أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - -فوردو تحت الجبل وتحت المطرقة: الضربة التي أطاحت بظل إيران النووي- .














المزيد.....

-فوردو تحت الجبل وتحت المطرقة: الضربة التي أطاحت بظل إيران النووي- .


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8381 - 2025 / 6 / 22 - 12:55
المحور: قضايا ثقافية
    


بين صمتٍ مديدٍ ظل يلفُّ السماء، وصدىً مفاجئٍ تردد تحت أعتى الجبال، جاءت الضربة. لم يكن حدثًا عاديًا في جغرافيا الشرق الأوسط التي اعتادت على الحروب الخاطفة، بل كان أشبه بجراحةٍ استراتيجية أجراها سكين أميركي طويل، تسلَّل في العتمة، وهبط على قلب المشروع النووي الإيراني في فوردو، ونطنز، وأصفهان، وبندر عباس، في لحظةٍ كانت كل المؤشرات تشير إلى هدوء ما قبل العاصفة، لا إلى نهايتها.
على عمق ٢٥٠ مترًا تحت جبلٍ صخري شاهق، حيث رقد المفاعل الإيراني في "فوردو" وكأنه محصَّنٌ من كل تهديد، حلّق شبح "بي تو سبيرت" — القاذفة الأميركية التي لا تُرى، والتي تقطع آلاف الأميال بلا أن تترك ظلًا. 36 ساعة متواصلة من الطيران الصامت المنطلق من قاعدة دييغو غارسيا، لتنفذ خطة دقيقة بدأت بممهدات استطلاعية صهيونية، ومعلومات استخبارية موثقة، وانتهت بقصفٍ لم يكن ضربةً عسكرية فحسب، بل بيانًا استراتيجيًا يقول لإيران: إن زمن اللعب فوق الخطوط الحمراء قد انتهى.القنابل التكتيكية GBU-57A/B — التي تفوق وزنة الواحدة منها 14 طنًا — ليست مجرد قنابل، بل مفاتيح لبوابات مدفونة في الجحيم. صُمِّمت خصيصًا لاختراق أكثر التحصينات عمقًا، ولم يكن من مكانٍ أكثر تعقيدًا من "فوردو" لاختبارها. ومع ارتجاج الأرض، تهاوت منظومة التبريد، وانهار محور L4 الحيوي جزئيًا، وتبعثرت بنى الطرد المركزي كأنها لعبٌ في نفقٍ ثالث صار الآن أطلالًا مشعة.لكن فوردو لم تكن وحدها الهدف. نطنز بدورها، شهدت انفجارات غامضة داخلية سبقت الضربة بساعات، في دلالةٍ لا تخطئها العين على تفعيل نقاط اختراق سابقة زرعت بإحكام. ومع أصفهان وقواعد الحرس الثوري قرب بندر عباس، اتسع المشهد ليتحوَّل إلى زلزال عسكري ذي أبعاد استراتيجية متشابكة، يحمل في جوفه رسائل بقدر ما يحمل من نار وحديد.ترامب، الذي يتقن توقيت الصدمة، لم يستخدم الضربة لمجرد استعراض القوة، بل كعنصر مباغتة يحمل في جوفه إملاءات السلام أو الانهيار. فجعل إيران بين خيارين لا ثالث لهما: إما الرضوخ، بما يحمله من معنى الاستسلام السياسي والنووي، أو المضي قدمًا في مغامرة المواجهة التي ستعني، لا محالة، سقوط النظام ذاته. ففي اللحظة التي تفقد فيها إيران مشروعها النووي القائم على عمق الجبال وسرية الأنفاق، تفقد امتياز التفاوض من موقع القوة، وينكشف ظهرها أمام العالم، تمامًا كما انكشفت قلاعها تحت قنابل الصمت الأميركي.
الهجوم، وإن بدا لحظةً عسكرية، هو في حقيقته نهاية مرحلة. إنه ضرب في العمق لا يكتفي بتدمير أنظمة وإنما يستهدف سردية إيران ذاتها، تلك التي بنت عليها سنوات من التصعيد والتهديد. والنتيجة؟ دولة تحت المطرقة، لا قادرة على الاستمرار بذات النهج، ولا قادرة على إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.هذا التغيير القسري في ميزان القوى لا يُبقي طهران أمام خيار “المقاومة” المجازية، بل يجعلها مطالبة بإعادة تعريف موقعها في الإقليم وفي العالم. لم تعد قادرة على الحلم بتوسيع نفوذها عبر الهلال الشيعي، ولا بفرض حضورها في بغداد ودمشق وبيروت، ولا بتهديد الخليج بإغلاق مضيق أو استعراض صاروخي. لقد أصبحت دولة مجبرة على إعادة تشكيل نفسها من الداخل، أو الانفجار — لا من الخارج هذه المرة، بل من داخلها الذي تمزقه الآن رياح إعادة التوزيع وفق الرؤية الدولية.
ولأن الجغرافيا لا ترحم الضعفاء، فإن تقسيم إيران لم يعد مجرد نظرية تروَّج، بل طرحًا يتداول في غرف خرائط مغلقة، حيث تُرسم خرائط جديدة لشرق أوسط ما بعد النووي. فحين تذوب التحصينات، وتتفتت القوة، تُعاد كتابة الحدود، وتُستعاد الشعوب التي أُسقطت هويتها تحت راية فارس.من الآن، لم تعد "فوردو" موقعًا نوويًا فقط، بل صدى لمرحلة انتهت... ومفتاحًا لمرحلة بدأت، تُكتب بالليزر على أجساد الجبال، وتُقرأ في عمق النفق الثالث، حيث كانت ذات يوم أحلام نووية تُصنَّع في سراديب الظل، وها هي اليوم رمادًا تحت المطرقة.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -حين تهاوت قم من برج الطاووس... وانكسر قرن المجوس في مرآة ال ...
- حين استيقظَ الألمُ وبكى الخواء
- حين استيقظَ الألمُ وبكى الخواء .
- رماد الفتنة
- لا أحد يسمع الوجع
- -وطنٌ للبيع... من يشتري الذل-.
- على سفح التل… تُزهِرُ الحسرة وتُكمم الحقيقة.
- -الرگيّة التي فضحت نظام الحكم!-
- -سايكس بيكو الجديدة تحت توقيع ترامب... الشرق الأوسط يتهيأ لز ...
- -السماء تكتب بلون النار: مآلات الشرق في عصر الحرب الذكية-
- في حضرة العشيرة والطائفة: حين يتوارى الوطن خلف عباءة السلطة ...
- -حين صار عيد الصحافة مأتماً: من منابر الكلمة إلى مزامير الخر ...
- الوتر الذي أضاء العالم: موسيقى نصير شمة بين الحلم والدهشة .
- -الشرق الأوسط الجديد: رقصة الأفاعي على رماد الخراب-
- -وصار جلده رسالة-
- سقراط والديمقراطية العراقية: حين يُعدَم الوعي باسم الحرية
- قيامة الفجر... حين سقطت الجمهورية إلى حضن الغياب.
- من فيصل إلى فوضى.. ومن أتاتورك إلى أتاتوركية!
- -حكاية الحنفيش ومجزرة الذاكرة الانتقائية-
- -حينَ صارَ العيدُ مأتماً في الحويجة-


المزيد.....




- -أمريكا ستنقذه-.. ترامب مدافعًا عن نتنياهو وسط محاكمته بتهمة ...
- مقتل عدة أشخاص خلال هجمات للمستوطنين الإسرائيليين بالضفة الغ ...
- خبراء: عملية خان يونس أكبر مقتلة للإسرائيليين هذا العام وأقس ...
- إنفوغراف: قتلى وجرحى الاحتلال الذين سقطوا في غزة خلال يونيو ...
- وزراء إسرائيليون يقرون بالفشل في غزة ومسؤولون بالائتلاف يدعو ...
- ترامب: أميركا أنقذت إسرائيل والآن ستنقذ نتنياهو من المحاكمة ...
- ترامب يعترف بتقييم الاستخبارات حول وضع مواقع إيران النووية ب ...
- بعد وقف إطلاق النار.. وزير دفاع إيران يصل الصين في زيارة تست ...
- موجة حر غير مسبوقة تجتاح شرق روسيا: حرارة قياسية وحرائق تهدد ...
- عاجل | حماس: جرائم الاحتلال ومستوطنيه وآخرها في كفر مالك تست ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - -فوردو تحت الجبل وتحت المطرقة: الضربة التي أطاحت بظل إيران النووي- .