أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - وهج الدم الهادر… دروس الحسين التي لا تموت














المزيد.....

وهج الدم الهادر… دروس الحسين التي لا تموت


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8395 - 2025 / 7 / 6 - 14:41
المحور: قضايا ثقافية
    


لم يكن الحسين ثائرًا يُساق إلى مصيره، بل كان المصير يسير إليه بخطى المؤمن الواثق بأن الدم حين يُسفك من أجل الحق، يغدو نبراسًا لا يُطفأ، وأن القيم حين تُمتحن في لحظة سقوط الأمة، لا يصونها سوى من عقد العزم أن يكون صوته صداحًا في زمن الصمت المذل. لم يخرج الحسين طالبًا مُلكًا ولا نافس على سلطان، بل خرج ليعيد تعريف الكرامة حين غدت الموازين مقلوبة، ولبنة العدل قد نُزعت من جدار الأمة، واستُبدلت بالهوان والانقياد الأعمى. تلك كانت وقفته، وتلك كانت صرخته: "إني لم أخرج أشِرًا ولا بَطِرًا"، بل حاملًا سراج النبوّة في زمن العتمة، وموقفًا للإنسانية يتحدى التزوير والتدجين.
في كربلاء لم تنتصر السيوف، بل انتصر الموقف. وفي ساحة فُرضت فيها المواربة والانحناء، وقف الحسين قائمًا كالجبل، يأبى إلا أن يقول "لا" في وجه من أرادوا أن يُلبسوا الحق ثوب الباطل. ما حدث هناك لم يكن مأساة تنتهي بمشهد دموي يُبكى عليه، بل كان صحوة لا تزال تتردد في ضمير الأحرار، كلما غلبهم الخوف أو باعوا ضمائرهم في مزاد الدنيا. فالحسين لم يمت، لأن فكرته لم تمت. دمه لم يُهدر، لأنه صار شريانًا في جسد كل مَن ينادي بالحق، ويأبى الذل. وسُبي أهل بيته، لكن حريّتهم كانت أعلى من عروش الملوك، وأقدس من سيوف الجلادين.
لقد علّمنا الحسين أن الوقوف في وجه الطغيان ليس حماقة، بل وعيٌ سامق. أن المجازفة بالحياة في سبيل كرامة الإنسان ليست انتحارًا، بل خلود. أن الشهادة ليست نهاية، بل بداية لعصرٍ جديد تُكتب فيه المعاني لا بالحبر، بل بقطرات الروح. فلا يليق بذكرى الحسين أن تُختزل بدمعة أو لطم، بل تليق بها نخوة تسير على خُطاه، وتنهض في وجه كل ظلم، وتُقيم العدل إن مال ميزانه. الحسين درسٌ مفتوح، وكتابٌ لا يُغلق، ومنارةٌ لا تنطفئ مهما تناساه الناس أو شوهوا صورته.
هو النداء الخالد في ضمير الإنسان: لا تركع، لا تساوم، لا تصمت حين يُداس الحق. كربلاء لم تكن بقعة جغرافية، بل كانت مفترق طريق بين الانحناء والكرامة. والدم الزاكي الذي سال لم يكن ضعفًا بل قُوة، لم يكن هزيمة بل انتصارًا أخلاقيًا لا يُدركه إلا من قرأ التاريخ بقلبه لا بعيونه.
فليُقرأ الحسين كما أراد لنفسه أن يُقرأ: قائدًا لقيمٍ خالدة، لا رمزًا للنوح والعويل، وليُبك الدم إن بُكي، ولتبك المواقف إن بُكي، لا أن تُصبح ذكرى الطهارة سوقًا للمزايدات. إن أعظم ما نُقدّمه للحسين هو أن نعيش الحق الذي عاشه، ونرفض الباطل الذي واجهه، ونحمل لواء الصدق في زمن الزيف. تلك هي المأساة التي تحوّلت إلى مدرسة، والدمعة التي صارت يقظة، والشهادة التي ما زالت تُنبت في صحراء الإنسانية شجرة العدل كلّما أجدبتها السيوف.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -رقصة النهاية في ميدان الدخان: أوكرانيا بين أنياب الدب وأطيا ...
- طعنة غُربة
- حين تُطوى الراية قبل أن تذبل... عن إعادة رسم خرائط القوة بين ...
- الفنان العراقي.. صوت الوطن المنفي
- -حين يصير المجد تهمة... ويُؤخذ التاريخ من مأتمٍ لا ينتهي-
- -حين تعزف الدولة على لحن فنائها: عزاءٌ لوطنٍ يُقصف من داخله-
- العراق… صندوقٌ فارسيُّ الأختام
- الطبيب الذي خلع عباءته… وصار جزارًا في معطفٍ أبيض .
- -ويحَ مَن آذى عائشة... فالعرضُ عرضُ نبيٍ والأذى أذًى للسماء- ...
- -مزرعة البروكرات... حين أُطفئت شموعُ العقل وأُشعلت قناديلُ ا ...
- العلم الذي يُغتال... وأمة تنزف ضوءها .
- العقدة الخالدة: سردية الكراهية المتجذّرة ضد العرب منذ فجر ال ...
- -كمب ديفيد الإيراني: سلام يشبه الهزيمة أم هزيمة تُسوّق كسلام ...
- ترامب وصعود ميزان القوة الجديد: حين تعثّرت التنانين وتاهت ال ...
- في مطلعِ الهجراتِ تبكي السنون
- الفنُّ... رسائلُ الخلود في حضارة الرافدين
- الفزاعة التي لبست عمامة الخلافة
- التحية الأخيرة أمام الكاميرا: عندما يذوب الانضباط في حضرة ال ...
- -سلامٌ على شفرة السكين: حين يبتسم الدخان في الشرق الأوسط-
- ياسين خضر القيسي... طائر الإبداع ووجع الثقافة في زمن التبدّد ...


المزيد.....




- شاهد.. الأمير هاري يُعيد إحياء مسيرة والدته التاريخية لإزالة ...
- مطعم كباب يجذب السياح والسكان المحليين في قلب السليمانية بكر ...
- سوريا.. تحليل خطاب الشرع ومعنى الانسحاب من السويداء ومن الخا ...
- سوريا.. خريطة لفهم المناطق منزوعة السلاح وموقعها من إسرائيل ...
- الشرع: إسرائيل تسعى لاستهداف استقرار سوريا ولسنا ممن يخشى ال ...
- حريق مروع في مركز تجاري بمدينة الكوت العراقية يوقع نحو 50 قت ...
- مظاهرات في سوريا تندد بالعدوان الإسرائيلي
- زلزال بقوة 7.3 يضرب سواحل ولاية ألاسكا الأميركية
- وزير خارجية تركيا يدعو لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة والمن ...
- ويتكوف: مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة تسير جيدا


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - وهج الدم الهادر… دروس الحسين التي لا تموت