أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - انتفاضة الظل على صانعه: العراق بين احتضار النفوذ وولادة القرار














المزيد.....

انتفاضة الظل على صانعه: العراق بين احتضار النفوذ وولادة القرار


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8398 - 2025 / 7 / 9 - 22:12
المحور: قضايا ثقافية
    


العراق يوشك أن يدخل منعطفًا جديدًا، لا يشبه ما سبقه من الفصول، ولا يمت بصلة إلى ما عشناه في العقدين الماضيين من ازدواجية القرار وتنازع الولاءات وتغوّل السلاح غير المنضبط. حقبة سياسية كاملة يبدو أنها تتهاوى على رؤوس أصحابها، ليس لأن الوقت حان، بل لأن الزمن انقلب على أهله، والمصالح الكبرى لم تعد تسمح بمزيد من المجاملة أو التغاضي. لا حلفاء في هذا المشهد، ولا خطوط حمراء، فكل من يراهن على الخارج لحماية الداخل، صار هو الهدف.العراق بات أمام واقع لم تعد فيه الشعارات تنقذ أحدًا، ولا التبريرات تصمد في وجه الحقائق الموجعة. لم تعد قصة "المقاومة" تقنع حتى جمهورها، ولم يعد "النفوذ" الإيراني يُعامل كخط تماسٍ مقدس. فالمعادلات الكبرى تغيرت، والخطاب الأمريكي لم يعد يتحدث بدبلوماسية ناعمة عن الشأن العراقي، بل بلغة مباشرة كالسيف، تقول: "لا سلاح خارج الدولة، لا دولارات مهربة، لا ولاءات مزدوجة"، فإما عراقٌ حرٌّ من الهيمنة، أو عراقٌ خارج حسابات النفوذ العالمي.التحركات في الكواليس توحي بأن المرحلة القادمة تحمل في طياتها ملامح انقلاب سياسي ناعم، لكن بقرارات حاسمة، وربما دماء إن لزم الأمر. هناك من يعدّ قوائم بأسماء المناصب الجاهزة لعراقٍ جديدٍ خالٍ من شخصيات أثبتت الأيام أنها مجرد أدوات في يد الخارج. يتم الحديث عن وجوه جديدة، عن حكومة تمسح أثر من فرّطوا، وتقصي من مدّوا الجسور نحو ضفة لم تكن يومًا حريصة على مصلحة العراق.أما المؤسسات المالية، فتعيش انهيارًا صامتًا، فالعملة الوطنية تُهرّب، والبنك المركزي بات ظلاً لما كان عليه، فيما تتحدث تقارير دولية عن "تريلات" تحمّل مليارات من الدنانير، تُسرق جهارًا وتُصدَّر لإيران، وتُعاد لتُشترى بدولارات العراق القادمة من بيع نفطه. المسرحية مكشوفة، والأبطال لم يعودوا يخجلون من مشهد النهاية، فهم يدركون أن الستار على وشك أن يُسدل.والحقيقة الأكثر صدمة، أن الميليشيات التي لطالما مثّلت الذراع القوية للنفوذ الإيراني داخل العراق، لم تعد تملك القدرة حتى على الاستعراض. الشوارع التي كانت تئن تحت وطأة هتافاتهم وعجلاتهم، باتت خاوية منهم. تقارير الصحف العالمية تشير إلى أن ما تبقى من تلك الميليشيات يئن من داخله، يطلب الخلاص، يهمس برغبة الهروب، ويترقب رصاصة الرحمة.أما القوى السياسية التي لم تخفِ يومًا ولاءها لمحور خارجي، فقد بدأت تفقد توازنها، تعيش قلقًا وجوديًا، تنقسم على نفسها، وتستعد لصراع داخلي لا يقل خطورة عن القادم من الخارج. الخوف يتسرب من بين الكلمات، والرعب يسكن دهاليز الاجتماعات المغلقة، والكل يدرك أن ما سيُفرض ليس مشروع تفاوض، بل أمر واقع يُكتب في واشنطن ويُنفَّذ في بغداد.يُقال إن الحملة لن تبدأ بالعقوبات بل بالإقصاء، وأن العملة والسلاح والنفط لن تبقى ورقة بيد غير الدولة. من كان يظن أن زمن الغنيمة سيطول، عليه أن يدرك أن الساعة قد حانت، وأن الحساب اقترب. والأصوات الأمريكية القادمة من خلف المحيط، لا تتحدث عن إصلاحات، بل عن تطهير، لا عن تقليم أظافر، بل عن قطع يد كاملة.هذا التحول لا يعني فقط نهاية مرحلة سياسية، بل هو إعلان لفشل مشروعٍ عُمل عليه طويلًا، وسُكبت لأجله دماء، وارتُكبت باسمه مجازر. مشروع كان يراهن على الزمن ليكسب، فإذا به يخسر الزمن والمكان والداعم والميدان. القادمون لا يخططون لتقاسم النفوذ، بل لإعادة كتابته، بطريقة لا تترك مساحة لظلّ ولا بقايا.العراق اليوم يقف على حافة تغيير جذري، ليس بمحض اختياره، بل نتيجة تراكمات من التبعية والتراخي والخيانات الصغيرة التي تحوّلت إلى خنجر في خاصرة الوطن. وما سيأتي، لن يكون مجرد انتخابات أو حكومة جديدة، بل تغيير في قواعد اللعبة، تغيير لا يُبقي أحدًا في مأمن، ولا يمنح الوقت للندم.هكذا يُكتب الفصل الأخير من قصة الازدواج، وحكم الظل، وسلطة الميليشيات. فصلٌ قد يُفتتح بعقوبات وقرارات، لكنه قد يُختتم بنيران لا تُبقي ولا تذر. فمن لا يتقن قراءة التاريخ، سيجد نفسه ضحيةً له، ومن اعتقد أن العراق يُمكن أن يُدار كضيعة أو وكيل، سيكتشف أن السيادة ليست خيارًا، بل مصير.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يُدفن الحرف حيًّا... مرثية التعليم في العراق
- -الريح تهدر من الجنوب... هل آن أوان النهاية-
- العزف على وتر الدم... حين تتحول المواكب إلى نارٍ تأكل الوطن
- وهج الدم الهادر… دروس الحسين التي لا تموت
- -رقصة النهاية في ميدان الدخان: أوكرانيا بين أنياب الدب وأطيا ...
- طعنة غُربة
- حين تُطوى الراية قبل أن تذبل... عن إعادة رسم خرائط القوة بين ...
- الفنان العراقي.. صوت الوطن المنفي
- -حين يصير المجد تهمة... ويُؤخذ التاريخ من مأتمٍ لا ينتهي-
- -حين تعزف الدولة على لحن فنائها: عزاءٌ لوطنٍ يُقصف من داخله-
- العراق… صندوقٌ فارسيُّ الأختام
- الطبيب الذي خلع عباءته… وصار جزارًا في معطفٍ أبيض .
- -ويحَ مَن آذى عائشة... فالعرضُ عرضُ نبيٍ والأذى أذًى للسماء- ...
- -مزرعة البروكرات... حين أُطفئت شموعُ العقل وأُشعلت قناديلُ ا ...
- العلم الذي يُغتال... وأمة تنزف ضوءها .
- العقدة الخالدة: سردية الكراهية المتجذّرة ضد العرب منذ فجر ال ...
- -كمب ديفيد الإيراني: سلام يشبه الهزيمة أم هزيمة تُسوّق كسلام ...
- ترامب وصعود ميزان القوة الجديد: حين تعثّرت التنانين وتاهت ال ...
- في مطلعِ الهجراتِ تبكي السنون
- الفنُّ... رسائلُ الخلود في حضارة الرافدين


المزيد.....




- التعرّق في المطارات قد يُطلق أجهزة الإنذار الأمنية.. تعرّف إ ...
- -مملة للغاية-.. شاهد رد فعل ترامب حول سبب اهتمام الناس بقضية ...
- ترامب يعلن عن استثمارات ضخمة لدعم الذكاء الاصطناعي والطاقة ف ...
- ما صواريخ جاسم؟ وهل سيرسلها ترامب إلى أوكرانيا؟
- بعد تصريحات ترامب والسيسي.. هل يشهد ملف -سد النهضة- انفراجة؟ ...
- القناة 13 الإسرائيلية تكشف -مسودة اتفاق غزة- الجديد والمؤقت ...
- رئيس إنفيديا: الذكاء الاصطناعي الصيني -محفز للتقدم العالمي- ...
- روسيا تدمر 8 مسيرات أوكرانية وتقصف مدنا أوكرانية بالمسيرات
- إيران تحتجز ناقلة نفط أجنبية بسبب تهريب مليوني لتر من الوقود ...
- سوريا.. تعبير السعودية عن -ارتياحها- وتعليق وئام وهاب يثير ت ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - انتفاضة الظل على صانعه: العراق بين احتضار النفوذ وولادة القرار