أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - -الشرق الأوسط الجديد: رقصة الأفاعي على رماد الخراب-














المزيد.....

-الشرق الأوسط الجديد: رقصة الأفاعي على رماد الخراب-


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8374 - 2025 / 6 / 15 - 04:20
المحور: قضايا ثقافية
    


في موسم الحروب الذي لا ينتهي، عاد الشرق الأوسط ليرتدي بزّته العسكرية، ويخرج من بيته القديم محمولًا على أكتاف التصريحات، مزركشًا برايات الوعيد والدموع المعلبة في نشرات الأخبار. ها هي الحرب تُطبخ على نار تكنولوجيا الفناء، وتُقدّم ساخنة على موائد السياسة الدولية، بينما الطهاة يتزاحمون خلف الكواليس: أمريكا تلوّح بالملاعق النووية، إسرائيل توزّع القصف مجانًا كعينات دعائية، وفرنسا تحاول أن تضع لمستها العطرية على المشهد الدموي، بينما بريطانيا، كعادتها، لا تطبخ ولكنها توزع الوصفات وتبيع الخريطة مع ملعقة الطيران.
أما إيران، فقد خرجت من خلف الستار المسرحي تتحدث بلسان منتفخ وكأنها ما زالت تحتفظ بشيء من سماد القوة، فتلوّح بإغلاق مضيق هرمز وكأنها تسدّ باب السماء على العالم. لكنها تنسى، أو تتناسى، أن المضيق ذاته صار مثل أبواب أسواق البازار، يدخل منه النفط ويخرج منه القرار، ولا أحد يأبه بالبواب الذي يرتدي عباءة من رصاص قديم.
إيران التي طالما تغنّت بالممانعة، تعاني اليوم من "فقدان الشهية العسكرية"، بعد أن سقط خطها الأول من القادة كما تسقط أوراق الخريف اليابسة على أرصفة بلا مارة. قادتها يُغتالون كما يُقصف تمثال قديم في متحف مهجور، وصواريخها تصدأ في المخازن، تنتظر إذنًا بالانطلاق لكنها لا تجد مَن يوجهها إلا الرياح. حتى خطاباتها الحماسية أصبحت مثل الطبول التي يُضرب عليها بلا إيقاع، تنفجر الكلمات في الفضاء قبل أن تصل إلى الآذان.أمريكا في هذه الحرب تلعب لعبة البوكر على طاولة ملغومة، وتوزع الأوراق بنصف ابتسامة ونصف تهديد، تتوعد العواصم من واشنطن إلى طهران، وتمنح إسرائيل الضوء الأخضر كمن يعطي طفله الملعقة ليقلب الطين. أما إسرائيل فوجدت فرصتها التاريخية لعرض صواريخها وكأنها دمى في عرض ألعاب نارية، لا لشيء إلا لتذكير المنطقة أن على الجميع أن يناموا تحت سقفها أو في قبورها.فرنسا، كما عهدناها، تدخل المعركة عبر خطاب أدبي، تطلق مدافعها من أفواه الدبلوماسيين وتحلق بطائرات الشاعرية فوق الخراب، بينما بريطانيا، الأم العجوز ذات النفس الطويل، تدير المخطط من بعيد، كراهبٍ يحرك مسبحة الجواسيس، وتهمس لكل الأطراف بنصيحة غير بريئة: "أكثروا من الشعارات، فالدخان يُخفي الجريمة".
والعرب؟ لا تسأل عنهم، فهم حاضرون في المشهد كإعلانات جانبية: بعضهم يؤجر أراضيه، وبعضهم يؤجر صمته، والبعض الآخر يبيع تصاريح الإدانة بسعر التوازن الاستراتيجي. أذرع إيران في المنطقة تتهاوى كأعمدة خيمة نسيتها العاصفة، من لبنان إلى العراق إلى اليمن، كلهم باتوا عبئًا على الذاكرة، وبطاقة فاشلة في لعبة الروليت الجيوسياسي.ومجلس الأمن؟ آه يا مجلس الأمن، بات يشبه "صالون حلاقة" عالمي، يأتي إليه الجميع ليجربوا تسريحة العقوبات، ثم يخرجون بلا تغيير، بينما الحلاق - ممثل العدالة - يتقاضى أجره بالدولار أو النفط. إيران تعلم جيدًا أنها ستُدان لا لأنها مذنبة، بل لأن الوقت قد حان لتُدان، وها هي تحاول جرّ إسرائيل نحو بعض التصعيد ليقال عنها: مظلومة تُدافع، لا دولة تُهاجم. الحرب خدعة، لكنها خدعة منتهية الصلاحية هذه المرة.لقد ذاقت إيران كأس السمّ في ثمانينات الحروب المجنونة، واليوم تتجرعه مُجددًا، لكن بنكهة جديدة: نكهة الطائرات دون طيار، والصواريخ الذكية، والضربات الخفية من تحت الطاولة. فهي لم تعد تقاتل على حدودها بل في قلبها، وسط مدنها، فوق مصانعها النووية التي لم تعد نووية إلا بالاسم، وتحت أقدام جموع غاضبة من شعبٍ لا يجد ماءً في شط العرب، ولا كهرباءً في بلد يشعل فتيل أزمات العالم.
إنها الحرب الجديدة، حرب بلا جبهات واضحة، لكنها ذات نكهة قديمة: الكبار يلعبون، والصغار يحترقون. الشرق الأوسط ليس أكثر من رقعة شطرنج، والملوك كلهم خارج اللعبة، أما الجنود فمقطوعو الرؤوس، والبيادق تتحرك وهي لا تعلم من سيدوسها.فمن سيُطفئ النار؟ من سيعيد للشرق هدأته القديمة؟ الجواب في الريح، والريح اليوم لا تأتي بما تشتهي المرافئ، بل بما تطلبه مصانع السلاح. الشرق الأوسط الجديد، هو ذاته القديم، لكن بلغة أكثر خداعًا، وأقنعة أشدّ زيفًا، وصور عالية الجودة لمجازر بلا مونتاج.
هذه ليست نهاية الحرب، هذه بداية العرض فقط. أما الستار، فلن يُسدل قبل أن تُمحى بعض الأوطان من الخريطة وتُضاف بعض الجثث إلى خزائن الديمقراطية.أهلاً بكم في "شرق الأوهام"، حيث تنمو الأفاعي على دخان البنزين، ويرقص الجنون على إيقاع القنابل الذكية.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -وصار جلده رسالة-
- سقراط والديمقراطية العراقية: حين يُعدَم الوعي باسم الحرية
- قيامة الفجر... حين سقطت الجمهورية إلى حضن الغياب.
- من فيصل إلى فوضى.. ومن أتاتورك إلى أتاتوركية!
- -حكاية الحنفيش ومجزرة الذاكرة الانتقائية-
- -حينَ صارَ العيدُ مأتماً في الحويجة-
- دمعةُ الغبار
- -الهلال الملوث: كيف صدّرت إيران ثورتها من خيوط العمامة إلى ج ...
- حين مزّق كسرى الرسالة: سُقوطُ العرشِ وتوريثُ الحقد — من تمزي ...
- -من الرقص على التكتك إلى السقوط من رفوف الوعي-
- لماذا بنو أميّة تحديدًا.
- -ديمقراطية على ضوء القمامة.. وحبر الانتخاب في يد السنونو!-
- -منفى الرمق الأخير-
- هاتف الثلج.. الناطق بلسان وطن لا بلسان سلطان.
- -ضباب لم يأتِ-
- السرير الكَمّي: بين وهج الوعد الكوني وسكون الحقيقة العلمية-
- -الجيب العراقي... الحبل السري لاقتصاد طهران-
- العيد الذي غادرني
- بهرز… حين يصير النسيم تاريخًا ناطقًا بحضارة الألف عمر.
- كردستان... حيث يولد السلام من رحم الجمال


المزيد.....




- في عيد الأب.. نستعرض ما قاله آل باتشينو عن تأثير أطفاله بتطو ...
- -هروب جنود إسرائيليين- من قواعد عسكرية تزامنًا مع ضربات إيرا ...
- إيران تهدد بإغلاق مضيق هرمز: هل يصبح نفط العالم وحرية الملاح ...
- ليلة ليست كسابقاتها.. هجمات نوعية تشعل اليوم الثالث من الموا ...
- من غزة إلى اليمن وقبلهما إيران.. هل يحتمل الجيش الإسرائيلي ا ...
- +++ غارات إسرائيلية حديدة على طهران +++
- تل أبيب.. ارتفاع عدد القتلى جراء سقوط صواريخ إيرانية
- تل أبيب.. آثار القصف الإيراني على بات يام
- -القبة الحديدية- تصد صواريخ إيرانية فجر اليوم
- رئيس قبرص: إيران طلبت منا نقل -بعض الرسائل- إلى إسرائيل


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - -الشرق الأوسط الجديد: رقصة الأفاعي على رماد الخراب-