أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - سقراط والديمقراطية العراقية: حين يُعدَم الوعي باسم الحرية














المزيد.....

سقراط والديمقراطية العراقية: حين يُعدَم الوعي باسم الحرية


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8373 - 2025 / 6 / 14 - 07:20
المحور: قضايا ثقافية
    


ما بين محكمة أثينا في القرن الرابع قبل الميلاد، ومراكز الاقتراع في العراق الحديث، يمتد خيط خفي من التزييف المنمق، يُغلّف بالعبارات الرنانة عن “الشرعية” و“الانتخابات” و“صوت الشعب”، لكن الحقيقة المخبوءة خلف هذا الستار أن الديمقراطية، متى ما فُقد فيها الوعي، غدت عباءة يُخفي تحتها الكهنة الجدد أدوات سطوتهم.
وفي هذا السياق، لم يكن موقف سقراط من ديمقراطية أثينا مجرّد نزوة فيلسوف ضد حكم الجماهير، بل كان وقفة وعي ضد الخداع باسم الحرية. رفض الرجل أن يُسلَّم القرار إلى جمهورٍ مُسيَّرٍ بالعواطف والخطب، لا بالمعرفة والوعي، فعوقب بسمّ العدالة، لأن صوته أقلق راحة الذين بنوا السلطة على وهم المشاركة.وفي عراق اليوم، يُعاد إنتاج ذات المأساة، لا عبر كأس السم، بل من خلال تكميم الحقيقة وتضليل الشعب بكرنفالات انتخابية تُشبه إلى حدّ بعيد “محاكمة سقراط”، حيث يُستبدَل التفكير الحر بالدعاية، ويُبادَل صوت الناخب بوجبة غذائية ورشوة انتخابية.المشهد العراقي لا يحتاج كثيرًا من التحليل: أحزاب تتصارع على السلطة، لا على بناء الدولة، وناخب يُدفع به إلى مراكز الاقتراع مدفوعًا بأوهام النجاة، ثم تُعلن النتائج لتؤكد أن المسرحية ذاتها مستمرة، وأن الكمبارس لم يتبدّل، بل بدّل قناعه.ديمقراطية العراق، منذ 2003 حتى اليوم، لم تُنتج تحولًا حقيقيًا، بل أعادت إنتاج طبقة سياسية فاسدة، تتفنن في استغلال جوع المواطن وجهله، وتتحصن خلف عبارات الوطنية والتمثيل الشعبي. ويكفي أن نرصد مشهد "الاحتفالات" بنتائج الانتخابات: مواكب، أهازيج، ووعود، ثم تعود الوجوه القديمة لتتقاسم الحصص، وتُصادر صوت المواطن باسم "الشرعية".بل الأخطر أن هذه الديمقراطية لا تُقصي الكفاءات فقط، بل تُحارب الوعي ذاته. فكل مثقف مستقل يُوصف بالمشاغب، وكل مفكر حر يُتهم بالخيانة، وكل من يرفض الاصطفاف الحزبي يُحرم من حقه في المشاركة. هكذا، تتحول الديمقراطية إلى سلاح بيد الجهل المنظم، لا وسيلة لتحرير الإنسان.ولعل أفلاطون، تلميذ سقراط، حين صاغ جمهوريته، لم يكن منغلقًا على الفكرة بل كان يردّ على واقعه السياسي. فبعد أن شهد إعدام أستاذه، أدرك أن الحرية المنفلتة تُفضي إلى الفوضى، وأن الجماهير إن لم تُوجّه بالوعي، فستنقاد خلف مهرجي المنابر لا صانعي الحضارات.إن ما يجري في العراق اليوم يستدعي مساءلة جادة للمفهوم الديمقراطي ذاته: هل نحن أمام نظام تمثيلي، أم أمام سيرك انتخابي يُعاد كل أربع سنوات؟ هل ما نعيشه هو حكم الشعب، أم تزييف ممنهج لوعي الشعب باسم الديمقراطية؟الجواب، مهما كان مرًا، بات واضحًا: ما لم يتقدّم الوعي على الصندوق، سيبقى الوطن يُقاد في كل دورة انتخابية إلى ذات الهاوية، ولن تكون الديمقراطيةسوى ستار سميك يُخفي جثة الحقيقة.وما نحتاجه اليوم، قبل قانون انتخابي جديد، هو يقظة وطنية، تُعيد الاعتبار للعقل، وتنتزع زمام القرار من أيدي من امتهنوا التلاعب بمصير الأوطان.الوعي_مهمة_مقدسةفمن دونه، لن تكون هناك ديمقراطية، بل نسخة حديثة من محاكمة سقراط، يموت فيها العراق كل مرة، تحت تصفيق الجماهير ذاتها التي لا تقرأ ولا تسأل.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قيامة الفجر... حين سقطت الجمهورية إلى حضن الغياب.
- من فيصل إلى فوضى.. ومن أتاتورك إلى أتاتوركية!
- -حكاية الحنفيش ومجزرة الذاكرة الانتقائية-
- -حينَ صارَ العيدُ مأتماً في الحويجة-
- دمعةُ الغبار
- -الهلال الملوث: كيف صدّرت إيران ثورتها من خيوط العمامة إلى ج ...
- حين مزّق كسرى الرسالة: سُقوطُ العرشِ وتوريثُ الحقد — من تمزي ...
- -من الرقص على التكتك إلى السقوط من رفوف الوعي-
- لماذا بنو أميّة تحديدًا.
- -ديمقراطية على ضوء القمامة.. وحبر الانتخاب في يد السنونو!-
- -منفى الرمق الأخير-
- هاتف الثلج.. الناطق بلسان وطن لا بلسان سلطان.
- -ضباب لم يأتِ-
- السرير الكَمّي: بين وهج الوعد الكوني وسكون الحقيقة العلمية-
- -الجيب العراقي... الحبل السري لاقتصاد طهران-
- العيد الذي غادرني
- بهرز… حين يصير النسيم تاريخًا ناطقًا بحضارة الألف عمر.
- كردستان... حيث يولد السلام من رحم الجمال
- حين تبتلع الأرض أبناءها... دجل الوطن وضياع القضايا-
- -اللص الشريف... عضو البرلمان الموقّر-


المزيد.....




- هيئة البث الإسرائيلية: إسرائيل طلبت مساعدة من الولايات المتح ...
- مفتي سلطنة عمان: رد إيران الحازم على إسرائيل أثلج صدورنا
- القبض على إسرائيلي بعد نشره محتوى مؤيدا لإيران على مواقع الت ...
- -تنسيقية العمل من أجل فلسطين-: -قافلة الصمود- تتعرض إلى حصار ...
- محافظ أربيل يخاطب السكان: لا تخزنوا المواد الغذائية.. لسنا ط ...
- وكالات إيرانية تنشر تفاصيل مثيرة عن استهداف إسرائيل لأكبر حق ...
- مصر.. تنبيه عاجل من السياحة بشأن مغادرة السائحين
- الخارجية الصينية: الغارات الإسرائيلية على المنشآت النووية ال ...
- إيران.. لجنة الأمن القومي توجه رسالة إلى المسؤولين في الوكال ...
- أردوغان يدين الهجمات الإسرائيلية على إيران ويصفها بغير القان ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - سقراط والديمقراطية العراقية: حين يُعدَم الوعي باسم الحرية