رانية مرجية
الحوار المتمدن-العدد: 8376 - 2025 / 6 / 17 - 09:59
المحور:
كتابات ساخرة
أول خطوة لفقدان وزنك أن تفقد أعصابك. أن تقرأ هذا العنوان وتظن أنني سأهديك وصفة سحرية لتذويب شحوم بطنك التي تراكمت كالدَين الوطني – بلا رجعة. تؤمن للحظة ساذجة أنك ستصحو غدًا خفيفًا كريشة، تمشي في السوق وعيون الباعة تصيح: “انتبهي يا أنسة، الريح حتشيلك!”
لكني – وبكل وقاحة صحفية – لا أملك حميةً مذهلة، ولا أؤمن بأخصائيي التغذية الذين يحسبون سعراتنا الحرارية أكثر مما نحسب نحن عدد خيباتنا اليومية. كل ما أملكه تجربة قاسية مع ميزانٍ بلا قلب، ومقعد بلا رحمة، وسراويل قررت فجأة أن تغلق أبوابها في وجهي!
سيداتي وسادتي، لا تصدقوا تلك الخرافة التي تقول إنك إن أكلت خسًا وركضت كالملهوف خلف أحلامك، فستصبح “موديلًا” في إعلان ماءٍ معدني. لا، الحقيقة أن الخس يزيدك اكتئابًا، والركض خلف الأحلام يسبب آلام مفاصل لا علاج لها سوى التنازل.
لقد جربت كل شيء:
– رجيم الماء، الذي انتهى بي عطشى وضعيفة إلى درجة أنني حلمت أنني أعض السحاب.
– رجيم البروتين، الذي جعلني أنفر من البيض حتى كرهت صباحات الأحد.
– الصيام المتقطع، الذي جعلني أُقسم أنني لن أسامح من اخترع الساعة.
وأخيرًا أدركت أن الطريقة الوحيدة لفقدان الوزن هي:
أن تفقد الأمل.
نعم، الأمل بأنك ستبدو مثل فلان أو علان، أو أن جسدك سيصبح فجأة “مقبولًا” حسب مقاييس هذا العالم المعتل نفسيًا.
فقدان الوزن الحقيقي يبدأ عندما تفقد خوفك من المرآة، ومن طقطقة كرسيك، ومن تعليقات عمّتك على فخذيك. يبدأ حين تقرر أن تعيش كما أنت، وتأكل كما يليق بإنسان يشعر ويجوع ويفكر، لا كما تُملى عليك وصفات قاسية من خبيرة تغذية لا تبتسم.
والأهم؟ أن تخسر من وزنك بعض العلاقات السامة، والأفكار المنحرفة عن الجمال، والأثقال التي على قلبك لا على خصرك.
فأنا، يا سادة، قد لا أبدو نحيلة، لكنني خففت الكثير:
خففت التوقعات، والناس، والواجبات الاجتماعية، وخسرت أخيرًا الكيلو الأخطر: كيلو النفاق
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟