أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - مذكرات ما قبل الرحيل ج 17















المزيد.....

مذكرات ما قبل الرحيل ج 17


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7315 - 2022 / 7 / 20 - 10:04
المحور: الادب والفن
    


تساءلت في أحد كتبي السابقة سؤالا وقد أجبت عنه في حينه، وأني اليوم أتبرأ من جوابي السابق ليس لأن فكرتي غير صائبة ولا لأن جوابي لم يكن موضوعيا، سؤالي كان يدور حول فكرة أن لو أردنا أن نستبدل الدين بمقوم فكري أخر أو حامل ناهض للقيم التي تبني أو ما يسمى بالقيم الرأسية في المجتمع، هل نجد بديلا واقعيا وممكنا؟ كان جوابي في المدى المنظور ولعدم تكامل هيكل العلم بما يعني أنه ما زال عاجزا عن الإجابة عن الكثير من الأسئلة، فإن العلم غير مؤهل للحلول بدل الدين، الحقيقة هذا الجواب الأن أعتبره متطرفا وغير عقلاني بالمرة، العلم وإن بدا بداية صغيره لكنه هو من فتح كل الأفاق والطرق أمام الدين، بدأ من البرهنة على بعض الحقائق الدينية وصولا لتهيئة ما يعرف بالقواعد اللوجستية التي مكنت الدين من الحركة في المجتمع، فالعلم كان أسبق من الدين في الإجابة وأقدر منه في تحديد وجهة الإنسان الصحيحة.
في المقالات السابقة تطرقت طويلا لموضوع العلم وتكلمت بجدية حول أنه كموضوع أثبتت الوقائع أنه فعلا الطريق لله، ومن دون العلم لا يمكن وبأبسط المفاهيم أن يعيش الدين عالمه الحالي خاصة في الجانب المادي من فكرة الدين، وقد تنسد أمامه أي محاولة للخروج بالواقع إلى المنطق، فلو تصورنا أن الإنسان لا يعرف سبب سقوط المطر، ولا يعرف صناعة الورق، ولم يهتدي للكتابة والكثير من المنجزات العلمية، هل من الممكن للدين أن يفسر تلك الجوانب أو يتحرك داخل منظومة المعرفة بلا علم ولا كتاب مبين؟ بالتأكيد سيكون من العسير عليه أن يقدم حتى رؤية بسيطة وإن كانت صحيحة، فسوف يقدمها بإطار خرافي يتناسب مع عقل بلا علم.
هناك حقيقة لا يريدها العلم إغفالها ويضعها دوما في مقدمة أهدافه، ولكن بعص العقل الديني الأستسلامي التقليدي السلفي يقاومها بشده ويعتبرها مشا بجزئية أساسية من مقومات وجوده، هذه الحقيقية تقول (لا دين حقيقي ولا إيمان ناجح به ما لم يكن التفكير المنطقي العلمي يسبق الإيمان به، التسليم المجرد أو المتوارث لا يعني صحة ولا يمكن أن يكون مقياسا لليقين الحقيقي)، فهذه الحقيقية والتي يقاومها العقل الديني تفترض مقدما أن الدين بأي شكلية كانت حقيقة تامة لا يحتاج معها إلى تفكر.
هذا الخلط ناتج من المزج بين الله كونه حقيقة مطلقة وما نسب له أو أرتكز عليه من مفاهيم ومعارف وطقوس وأحيانا حتى شعور على أنه واحد، الديني من الفئة أ لا يمكن أن يرى أن الله يمكن أن يشرع نقيضا للدين الذي أمن به، وبالتالي وفق هذا المنطق فكل الأديان الأخرى أما زائفة أو ناقصة أو محتاجة لدينه، هذه القاعدة لا تستثني دين ولا عقيدة، ولو جمعنا كل الأديان لغرض الأتفاق على محدد واضح لا يمكن أن نستطيع أن نجمع أكثر على مجرد وجود الله فقط مع أحتفاظ كل دين بصورة خاصة به.
هذا التشتت وهذا الأختلاف المزمن على قضية واحدة سببه أن المجموع الكلي لفكرة الدين لا يمكنها أن تكون متشاركة في فهم عام حتى تتخذ معيارا واحدا فقط، وهو العلم لو أقرت به حكما وفيصلا ومعيارا قياسيا مع الإقرار منها بأن أي مخالفة للعلم تكون خارج أطر الدين، في هذه الحالة الوحيدة يمكن أن ننجح في إيجاد أرضية موحدة، هنا ليس الدين هو الذي نجح بإثبات وجوده كحقيقة ولكن العلم هو من قاد العقل البشري ليكون منصفا مع نفسه.
نعود إلى موضوع العلم وتحديدا المعنى المقصود حقيقة، العلم يمكن تعريفه من جانبين الأول هو الجانب الذاتي له أو الجانب الجوهري والذي يدل على أنه هو مجموع كل القوانين والحقائق الثابتة التي لا تتغير لتغير الظروف كونها ملتصقة بالوجود، فهي أما منشئة أو منظمة أو مفسره له، وبما أن الوجود مفهوم كلي ثابت فالعلم الذي يهتم بحقائق كلية ولا يتغير إلا بتغير تلك الحقائق فهو كلي معها، هذا الفهم يقودنا ولغرض التبسيط لتقسيم هذه القوانين والحقائق الكلية إلى مدارين مع تماثلهما بالأصل ورجوعهما لقاعدة واحدة هي أن العلم موزون منضبط لا يخطي في نتيجة ولا يمكن تصور خط مستقيم له غير منطوق وخطه الأصلي.
العلم العام أو مجموعة القوانين الأساسية التي تحكم جزء كبير من حركة الوجود وتتدخل من تركيب أصغر جزء في المادة وصعودا على نقس المستوى، والعلم الخاص الذي يختص بحالات جزئية من حالة كلية محكومة بذاتيتها وقد لا تمتد خارج حدود الحالة المعنية، بمعنى أن هناك قوانين علمية وحقائق كلية تطبق في جميع الكبريات والصغريات مثل قانون الجاذبية وقانون حفظ المادة والطاقة، وهناك قوانين فرعية تعني قضايا جزئية مثل قانون الأواني المستطرقة وقانون مندل للوراثة، وعند التعمق بهذه القوانين الفرعية نجدها تعود بشكل أخر إلى دائرة القانون الأكبر وهو قانون التوازن والديمومة.
أما العلم من ناحية التعريف الثانية والتي تختص به كموضوع هو مقدار ما يتحصل عليه الفرد من معرفة وأكتشاف لتلك القوانين والمعادلات والحقائق الثابتة، فكل عقل له حدود في العلم أي حدود ما يستطيع الوصول إليه، فهناك العقول المركبة التي لديها قدرة واسعة للتعامل مع عدة أنواع ومجالات من التخصص، وهناك العقول البسيطة التي لا تستطيع هضم أبسط الحقائق العلمية لكونها غير مؤهلة ولا معدة بشكل صحيح للتعامل مع العلم بشكل موضوعي، من الجانبين الموضوعي والذاتي والدمج بينهما يمكن لنا أن نجعل من العلم طريقا لله، وليس فقط معرفة في دقائق العلاقات والروابط البينية في الوجود، هذا المفهوم المادي للعلم يفصل بين الإنسان ووجوده، وبين الوجود وصانع قوانينه وخالق العلم وواضعها في الدورة الوجودية، وهو ما نعنيه بلفظ ودلالة كلمة الله.
ونحن في طريقنا في أكتشاف العلم والأستدلال على قوانينه ومعادلاته وحقائقه الكلية إنما نسعى لتجسيد مفهوم التوحيد كما يفهم دينيا، عندها وفقط نكون في الحقيقية أقرب جدا لفهم الله ولفهم مراداته وأهدافه وطريقة تعامله من الوجود، العلم هو وحده الذي يقربنا من الحقيقية التي أجتهد الدين فيها كثيرا حتى يدرك تبرير وجوده، ولم يفلح في الوصول إلى مقاربات ومقتربات من الحقيقة الوجودية ولم يفلح في أن يكون واحدا كما هو العلم حقيقة واحدة، فمثلا نجد علما يهوديا ولا حقائق علمية بوذية، العلم هو العلم والقوانين هي القوانين والرياضيات والكيمياء والفيزياء فوق الاديان والمذاهب وهي التي جعلت من خلال التعاطي بها أمة الإنسان أمة واحدة، لقد نجح العلم في جمع الإنسان بينما فشل الدين في جمعه حتى داخله الخاص وصاروا امم ومذاهب وقراءات وطوائف، فإيهما أحق أن يكون الطريق لله.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 16
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 15
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 14
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 13
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 12
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 11
- مذكرات ما قبل الرحيل ج 10
- مذكرات ما قبل الرحيل ج9
- مذكرات ما قبل الرحيل ج8
- مذكرات ما قبل الرحيل ج7
- مذكرات ما قبل الرحيل ج6
- مذكرات ما قبل الرحيل ج5
- مذكرات ما قبل الرحيل ج4
- مذكرات ما قبل الرحيل ج3
- مذكرات ما قبل الرحيل ج2
- من مذكرات ما قبل الرحيل
- دائرة الفساد من يد ليد معا من أجل عراق فوضوي تحت سقف القانون ...
- التفكير الفلسفي في منطق التشريع ح1
- فلسفة التشريع والمشرع
- التشريع نتيجة كبرى


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - مذكرات ما قبل الرحيل ج 17