أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رانية مرجية - ثلاث نَفَسات… وإلهٌ واحد لا شريك له














المزيد.....

ثلاث نَفَسات… وإلهٌ واحد لا شريك له


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8377 - 2025 / 6 / 18 - 09:34
المحور: المجتمع المدني
    


يقولون لنا: أنتم تعبدون ثلاثة آلهة.
ونجيب بمرارة الأنبياء الذين لم يجدوا مكانًا لولادتهم ولا قبورًا لدفنهم: لا، نحن نعبد إلهًا واحدًا… لكنه ليس مسطّحًا، ليس جامدًا، ليس صنمًا من حجر.
إلهنا حي، متحرك، فاعل، مُحبّ.
إلهنا واحد، لكن في كينونته حياة وحوار وعلاقة.
إلهنا هو الآب والابن والروح القدس، وليس بين الثلاثة فاصل ولا مسافة، بل سرّ لا يُحتَكر ولا يُشرح كما تُشرح معادلات الفيزياء، بل يُعاش ويُتنفّس ويُتذوّق كما تُتذوّق صلاة في ليل الخوف.
نحن نعبد إلهًا واحدًا بثلاثة أقانيم.
والأقنوم، لمن لا يعرف، ليس “جزءًا” من الله، بل هو “وجه” من حضوره.
ليس فصلًا، بل عمق.
ليس رقمًا، بل علاقة.
الآب… هو الأصل، هو الحبّ الذي لا يحتاج إلى إثبات.
هو الذي قال للعدم: كُن، فصار نورٌ وكوكب وإنسان.
هو الذي لا يُرى، لكنه يُشعر، مثل دفء الشمس في عزّ كانون.
هو ليس شيخًا بلحية بيضاء فوق الغيم، بل قلبًا أبديًا ينبض في صمت الخليقة.
الابن… هو الكلمة، الصوت الذي صار جسدًا كي لا نبقى نحن مجرّد صدى.
هو يسوع المسيح، ابن المريم، الذي سار حافيًا على دروبنا، ونام على حجارة قلوبنا، وبكى معنا، وتألم مثلنا، ليقول لنا إن الله لم يبقَ هناك، بل أتى إلى هنا.
الابن لم يُرسل ليؤسس ديانة، بل ليؤكد أن الحبّ لا يُفهم إلا إذا مشى معنا على الأرض.
الروح القدس… آه، الروح!
النسمة التي تهزّ القمح دون أن تراها.
الصرخة التي تُشعل قلوب التلاميذ الخائفين وتجعلهم يعلنون الحقّ دون خوف.
هو الحضور الذي لا يُحدّ، الريح التي لا تُقيَّد، القوة التي لا تُشترى ولا تُباع.
هو الذي يجعلنا نصرخ: “يا أبا الآب!”
هو الذي يربط بين الآب والابن، ويجعل الكنيسة جسدًا حيًّا، لا مؤسسة بيروقراطية.
فكيف إذًا نقول: ثلاثة؟
نحن لا نعبد ثلاثة، بل نعبد الواحد الذي أحبّ، والذي تجلّى، والذي يسكن.
الواحد الذي هو شركة، لا وحدة ميتة.
الواحد الذي هو حوار داخلي أبدي، لا صمت صنميّ.
الثالوث الأقدس ليس مسألة فلسفية، بل هو لُبّ الإيمان المسيحي.
لأنه من خلاله نفهم أن الله لم يكن أبدًا وحيدًا، ولم يكن أبدًا بعيدًا.
من خلاله نفهم أننا لسنا وحدنا في هذا العالم.
وأن الحبّ، في أصله، ليس صفة من صفات الله، بل كيانه كلّه.
فهل هذا صعب؟
نعم، على العقل الذي يريد أن “يفهم” الله كأنه آلة.
لكن ليس صعبًا على القلب الذي يعرف أن الله لا يُفهم، بل يُحَبّ.
الثالوث ليس مشكلة يجب حلها، بل سرّ يجب السجود أمامه.
هو الله الذي لم يحبس نفسه في عليائه، بل فتح قلبه لنا بثلاث نَفَسات:
الآب… الذي خلقك لأنك جميل.
الابن… الذي فداك لأنك ثمين.
الروح… الذي يسكنك لأنك محبوب.
إله واحد، لا شريك له.
لكنّه ليس وحيدًا، لأنه محبة.
ومن يعرف المحبة، يعرف أن المحبة لا تعيش وحدها أبدًا.



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تفقد وزنك؟
- قلمي
- ⟡ صلاة الأرواح وأهازيج الغياب ⟡
- كيف تصبح وزيرًا في دولة عربية؟
- قراءة في حكمة الفناء من منبر الإنسان الباحث
- “حين تُقصف الهشاشة: ذوو الإعاقة بين نيران الحرب وصمت الدولة”
- حين يغيب الضوء، نبقى نحن”
- الكتابة الإبداعية… حين نداوي الجرح بالحبر
- لن يكون ردًا إيرانيًا… اطمئنوا!
- قناع الغفران… وشروخ في قلب الربّ
- التجسير وفضّ النزاعات: صرخة من قلب المجروحين
- جورج حبش… الحاضر رغم الغياب
- جسرُ القلوب
- ما دام ضميرك صاحي ومعك، اكتب…
- حرية حرية… وإلّا؟
- الكلاب أوفى من البشر… وهل في الأمر مبالغة؟
- أذهب إلى المقبرة كل يوم… لأنني لا أجدني بين الأحياء
- موج بحر يافا
- قصيدة في عيد العنصرة-العنصرة… حين تتكلّم الروح
- متى تنتهي الحرب؟


المزيد.....




- -الأونروا-: 45? من المستلزمات الأساسية في قطاع غزة نفدت
- الشرطة السلوفاكية تبدأ موجة تحقيقات واعتقالات عدة مسؤولين بس ...
- -ليس لديكم سُلطة!-.. شاهد لحظة اعتقال المرشح لمنصب عمدة نيوي ...
- الأونروا: نفاد الوقود يُهدد سير العمليات الإنسانية في غزة
- -الإحصاء-: 5.9 مليون لاجئ فلسطيني مسجلين لدى الأونروا
- الاحتلال يحوّل الطفلة هناء حمّاد من الخليل إلى الاعتقال الإد ...
- شاهد.. اعتقال لاعب خلال مباراة فريقه بتهمة الشروع بجريمة قتل ...
- مركز حقوقي: محكمة إسرائيلية تجيز هدم جماعي للمنازل بمخيم جني ...
- مكتب نتنياهو يعلن حصيلة أضرار الصواريخ الإيرانية وأعداد النا ...
- مبعوث إيران بالأمم المتحدة: إسرائيل هاجمتنا بلا سبب وهي تسته ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رانية مرجية - ثلاث نَفَسات… وإلهٌ واحد لا شريك له