن تولد بين دفتي كتاب.
في دروب الصحافة، كان صوته عاليًا كهدير النهر، كتب في عشرات الصحف: القادسية، الجمهورية، الدستور، المصير، الشرق العراقية، وأسس وكالات إعلامية كانت نوافذ للثقافة والفن، من وكالة بلالاما إلى وكالة أدد الدولية، وكان له في "صوت الأحرار" مكان، وفي "أوراق ثقافية" عرش، وفي "الصباح" و"الصباح الجديد" سطر آخر من قصيدته الكبرى.
لم يكن مجرد شاعر وصحفي، بل كان مزارعًا يزرع بذور الثقافة في حقول العالم، أسس مجلة "صدى الثقافة"، ورأس تحريرها، وأطلق مشروع التعاون الثقافي بين العراق وإيطاليا، الذي أثمر عن "جسور الأدب العالمية" مع الأديبة أنجيلا كوستا. كُتب عنه في المغرب والجزائر وكوسوفو وألبانيا وألمانيا وتركيا... حتى النرويج، حتى طاجيكستان، حتى بنغلاديش... اسمه كان يطوف فوق خرائط الدنيا كغيمة محملة بالأمل.
نال التاج الذهبي للتراث في مانيلا عام 2024، واختير بين أفضل عشرين صحفيًا دوليًا في قارة آسيا، وحصد الجوائز والألقاب كما تحصد الأرض ثمارها بعد طول انتظار... كان صوتًا للمحرومين، ووجدانًا للمتعبين، وصرخةً للمظلومين، وسفيرًا للحب والسلام في عالم لا يعرف الحب إلا كحكاية عابرة.
أما اليوم، فما زال في قلبه ذلك الطفل الذي كان يجلس قرب الجدة ليستمع إلى حكاياتها، وما زال يحمل قلمًا يشبه المدى، يكتب عن الحنين، عن الوطن، عن الحب، عن الأرض، عن الإنسان... وما زالت قصائده تضيء كالنور، وما زال اسمه محفورًا في الذاكرة كأغنية لا تُنسى، وكوطن لا يغيب.هكذا هو حامد عبد محمد الضبياني... شاعرٌ، صحفيٌ، عاشقٌ، ومُعلّمُ حروف...
رجل من خيال الزمان... يحمل في يده القلم، وفي عينيه الحلم، وفي قلبه العراق.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -أمل دنقل... نايُ الجنوب الذي عزف للكرامة على وتر الوجع-
- رحلة في جحيم -1984- حيث الحبر دم والحرية وهم.
- حين يتعطر الوجع بالورد
- -حين أكل الأمير لحم جسده.. أكل الملوك كرامتهم: صرخة في زمن ا ...


المزيد.....




- سلاح حزب الله يشعل السجال مع حكومة لبنان
- -مؤسسة غزة الإنسانية- تحت المجهر الإسرائيلي.. من يُموّلها؟ ...
- نيبينزيا: قادرون على القتال إلى ما لا نهاية.. وأهدافنا سنحقق ...
- في واقعة مثيرة.. أهالي قرية مصرية يهدمون -وكر مخدرات- ويضرمو ...
- العراق.. ضبط كميات كبيرة من الحقن المخدرة
- ماكرون: على أوروبا وآسيا العمل معا لتحقيق الاستقلال الاسترات ...
- مقتل داعية فلسطيني شهير وأفراد من عائلته بقصف إسرائيلي طال خ ...
- وزير الخارجية الألماني يرجح انتهاء الصراع في أوكرانيا عبر ال ...
- الجيش النيجيري يعلن القضاء على 60 مسلحا على الأقل
- برشلونة الإسبانية تعلن رسميا قطع علاقاتها المؤسسية مع إسرائي ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - سيرة -رجل من خيال الزمان... في دروب الحرف ومرافئ الروح-