أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - من دفتر فكتوريا... حيثُ تنوح الأرقام وتبكي الدولة.














المزيد.....

من دفتر فكتوريا... حيثُ تنوح الأرقام وتبكي الدولة.


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8413 - 2025 / 7 / 24 - 15:25
المحور: قضايا ثقافية
    


لم تكن فكتوريا جرجيس بحاجةٍ إلى منصةٍ سياسية أو جناحٍ حزبي أو عمودٍ في صحيفةٍ ممولة من خزائن الوجع، لتقول ما تقوله الآن بلسان الأرقام… ولسان الأمهات الثكالى والأطفال الذين صار الحليب في عيونهم حلماً، والماء في أفواههم نعمةً تُباع بمزاد السوق السوداء.
في بلادٍ كان يقال عنها "مهد الحضارات" لم نعد نجد غير حضارة النهب، وإرثٍ يتوارثه الوزراء كمسبحةِ الأكاذيب. تُدار الدولة كما تُدار حظائر الأبقار، وتُسرق كما تُسلَب الطرائد في صيدٍ مفتوح، بينما الحكومات تتوارى خلف شعارات السيادة، وهي تتسوّل على أعتاب البنك الدولي.
سيداتي سادتي، لا تتعبوا أنفسكم في البحث عن خزائن العراق، فقد كتبتها فكتوريا بحبرٍ من لهب. مليون برميل في اليوم، يتحول إلى مئة مليون لتر، ثم إلى خمسة وأربعين مليار دينار، ثم إلى أكثر من ستة عشر تريليوناً في السنة، ولا أحد يعرف كيف تتبخر. هل تشربها العفاريت؟ أم يعبّها دهاقنة الميزانيات الوهمية؟ أم تراها تُعبّأ في جيوب لم تعرف يوماً طعم الفقر ولا رائحة التنور الطيني في جنوب البلاد؟...فليخبرنا أحدهم أين تختبئ تلك النقود، علّنا نسترجع نصف رغيف ونصف شتاء دون انقطاع.أين هي ضرائبكم؟ عائدات الإنترنت؟ غلّة العقارات والمطارات والمنافذ؟ بل أين تذهب موازنات الكهرباء التي لم تضئ مصباحاً منذ أن تحولت الدولة إلى ظلٍّ هشٍّ يتهادى فوق أطلال الوزارات؟...كان يمكن لصوت فكتوريا أن يضيع كما ضاع صوت الآباء في زحام الموت اليومي… لكنها كتبت، ونشرت، ورفعت راية الأرقام كما ترفع الأم راية الكفن. لم تكن تتساءل بل تصرخ، تصرخ بلغة الموظف الشريف الذي ينظر إلى راتبه الهزيل كما ينظر طفلٌ يتيم إلى واجهة محل حلوى لا يستطيع أن يشتري منه شيئاً.هل سألتم أنفسكم مرةً لماذا أصبح الفقراء يفضلون الصمت؟..لأنّهم حين يتكلمون يُسْتَدْعَوْن...وحين يَصمتون يُجَوَّعون...وحين يحتجون يُقْمَعُون...وحين يكتبون يُتَّهَمون...البلاد التي أنجبت سومر وأور، بابل ونينوى، صارت اليوم رهينة بضعةِ أسماءٍ يعرف الشعب وجوههم ولا يعرف ضمائرهم. وإن كان الضمير في عرف القانون شيئاً لا يُرى، ففي عرف الجوعى هو كل ما تبقّى من وجدان وطن.
"بدلاً من الاستدانة" تقولها فكتوريا، ونقول نحن: بدلاً من بيع خيط الشمس لبناء قصور للمتنفذين، أوقفوا سيل السرقات. بدلاً من إغراق الوطن في المديونية، اسحبوا البلد من جيوب الحيتان وأعيدوه إلى حضن شعبه. بدلاً من رسم الأوهام في مشاريع وهمية، نظّفوا الوزارات من لصوص الليل وسماسرة النهار.
فهل تجرؤ حكومةٌ ما، على مواجهة تلك الأسئلة؟
هل يمتلك أحدكم الجرأة على أن يرفع رأسه دون أن يغلق ملفَّ الحقيقة؟
هل يستطيع أحدكم أن يقول: نعم، تلك الأموال كانت لنا، وسنستعيدها؟...أم أن فكتوريا، ومعها مئات الآلاف من العراقيين، سيبقون وحدهم يراقبون ما يُنهب باسم القانون، وما يُطمس باسم "المصلحة العامة"؟...أيها القارئ، إن كنت عراقياً حقيقياً، فاقرأ هذا المقال لا كخبرٍ، بل كندبةٍ في قلبك. وإن كنت مسؤولاً شريفاً (إن تبقّى من هذا النوع شيء)، فاجعل من دفتر فكتوريا وثيقة دولة، لا منشوراً منقولاً. لأن العراق لم يعد يحتمل أرقاماً أخرى، بل يحتاج إلى حسابٍ طويل في محكمة الشعب.ولعل التاريخ سيكتب يومًا: أن امرأةً تعمل في مصرفٍ، نطقت بما لم ينطق به مئة نائب، وسألت ما لم يجرؤ على سؤاله ألف موظف:أين ذهبت أموالنا... يا سادة الخرائط المنهوبة؟



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تَجَلّيات الحضارة الإغريقية بين وهج البدايات ومرآة التأثير ا ...
- ضحكة التريليون… وبكاء الخدعة الكبرى
- ملحمة جلجامش أقدم من تراتيل أنخيدوانا… ولكن لكل بداية معراجه ...
- إنخيدوانا وصوت الأدب الأول من معابد العراق
- عباس الويس.. لوكس التحدي في عتمة السرد
- حين احترقنا.. كان المسؤول يُهدي -لكزس- لعشيقته
- بُكاءُ الجَمرِ في نُزولِ المطرِ المُتَرب
- العراق حين يقصف قلبه: من يقصف الكرد
- تحت الطاولة... فوق الأعناق: حين تفاوض إيران على رقاب عشاقها
- حمورابي حين خطّ القانون على صخرة العدالة
- -حين انطفأت شمعة بغداد ونام الجمل في الظلام-
- الحسينُ بين دمعِ الخلود... وبدعِ الجهالة
- -غريبٌ في دفتر الوطن-
- -حينَ يتقاضى الغريب وتُسلب يدُ الحارس خبزَها-
- خرابٌ بني على الوهم: سردية الفوضى ومأساة الدولة الموءودة
- -حين يكتب القيدُ البيان: الإعلام العربي بين بوق السلطان وصرخ ...
- -كردستان.. نداء القلب الواحد-
- انتفاضة الظل على صانعه: العراق بين احتضار النفوذ وولادة القر ...
- حين يُدفن الحرف حيًّا... مرثية التعليم في العراق
- -الريح تهدر من الجنوب... هل آن أوان النهاية-


المزيد.....




- صحفي يسأل ترامب عن رسالة -بذيئة- زُعم أنه بعثها لجيفري إبستي ...
- وثائق جديدة تنشرها نيويورك تايمز.. هكذا بارك ترامب لإبستين ب ...
- 30 قتيلاً بينهم نساء وأطفال.. اتهامات لقوات الدعم السريع بتن ...
- محكمة التمييز الفرنسية تلغي مذكرة التوقيف بحق بشار الأسد
- -لا ثقل له-.. ترامب ينتقد إعلان ماكرون عن نيّته الاعتراف بدو ...
- محادثات الدوحة تصل إلى طريق مسدود.. إسرائيل تتهم حماس والحرك ...
- زيلينسكي يعلن تأمين مبلغ لشراء ثلاثة أنظمة دفاع باتريوت ويتر ...
- -أخبار كاذبة-.. السفارة الأمريكية في طرابلس تنفي الأنباء عن ...
- فلسطين... التسلسل الزمني لمسار شعب ودولة في انتظار الاعتراف ...
- شبكة الجزيرة تحذر من استهداف صحفييها في غزة بسبب حملة تحريضي ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - من دفتر فكتوريا... حيثُ تنوح الأرقام وتبكي الدولة.