رانية مرجية
الحوار المتمدن-العدد: 8377 - 2025 / 6 / 18 - 09:34
المحور:
المجتمع المدني
يقول سيدنا يسوع المسيح، ابن المريم، الذي وُلد في مذود ولم يملك جدارًا يسند عليه رأسه، هذه الكلمات التي لا تشبه العبارات الخشبية التي حفظناها من كتب التربية الدينية البائسة.
لم يأتِ ليسنّ الشريعة، ولا ليقبّل أيدي الفريسيين، بل أتى ليخلخل العروش التي تُشيَّد على آهات الفقراء، وأصوات المقهورين والمقموعات في مطابخ السلطة.
“روح الرب عليّ”، قالها بثقة من يرفض أن يكون موظفًا في مؤسسة دينية متعفنة.
هو لم يُمسح ليبارك الجلادين، بل ليصرخ في وجههم.
هو لم يُرسَل ليعزّي من نَهبَ، بل ليواسي من نُهِب.
قالها بوضوح:
المساكين أولًا
المنكسرو القلوب أولًا
المأسورون أولًا
المنسحقون أولًا
أما المتخمون بالمال والجاه، فلن يسمعوا صوته، لأن قلوبهم مغلقة مثل خزائنهم.
من يعرف ماذا تعني هذه الآية أكثر من أولئك الذين اعتادوا أن يُدفنوا أحياء داخل صمتهم؟
من يعرفها أكثر من القلوب التي تتكسّر كل يوم ولا تجد طبيبًا؟
من يعرفها أكثر من الشعوب المستباحة، والأمهات اللواتي يُغسلن دموعهن كل صباح بالصبر؟
سيدنا يسوع المسيح لا يأتي على هيئة طبيب تجميل، بل على هيئة طبيب طوارئ؛ لا يداوي الجراح بل يمشي فيها.
أين الكنائس من هذه الرسالة؟
أين أولئك الذين يتصدرون المذابح ويغلقون أبوابها بوجه المتعبين؟
أين المؤسسات التي تتغذى على ألم الفقراء ولا تقرأ هذه الآية إلا في قداس أحد الشعانين؟
يا من كُسِرَ قلبك،
يا من سُلبَت حريتك،
يا من يصرخ داخلك ولا يسمعك أحد،
اعلم أن روح الرب عليك أنت أيضًا.
ليس فقط على الكهنة والبطريركيات، بل عليك، أنت يا من تنام في حضن الجوع، وتحلم بحرية.
هذه الآية ليست للزينة، بل سيف.
وليس سيفًا على أعناقنا، بل سيفًا نرفعه في وجه القهر.
آمنت بك يا سيدنا يسوع، لا فقط لأنك ابن الله الحي، بل لأنك كنت أول من قال:
“المنسحقون في الحرية”.
وها نحن نُسحق كل يوم، لكننا نكتب، نغني، نولد من جديد.
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟