أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - التفكير الفلسفي في منطق التشريع ح1














المزيد.....

التفكير الفلسفي في منطق التشريع ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7300 - 2022 / 7 / 5 - 10:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


السؤال الساخن عند عامة الناس والذين لا هم مشرعين ولا فلاسفة، ولا هم دارسين ومختصين ولا من الخائضين في أسبار العالم والمعرفة، السؤال بسيط وقد يكون غير ذي شأن ولا أهتمام يستحق بإيراده، لكنك حينما تتكلم عن التفكير الفلسفي ومنطق التشريع سيقفز السؤال في وجهك كأنك وطئت وكرا للجن بدون أن تسمي بأسماء الله الواقيات، السؤال هو هل الفلسفة تتضاد مع الدين والتشريع بوجه أو أكثر؟ وهل التشريع يكفر الفيلسوف ويخرجه من دائرة الملة ويستنزل عليه غضب السماء والأرض؟ كل هذه الاشكالات والتساؤلات تطرح نفسها منذ قرون عدة بين الناس عامة وخصوصا البسطاء في العلم والمعرفة كلما أقتربنا من التابو الفكري المسيطر بسلفيته ومقولاته الخشبية، المتحفزون للهجوم دوما اذ انهم يجدون فيه نوعا من صراع الأمس بين الفلاسفة والمتكلمين من جهة والفقهاء من جهة، وكأن الفلسفة مس من الشيطان قد أنشأت لتكون سلاحا ضد الدين، بل وهدفها الأساس أن تخالف الدين في المبدأ والمقصد وتعيد فوضى الإيمان بالله.
يقول فواز حداد في مقالته المنشورة على أحد المواقع الثقافية بعنوان سؤال الفلسفة، أننا مجبرون بشكل أو بأخر على أن نتفلسف بشيء ما أو حتى بلا هدف (لا تنفصل الفلسفة عن الإنسان، إلا إذا فصلنا العقل عنه، كل منا يتفلسف حسب قدرته، أو حسب حاجته)، هذا الموقف يعترض عليه الكثيرون ليس من باب عدم واقعيته ولكن بزعم أحترام قيمة الفلسفة، فيرد حداد على ذلك بقوله (لا يعني تعميم الفلسفة انحداراً لها، بل التذكير بأنها كامنة في نسيج رؤيتنا للحياة)، فهو لا ينطلق من عبث ولا يقول خارج المنطق العقلي فيبرر ذلك (فالفلسفة ليست مجرد دعوة إلى التفكير، بل التفكير رغماً عنا بما يتجاوز مجرد العيش، إنها مواجهة ذواتنا والآخرين والعالم والحياة والكون والدين والمصير)، إذا موقف المفكر العضوي عندما يتناول الموضوع الفلسفي فإنه يقترب تماما من جوهر القلق الإنساني الدائم ويصفه بالقلق المشروع، لأنه ما في جوهره الوجودي قلق طبيعي جدا، ولأن الحياة أصلا هي عبارة عن قلق بحاجة لمن بتفلسف ليكشف لنا أننا قلقون بالغالب بلا سبب.
عندما ندرك أن المشرع وهو يمارس قضيته الأساسية في إخراج قاعدة تشريعية أو بناء نموذج تشريعي ووفقا لمقولة أننا جميعا نتفلسف، عندما نعي أو لا نعي ذلك لأننها نفكر أصلا وننتج بهذا التفكير منجز على الأرض، فهو يمارس شغف الفلسفة في صناعة الفكرة التشريعية وإخراجها جاهزة تستطيع أن تعمل وفق ما وضع لها من أليات ومحل، ولأنه بالأساس قد وضع لنفسه هدف ثم وضع للهدف غاية ووضع للغاية نتيجة مرجوه، فهو إلى هذا الحد وببساطة سلك طريق الفلسفة وعاشها منتجا ومبدعا صهر التصور المجرد والرؤية المتخيلة إلى قاعدة اضبط وتنظم حيزا في الوجود، حتى أن البعض يرى في التشريع كمنجز فكري نوعا من أنواع الفلسفة المضمرة في نصوص قانونية مشرعة لتنظيم ما يستوجب التنظيم، بقول أحد علماء الأجتماع السياسي أن القانون يكون فاعلا عندما يستطيع وبقوته التقليدية الذاتية أن يعيد تنظيم الوجود بضبط العلاقات البينية فيه، وبذلك فهو يمارس فلسفة التنظيم الضرورية لا قوة النظام القاهرة.
فلسفة التشريع سواء أكان المجال المستهدف دينا بالنسبة لعوالم ونطاق العمل الديني، أو قانونا في مجال العمل الأجتماعي هي بالحقيقة ذلك الملتقى النظري بين النظام المقنن أو الرؤية المسبوكة بتصور بما فيه من تشريعات وأحكام تروم في مقصدها الأول تحقيق الغاية البعيدة من الأستواء والتعارف والعيش الآمن السليم الذي يسعى لتحقيق العدالة بمفهومها الشمولي الذي سنتكلم عنه في الباب الثاني، إذا الفلسفة باعتبارها تلك الفاعلية العقلية التي تتحقق عن طريق الفحص والنقد والمسائلة الاستشكالية تساهم في تحويل الرؤى والتصورات التأملية إلى خطوط وحدود من مصدات أو حوامل سلوكية تعيد بناء عالم مستهدف لها ما هو مستهدف في رؤية المشرع أو الشارع.
يهذا الالتقاء يتحقق لنا تكوبن صورة معينة عن علاقة رابطة أصلية وغير طارئة لبن الفلسفة وبين التشريع والقانون، بما هي فلسفة تمارس الفحص والنقد والاستشكال على عموم مفهوم التشريع من حيث هو نظم وقواعد وتشريعات ترسم معادلات بين الحق والواجب وبين الطبيعي والمخالف، ولكن أيضا من حيث هي مرجعيات ورهانات قبلية تحدد الاختيارات الخاصة بنظام تنفيذي ما يجسد روح التشريع ويعيد وصف السلوك وفقا للروابط التي سينشئها من خلال تلك الرؤية القبلية، فالبعدي هنا لا بد أن يكون متصلا بالقبلي أتصل هدفي غائي لا أتصال عملي مجرد من قوة، هذه التنظيرات التي غالبا ما تتأطر تحت مرجعيتين كما نعرف، المرجعية الوضعية، في مقابل المرجعية الطبيعية.
فالصراع النظري داخل فلسفة التشريع قائم في غالبه الأعم على تفاعلات مفترضة بين هاتين المرجعيتين لا على تناقضهما كما يريد أو يتصور البعض، فالمرجعية الوضعية التي تفصل بين روح التشريع والأخلاق تقوم على الشرعية الشكلية وعلى الفاعلية الاجتماعية تهمل بشكل ما قيمة الأخلاق الذاتية فردية وأجتماعية في إعطاء التشريع قوة نفاذ واجترام، فعندا التشريع والقانون بما هو سنن وتشريعات هو وحده ما يعطي للقانون قيمته وقوته بأعتبار أن النص المشرع أو المقنون يحمل بذاته قوة النفاذ والطاعة، ولا يمكن أن يسمى أي شيء خارج هذا التسنين قانونا ولا محقق عدالة، في المقابل هناك التوجه الطبيعي المناقض للتوجه الوضعي الذي يجعل من المضمون الأخلاقي جزءا واجبا في القانون، فعلى القانون أن يقوم على الأخلاق في عمقه، لا على نمطية مثالية صورية إعلائية جامدة تتجاهل كون الإنسان الأخلاقي هو من يصنع التشريع ويجيد تنفيذه بشكل ذاتي، فالكرة الوضعية المتطرفة لا تحقق سوى مقصدها الداخلي دون أي مقاصد أخلاقية يتضمنها لزوما، ولكن هذه النزعة الأخلاقية في القانون لا تعفى هي أيضا من الانحدار والإفراط.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة التشريع والمشرع
- التشريع نتيجة كبرى
- ما بعد الدين ما بعد الشريعة ح1
- ما قبل الدين ما قبل الشريعة
- مقدمة في دراسة فلسفة التشريع
- العراق قادم ح3
- العراق قادم ح2
- العراق قادم ح1
- ماهيات الحضارة الإنسانية من وجهة نظر أجتماعية تاريخية
- في ظاهرة الإنكسار والبناء النفسي
- تشرين وما بعد تشرين العراق قادم بقوة.
- الرؤية الوطنية لحركة -العراق قادم-
- بيان من حركة -العراق قادم-.
- النجف تتحكم بمفاتيح الإنسداد وبغداد تسمع وتطيع
- قراءة خاصة لمستجدات الوضع العراقي
- شرف الخصومة ومبادئ العمل السياسي الوطني.
- في الواقع السياسي العراقي... قراءة متشائمة أو تحقيق للواقع
- سؤال التاريخ الوجودي من وجهة نظر فلسفية
- هل ينبغي لنا أن نهجر الدين ح 1
- السيادة والدونية والقيادة المحترفة


المزيد.....




- طبيب أمريكي كان في غزة 6 مرات يوجه رسالة مؤثرة عند سؤاله عما ...
- -تصعيد خطير ضد مؤسسات الدولة-.. الرئاسة السورية تدين الهجوم ...
- رأي.. عمر حرقوص يكتب: سوريا بين الساحل العلوي والهجمات ضد ال ...
- بوتين يؤكد عدم حاجته إلى منبه للاستيقاظ في الصباح
- القوات الروسية تدمر 10 زوارق مسيرة أوكرانية في مياه البحر ال ...
- علماء روس يرصدون تفكك المذنب -إيستر-
- خبير لا يستبعد مشاركة عسكريين من كوريا الشمالية في معارك دون ...
- تايلاند تطلب دعم روسيا للحصول على العضوية الكاملة في مجموعة ...
- الحوثيون: العملية العسكرية في حيفا نفذت بصاروخ باليستي فرط ص ...
- زعيم فيتنام ينطلق في زيارة لروسيا وبيلاروس وكازاخستان وأذربي ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - التفكير الفلسفي في منطق التشريع ح1