أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - -كردستان.. نداء القلب الواحد-














المزيد.....

-كردستان.. نداء القلب الواحد-


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8399 - 2025 / 7 / 10 - 10:24
المحور: قضايا ثقافية
    


كردستان، تلك الحبيبة المرسومة على جبين التاريخ، ليست مجرد جغرافيا عابرة بين الجبال والسهول، بل نبضٌ لأمةٍ عريقة تنتمي إلى شجرة الأزل، جذورها تضرب في عمق الأرض، وأغصانها تلامس المجد كلما هبت عليها رياح الكفاح. الكرد ليسوا غرباء عن حكايتنا، بل هم فصلٌ مشرق في كتابنا، سطرٌ من سطورنا التي كُتبت بالدم والمروءة، بالنخوة والوفاء، بالأغاني التي تُغنى عند مواقد الشتاء، والبطولات التي رُويت على شفاه الأمهات.ما من عربيٍ حرّ إلا ويعرف أن للكرد في قلبه مقعدًا لا تبلله الأمطار ولا تعبث به رياح السياسة العمياء. وما من مسلمٍ صادق الإيمان إلا ويحني هامته حين تُذكر القلاع التي فتحها صلاح الدين الأيوبي، الكردي الذي وحّد الصفوف، ورفع راية الأمة، وردَّ عن القدس غزاة الليل حينما عجزت جيوش كثيرة عن النهوض. صلاح الدين، ليس بطلًا كرديًا فقط، بل رمزٌ إنسانيٌّ تتقاطع عنده اللغات وتلتقي فيه الأرواح على معنى الشرف والإخلاص. كما محمد الفاتح، الذي عبر مضيق التاريخ إلى أبواب المجد، ففتح القسطنطينية وأهدى البشرية فجرًا جديدًا.إني، وأنا العربي، أنحني للكردي النبيل حين يزرع السلام، وحين يحمل البندقية دفاعًا عن شرف الأرض، وحين يغني للحرية بلحن لا يعرف الخضوع. نحن، من زادنا الله قربًا في العقيدة، وإخوة في المصير، ووشائج دمٍ تداخلت في المعارك والمصائب، لا نحتاج إلى التذكير بوحدة الصف، ولا إلى وسيط يوقظ بيننا المحبة، فنحن أبناء العتبات ذاتها، ومجالس الشعر ذاتها، ومواويل التعب ذاتها، وأحلام الغد ذاتها.لكن ما يحزن القلب أن الفتن لا تزال تفتش في ثقوب الجدران، تبحث عن شقاق، عن خيطٍ من خلاف لتنسج منه حبل فتنةٍ تهوي به الأمة إلى الضياع. يا إخوتي الكرد، يا أبناء القمم الشاهقة، لا تسمحوا للغريب أن يعبث بعطر أرضكم، ولا تفتحوا للأعداء نافذة ولو كانت ضيقة، فالعين الطامعة لا تكل، واليد العابثة لا تتوقف. إن التفرقة ليست سوى سهم مسموم في صدر الأمة، وإن من يسعى إلى شق صفكم إنما يسعى إلى إطفاء شمس كردستان، وإلى سلخكم من تاريخكم، وزرع الفتنة بين إخوتكم في العرق والدين والجوار.اتحدوا كما تتحد الصخور في قمم الجبال، وكما تتلاحم الحجارة في جداريات التاريخ، فبالاتحاد تصير الأجنحة أقوى، وتصير الأرض أكثر رسوخًا. لا تجعلوا الخلافات العابرة جسورًا للمتربصين، ولا تلتفتوا إلى صيحات المارقين ممن يريدون بكم السوء. ابنوا وطنكم كما تبني الأم مهد طفلها، واحرسوه كما يحرس العاشقُ حلمه. فأنتم لستم مجرد شعب، بل أنتم أملٌ معقود على جبين العراق، وفجرٌ لا يكتمل إلا بإشراقتكم.كردستان ليست قضية الكرد وحدهم، بل قضية كل من تاقت روحه للحرية والكرامة. كل من حلم بوطنٍ لا تمزقه الطائفية ولا تنهشه القومية العمياء. كل من عرف أن الجرح لا يُشفى بالسكين، وأن المظلومية لا تُزال بالمظلومية، بل بالوعي، بالعقل، بالحب، وبالصبر الذي يثبّت جذور الشجرة حتى في أقسى العواصف.أيها الكردي العزيز، يا من حملت السلاح يوم سقطت المدن، واحتضنت أخاك المهجر يوم ضاقت الخيام، تذكّر أن لك في الجنوب أخًا، وفي الوسط محبًا، وفي الغرب عينًا ساهرة. لا تكن غريبًا عن أهلك، ولا تدع للظنون أن تبني بيننا أسوارًا من الوهم. فالعدو لا يفرق بين عربي وكردي حين يسيل الدم، والمستعمر لا يسأل عن القومية حين يسلب الأرض. وحين تُقصف قرانا، لا تُميز القذائف بين لهجاتنا.أنا وإن لم أكن كرديًا، لكني أفتخر بكم. أفتخر بقلوبكم التي لم تخن يومًا، وبأياديكم التي لم تمتد إلا للمصافحة أو للمقاومة. أفتخر بآلاف الشعراء الذين حملوا في دواوينهم بوح الجبل وهمس الغيم. أفتخر بالكردي الذي يجلس في الزاوية يكتب قصيدة عن الحب، وبالكردي الذي يقف في المتراس يذود عن تراب بلاده. أنتم لنا، ونحن لكم، شئنا أم أبينا، فالمصير كتبنا سطرًا واحدًا في كتاب الحياة، ولن يمحوه تآمر أو خيانة.اجعلوا صوت العقل أعلى من صراخ السياسة، وصوت المحبة أعلى من أصوات البنادق، وعودوا إلى دفاتر التاريخ، ستجدون أن كل انتصار بدأ بوحدة، وأن كل انكسار بدأ بشقاق. لا تسمحوا للغد أن يكون نسخة من ماضٍ شوهته الخلافات، بل ليكن الغد ملكًا لأطفالكم، مشبعًا بألوان العلم، وأهازيج العيد، وأمان الجبل والوادي.كردستان لا تحتاج إلى أكثر من قلب واحد، ومصيرٍ واحد، وصوتٍ واحد يقول: نحن هنا، وسنبقى، ولن يُفرقنا عابرٌ في الظلام.وإني، كعربي، أمد لكم يدي، لا على سبيل المواساة، بل على سبيل الشراكة في الحلم، وعلى سبيل الأخوّة التي لا تموت، ما دام في هذه الأمة من يحلم بالوحدة، ومن يرفض أن تبقى كردستان جرحًا مفتوحًا في خاصرة الوطن الكبير.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتفاضة الظل على صانعه: العراق بين احتضار النفوذ وولادة القر ...
- حين يُدفن الحرف حيًّا... مرثية التعليم في العراق
- -الريح تهدر من الجنوب... هل آن أوان النهاية-
- العزف على وتر الدم... حين تتحول المواكب إلى نارٍ تأكل الوطن
- وهج الدم الهادر… دروس الحسين التي لا تموت
- -رقصة النهاية في ميدان الدخان: أوكرانيا بين أنياب الدب وأطيا ...
- طعنة غُربة
- حين تُطوى الراية قبل أن تذبل... عن إعادة رسم خرائط القوة بين ...
- الفنان العراقي.. صوت الوطن المنفي
- -حين يصير المجد تهمة... ويُؤخذ التاريخ من مأتمٍ لا ينتهي-
- -حين تعزف الدولة على لحن فنائها: عزاءٌ لوطنٍ يُقصف من داخله-
- العراق… صندوقٌ فارسيُّ الأختام
- الطبيب الذي خلع عباءته… وصار جزارًا في معطفٍ أبيض .
- -ويحَ مَن آذى عائشة... فالعرضُ عرضُ نبيٍ والأذى أذًى للسماء- ...
- -مزرعة البروكرات... حين أُطفئت شموعُ العقل وأُشعلت قناديلُ ا ...
- العلم الذي يُغتال... وأمة تنزف ضوءها .
- العقدة الخالدة: سردية الكراهية المتجذّرة ضد العرب منذ فجر ال ...
- -كمب ديفيد الإيراني: سلام يشبه الهزيمة أم هزيمة تُسوّق كسلام ...
- ترامب وصعود ميزان القوة الجديد: حين تعثّرت التنانين وتاهت ال ...
- في مطلعِ الهجراتِ تبكي السنون


المزيد.....




- سؤال محيّر واحد يبقى بعد كشف سبب سقوط الطائرة الهندية المروّ ...
- غطى دخانها الأسود السماء.. الهند: اشتعال النيران في قطار صها ...
- بعد لقاء لافروف.. تصريح لزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون عن ...
- نتنياهو: لا صديق لإسرائيل أخلص من ترامب وتيودور هرتزل حاضر م ...
- كيم يؤكد دعم كوريا الشمالية المطلق لروسيا في حرب أوكرانيا
- عطل في طائرة إسرائيلية خلال هجوم على طهران كاد يؤدي لهبوط اض ...
- أستراليا ترفض طلبا أمريكيا باتخاذ قرار مسبق حول الصراع في تا ...
- هآرتس: تعويضات الهدم المغرية لمباني غزة تدفع المقاولين للتنا ...
- ليبيريا لا ترى إهانة في تعليق ترامب على لغة الرئيس بواكاي
- بول بيا الرئيس الذي حكم الكاميرون أكثر من 40 عاما


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - -كردستان.. نداء القلب الواحد-