أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - تحت الطاولة... فوق الأعناق: حين تفاوض إيران على رقاب عشاقها














المزيد.....

تحت الطاولة... فوق الأعناق: حين تفاوض إيران على رقاب عشاقها


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8405 - 2025 / 7 / 16 - 21:56
المحور: قضايا ثقافية
    


في الأزمنة التي ينخرها الصمت أكثر من الضجيج، وتتعفّن فيها الهتافات قبل أن تلامس حبالها الصوتية، يجلس رجال الظل، في غرف بلا نوافذ، يخطّون على الأوراق ما لا يجرؤ الخطباء على الهمس به. هناك، في ضوء خافت يكاد لا يضيء إلا وجوههم المتعرّقة بالحرج، تدور المفاوضات... لا بين الندّين، بل بين السيّد ومَن كان يتوهّم السيادة.طهران، بكل كبريائها المزعوم، تقضم أصابعها الواحد تلو الآخر، تحاول أن تبدو متماسكة وهي توقّع على صك التراجع بنداً بعد بند، بينما واشنطن لا تمدّ يدًا، بل تملي سطورًا حمراء بلون العزلة.منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، والحديث لم يعد يدور في العلن، بل ينحت في جدران الغرف السرّية كلمات مصيرية... لم يعد يُهم ما يقال في طهران، بل ما يُقال عنها، ولم تعد خطب المرشد تغطي الفضيحة، فالدخان الذي طالما أغشى العيون انقشع، وظهرت الحقيقة: إيران تفاوض... تتراجع... تنهار.ولأن التفاوض لا يكون إلا على ما هو جوهري، فقد بدأت الولايات المتحدة بتقشير الطبقة القاسية من جدار المشروع الإيراني، حتى كادت تتركه عارياً. الميليشيات؟ إلى مزبلة التاريخ. العراق؟ ليس بعد اليوم ملعبًا لـ"الدمى المقدّسة". جدار عازل؟ نعم، تبنيه إيران بأموالها، لعزل ذاتها عن وهم التمدّد. والاعتراف بالنظام العراقي الجديد؟ من صميم اللعبة الجديدة.لكن المأساة ليست هنا... بل في صدمة من يرقصون في العتمة، من لا يزالون يرفعون صور الخميني ويهتفون لحتمية ولاية الفقيه وهم لا يدرون أن صاحب الولاية يقايضهم قطعة قطعة، دون أن يرف له جفن.هؤلاء، الذين أوهموا أنفسهم بأنهم امتداد لـ"محور المقاومة"، يتكئون اليوم على عصا مكسورة، فيما تُسحب الأرض من تحت أقدامهم بهدوء قاتل. المشهد لا يحتاج إلى الكثير من التفسير: سادة القرار في طهران يصافحون الشيطان الأكبر، ويطلبون الصفح.في اليمن، تتهاوى الأسلحة على الأرض لا بفعل القصف، بل بفعل القلم. لا دعم بعد الآن للحوثي، ولا ممرات تهريب، ولا ذخائر. فقط كلمات فارغة تُلقى في الهواء كي لا تُقال الحقيقة: المشروع سقط.أما الملف النووي، ذلك الكابوس الذي أرعب العالم لسنوات، فيُحلّ على مائدة خشبية بحضور موظفين بربطات عنق، يوقّعون وثائق التفكيك وكأنهم يسحبون فتيل حلم أحمق، كان كفيلاً بابتلاع شعب بأكمله إلى جوع وخراب. منشآت تخصيب؟ تُغلق. يورانيوم؟ يُسلّم. وسادة النووي تُسحب بهدوء من تحت رأس النظام.حتى الصواريخ، تلك التي قيل عنها إنها "سيف الأمة" و"رادع الغزاة"، صارت اليوم قضية دفاعية بحتة. تُبقي طهران فقط على ما يسمح به الأميركي... لا أكثر. العار مغطى بابتسامة دبلوماسية.لكنّ الطعنة الأعمق جاءت في البند الخامس، حين طُرح تغيير طبيعة النظام نفسه، إشراك المعارضة، هندسة حكم انتقالي... كلمات لو نُطقت قبل عامين، لكانت كافية لتدخل حربًا. أمّا اليوم، فالمفاوض الإيراني بلعها، وارتعشت أصابعه، لكنّه لم يرفض. لقد تمتم، تلعثم، صُدم... لكنه لم يرفض.المصائب لا تأتي فرادى، بل تسقط مثل أحجار دومينو، ومكتب اتصال إسرائيلي في طهران؟ نعم، حتى هذه لم تعد من المحرّمات. سنوات من الشتائم السياسية والتهديدات الكاذبة تتبخّر، وتتحوّل إلى ترتيبات أمنية واقتصادية برعاية أمريكية.كل ذلك، وليس في الشارع الإيراني صوت. لا احتجاج، لا غليان. فالنظام الذي كمّم الأفواه عقودًا، بات لا يسمع إلا نفسه وهو ينهار. الانهيار الصامت أخطر من الانفجار، لأنه يذيب الجسد من الداخل، كمرض خبيث لا تظهر أعراضه إلا حين يفوت الأوان.المفاوضات لم تعد سرًا... لأنها فضيحة، تهمسها الرياح في آذان الميليشيات، تصفعهم الصفعة تلو الأخرى، وهم يواصلون الرقص حول نارٍ انطفأت، يهتفون لظلّ وليٍّ يبيعهم بالجملة في سوق المصالح، يتجرّع التنازلات واحدة تلو الأخرى ليشتري نفسه من حبل العقوبات.هكذا تبدو إيران اليوم: تنام على بركان من التآكل الداخلي، وتستيقظ على ورقة تفاهم جديدة تفقدها جزءًا من هيبتها المصطنعة. وحين تسقط الهيبة، لا تُرفع ثانية. فالمفاوضات لم تقتل المشروع الإيراني... بل كشفت أنه مات منذ زمن، وأن ما نراه اليوم ليس سوى رقصة الوداع على أنقاض دولة كانت ذات يوم تتوهّم أنها محور العالم.وفي النهاية، تبقى الطامة الكبرى في مشهد لم يُعرض بعد: حين تصل تلك الشروط إلى آذان من يموتون لأجلها، حين تُكشف الحقيقة للذين صدّقوا الأكذوبة حتى الثمالة، ماذا سيقولون؟...هل سيصفقون؟أم سيذبحون أنفسهم خجلًا؟..أم لعلّهم سيكتبون وصاياهم بالحبر الذي كتبت به طهران اعترافها الأخير... بالحقيقة.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حمورابي حين خطّ القانون على صخرة العدالة
- -حين انطفأت شمعة بغداد ونام الجمل في الظلام-
- الحسينُ بين دمعِ الخلود... وبدعِ الجهالة
- -غريبٌ في دفتر الوطن-
- -حينَ يتقاضى الغريب وتُسلب يدُ الحارس خبزَها-
- خرابٌ بني على الوهم: سردية الفوضى ومأساة الدولة الموءودة
- -حين يكتب القيدُ البيان: الإعلام العربي بين بوق السلطان وصرخ ...
- -كردستان.. نداء القلب الواحد-
- انتفاضة الظل على صانعه: العراق بين احتضار النفوذ وولادة القر ...
- حين يُدفن الحرف حيًّا... مرثية التعليم في العراق
- -الريح تهدر من الجنوب... هل آن أوان النهاية-
- العزف على وتر الدم... حين تتحول المواكب إلى نارٍ تأكل الوطن
- وهج الدم الهادر… دروس الحسين التي لا تموت
- -رقصة النهاية في ميدان الدخان: أوكرانيا بين أنياب الدب وأطيا ...
- طعنة غُربة
- حين تُطوى الراية قبل أن تذبل... عن إعادة رسم خرائط القوة بين ...
- الفنان العراقي.. صوت الوطن المنفي
- -حين يصير المجد تهمة... ويُؤخذ التاريخ من مأتمٍ لا ينتهي-
- -حين تعزف الدولة على لحن فنائها: عزاءٌ لوطنٍ يُقصف من داخله-
- العراق… صندوقٌ فارسيُّ الأختام


المزيد.....




- فيديو متداول لحشود -عشائر سوريا- بطريقها إلى السويداء.. ما ح ...
- هل يُحوّل نظام الطائرات المسيّرة الأوكرانية الحرب إلى -لعبة- ...
- تقرير يكشف: إسرائيل تسعى للحصول على دعم أميركي لنقل فلسطينيي ...
- إحدى -أقسى عقوبات- أوروبا: خفض سقف سعر النفط الروسي
- ما دلالة تحريم شرب القهوة في أعراف العشائر السورية؟
- حماس تتهم إسرائيل بعرقلة جهود التوصل لوقف إطلاق النار في غزة ...
- هل تخدم تحركات العشائر مساعي الحكومة لفرض سيطرتها على السويد ...
- الضحك قد ينقذ حياتك.. لماذا نميل للمزاح في الأوقات الصعبة؟
- لندن توقف مخططا لنقل الأفغان إليها وتترك آلاف المتعاونين لمص ...
- عاجل | الرئاسة السورية: ننطلق في موقفنا من أحداث الجنوب السو ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - تحت الطاولة... فوق الأعناق: حين تفاوض إيران على رقاب عشاقها