أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - مذكرات ما قبل الرحيل ج8















المزيد.....

مذكرات ما قبل الرحيل ج8


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7308 - 2022 / 7 / 13 - 01:32
المحور: الادب والفن
    


العالم من حولنا يثبت نظرية ويبطل نظرية، ما يثبته العلم يوميا من أن الله جالس على عرش يحمله ثمانية، وأنه يبصر وبسمع ويرى وينتقم ويستبشر وووو إلخ مما نسب له من أفعال المخلوقات، مجرد رتوش للصورة التي خلقها العقل الإنساني ليوهم نفسه أنه عظيم، وأنه محل تعاطي مباشر مع الله وهذا بحد قدره عظمة كبرى، هذا العقل المنفصم مع نفسه هو من يثبت عكس ما يؤمن، والدليل أنه أكتشف ومن خلال منجزه العلمي أن الكون الذي نعبش فيه لا يمكن حتى أن تتصور هول حجمه ومقدار ما فيه من مادة وطاقة، وأن عالم البشر الذي يفتخر بالعقل لا يمكن ووفق أي مقياس أن نعطي مقارنه بين حجمه وحجم هذا الكون، هذا المحال العقلي يقودنا بالتأكيد إلى محال منطقي وهو "أن الله الذي خلق هذا الكون الذي هو جزء فقط مما أكتشف من الوجود لا عمل له ولا شغل سوى أنتظار ردات فعل الإنسان على ما يريد وما لا يريد"، فمن يصدق هذا الحال أما أنه مجنون أو ينسب الجنون لله.
منظار جيمس ويب الفلكي الذي صدم العالم العاقل بما أعطى من معطيات علمية مصورة للكون بفكرة الرجوع في الزمان النسبي بالنسبة للإنسان، وليس بالنسبة للكون البعيد، وهنا فرق علمي أن نقيس الكون القديم بزمننا الحديث الذي هو نتاج وعينا بالمكان، والمكان هو وعينا بالوعي الذاتي الذي لا يتحقق إلا بوجودنا، وبما أن وجودنا كذات موجوده بذاتها فقياسها ذاتي محدود، فهي محدودة بذات الوجود ولا يمكن تعميمه إلا بما يعنيها هي، هنا يدخل الزمن الكوني ليحدد لنا زمننا الوجودي كجزء من كل، والجزئي لا يمكن أن يقيس الكلي إلا إذا أعتمد على جزئيته الكاملة على أنها من كلية كاملة ووفق قانون النسبية، جميس ويب أثبت هذه النظرية أن الزمن الكوني لا يقاس بالأيام ولا بالمسافات المكانية، أي لا يقاس منفردا بالزمان أو بالمكان، ولكن يقاس بنسبة الزمن على المكان.
نظرية جيمس ويب تقول "الزمان في عمق المكان" فكلما تعمقنا بالمكان ظهرا بدايات الزمن القديم، أي أن ترابط الزمان مع المكان ليس ترابط علة ومعلول ولا سبب ومسبب كما يفهم من النظريات القديمة، بل متوازية تسير وفق منحني مغلق، لا الزمان سبق المكان ولا المكان له القدم عليه، بمعنى أن الوجود الكلي أزلي أبدي وعمقه القياسي مثله، فالمكان هو البعد الأول الوجودي الذي يجعل من الوعي بالزمن ومن خلاله ممكن، كون الأخير مضمر في عمقه الحقيقي وبما أن عمق الشيء في جوهره فالزمان هو جوهر المكان، لذا يمكن أن نفيس عمر الكون بالتوغل داخل بنيته العميقة أكثر فأكثر.
هل تتناقض هذه النظرية مع صورة الله التي حلقها العقل البشري ومفهوم الزمن عنده، حينما حلق الله الكون في ستة أيام؟ بمعنى أن الزمن هنا سبق الوجود طالما أنه وقت والوجود لم يزل في طور القرار، أو أن الزمن المشار إليه هو الزمن في داخل وجود الله أي زمن الله المحض الذي لا نعرفه ولا نعرف محدداته ولا في قياساته وإنما قلنا يوم لمجرد التقسيم أعتباطا، إذا كان الزمن في عمق الذات الإلهية بأعتباره خالق "مادة" تخلق فلا بد لها من أن تشغل حيز، السؤال أين يكون مكان الله في وقت الخلق؟ في مكان خارج الوجود القديم الذي سبق الوجود الجديد "المخلوق"؟ أم في مكان بلا حيز فهو ليس مادة ولا مكان له فلا زمان له لأن العمق منتفي فالمضمر محال ان يوجد بلا ضامر.
من التسرع اللا مجدي أن نجيب بنعم أو لا دون أن نفهم ما ورد وما أنكشف من غطاء بصري عن أعين العقل، من المؤكد أن العقل الإنساني الذي خلق صورة الله في وعيه النشط ووضع حدود زمنية ومكانية كان يدرك حقيقتها بالعموم، لكنه لم ينجح في التعبير عنها بصورة منطقية، الصورة المتخيلة عقليا أن الله كان يعيش في عالمه الوجودي المنفرد، بزمانه ومكانه ضمن ما يعرف بالنهائية المغلقة التي لا يمكن الدخول لها أو التعرف على ماهية حدودها، لأن لا وجود أخر يمكن من خلاله أن ندرك ذاك العالم، وحتى يقرب العقل الصورة لمدركه الخاص، أفترض أن الله كان يعيش مثلنا بفارق العالم الذي نحن فيه والعالم الذي هو فيه، وفي لحظة القرار من أن بفتح بوابة عالمه المغلق بالنهائية المغلقة تحول الزمان والمكان من نهائي مغلق إلى بدائي منفتح، فتحول الزمان والمكان كذلك من مغلق نهائي إلى وجودي منفتح متمدد ومتعدد.
إذا نحن أمام تحول عميق في تشكيل صورة الله بعيدا عن النسق الذي أعتاد الإنسان على التعامل معه، هذا ليس مسا بالله ولا بخسا للعقل بقدر ما هو تصويب الفكرة على أساس متين ربما لمرحلة ما حتى يظهر ما يناقضها، الصورة التي نستنتجها من كل ذلك أن الله خارج عالمنا تماما بكل قياساته وماهياته وتكويناته ومعادلاته، الله القوة التي أخرجت الوجود المادي من عالمه المغلق بالمطلق إلى المادية المتحركة المتبدلة المتغيرة اللا نهائية، هذا التحول كيفي علمي محسوب بمعادلات صارمة لا يمكن أن يكون أساسها متغير بإرادة أو مشيئة معلقة أو موقوفة، محكومة حكما ومنضبطة بقانون لا بفيض ولا بتجلي ولا حتى بقول أو حكمة.
ما حدث كان تحول نوعي في جوهر المغلق المطلق أيا كان جوهره أو من خلال تبديل في بنيان النظام أو القانون الذي يحكم ذلك العالم المغلق، بإحداث فرصة واحدة عبر منها وجودنا الحالي من الماهية اللا شيئية التي كانت تتحكم به إلى الماهية الشيئية التي تتحكم بنا، هذا العبور قد يكون بالأنفجار العظيم أو ربما قبله أو من خلال سلسلة من المعادلات المغلقة، إذا العبور القديم أحتاج لزمن مغلق في عمق مكان مغلق ليتحرر من عمق الإغلاق إلى عمق الأنفتاح، لذا فعملية الأنفجار الكوني أو ما قبله كان جزء من تلك العملية التي أستمرت للأن وستستمر طالما أن الزمن في عمق المكان يتحرك بقوانين لا تتوقف ولا تتراجع.
هذا التقرير في تشكيل صورة الله العقلية ربما لن يكون نهائيا ولا يمكن أن يكون قانونا، ولكن ومن خلال المعطيات العلمية الصرفة تتبين لنا الأن مع إمكانياتنا العقلية المتاحة أن لا بديل عن هذه الصورة، تبقى قضية مهمة لا بد من التأكيد عليها ونحن في قبالة عقل أخر لا يؤمن إلا من خلال ما يتيقن من أساسيات، فهو يعترض من حيث الأساس أن هذه النظرية بمعطياتها وبمقولاتها بنيت على أفتراض أنها أيضا منتج عقلي من نفس العقل الذي أنتج الصورة السابقة، فهل من المنطق أن نؤمن بهذا العقل مرة ولا نؤمن به مرة أخرى، إن كان قد أخطأ في تصوراته السابقة فهو بالتأكيد لن ينجو من نفس الخطأ الآن، إذا ما هي الضمانة العقلية المنطقية التي تعزز الأنحياز لهذه النظرية، لا بد من وجود عنصر خارجي عنا، عنصر لا ينتمي للعقل البشري ليكون حياديا هنا وذا مصداقية.
الحقيقة التي يريدها العقل المتمسك بنظرية الله الذي يسمع ويتكلم وبرى ويشعر ويحب ويكره، هي في الحقيقية عارية تماما من أن تكون خفية على أحد، بمجرد أن تخبرني أن هذا الكون العظيم الذي هو جزء من الوجود المخلوق والذي سيخلق بعد الآن والذي يستمر في الخلق اللا متناه، يسيطر عليه كائن يجلس على كرسي يحمله مجموعة من الكائنات التي هي بدورها مخلوقة من قبل، ليأمر هذه والك من الموجودات فتستجيب له طوعا وكرها لأنها تخافه، نعم الله ممكن أن يحرك الوجود يبدل المواقع يحول الشيء واللا شيء، ولكن ليس من خلال أوامر كيفية غير منضبطة أو ليست لها قوانين هو صاغها وأوجدها حين أخرج الوجود المفتوح من دائرته المغلقة.
قبل الإخراج كان التصميم الأساسي الذي وضع داخل الصندوق المغلق قاد أو يقود لنتائج ليست متوقعة فحسب، ولكن مقررة تماما بالشكل والنتيجة والأسلوب والهدف دون أي أحتمال أخر، لا فوضى مع الله ولا عبث ولا حتى مع كيفية تتأرجح على خيارات لاحقة، منذ البدء كانت صورة الوجود نهائية لا تبديل فيها ولا تعديل لاحق لضرورة أو إكمال أو إتمام أمر، فتصور التبديل والتعليق يفسد نظرية الله من أساسها، أو تضع الله في موضع التشكيك والإزاحة عن مقام التمامية الكمالية المطلقة، إذا هذا النظام المحكوم لقوة نافذة له حاكم منتظم، علمي عملي لا يحتاج لأدلة ولا هو ينتظر أن يعلن عنه في عقل كائن متناهي بالصغر بالنسبة للوجود الأعظم حتى يفرح بهذا الإعلان.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذكرات ما قبل الرحيل ج7
- مذكرات ما قبل الرحيل ج6
- مذكرات ما قبل الرحيل ج5
- مذكرات ما قبل الرحيل ج4
- مذكرات ما قبل الرحيل ج3
- مذكرات ما قبل الرحيل ج2
- من مذكرات ما قبل الرحيل
- دائرة الفساد من يد ليد معا من أجل عراق فوضوي تحت سقف القانون ...
- التفكير الفلسفي في منطق التشريع ح1
- فلسفة التشريع والمشرع
- التشريع نتيجة كبرى
- ما بعد الدين ما بعد الشريعة ح1
- ما قبل الدين ما قبل الشريعة
- مقدمة في دراسة فلسفة التشريع
- العراق قادم ح3
- العراق قادم ح2
- العراق قادم ح1
- ماهيات الحضارة الإنسانية من وجهة نظر أجتماعية تاريخية
- في ظاهرة الإنكسار والبناء النفسي
- تشرين وما بعد تشرين العراق قادم بقوة.


المزيد.....




- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - مذكرات ما قبل الرحيل ج8