أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - في ظاهرة الإنكسار والبناء النفسي














المزيد.....

في ظاهرة الإنكسار والبناء النفسي


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7291 - 2022 / 6 / 26 - 04:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الإنكسار النفسي واحد من أسوأ النتائج التي يمكن توقعها من تأثيرات الفشل والخذلان واليأس التي غالبا ما يصاب بها الإنسان كفرد والإنسان كمجتمع، نتيجة تداخل وأضطرابات واقعية محيطة في غالب الأحيان تكون قهرية بمعنى غير مرادة ولا منتخبة ولكنها تفرض بالقوة المادية أو المعنوية، أكثر ما تتعرض له المجتمعات التي تعاني أما من خلل في البناء القيمي والضبطي، أو تلك المجتمعات التي تتميز بالفردية العالية المتضخمة حتى على أبسط قواعد الأنتظام الأجتماعي السليم، وأحيانا كثيرة تصيب المجتمعات في دور التحول والأنتقال من مرحلة لنقيضها دون أن تمر بقترة التهيئة أو بناء مقدمات التحول.
مفهوم الإنكسار أولا هو شعور سلوكي محسوس يمثل ردة فعل سلبية بالغالب تعكس عدم قدرة على التحدي أو الفهم أو التلائم مع المستجدات الغير مفهومة أو الغير مبررة، تدفع الفرد أو المجتمع للتعامل مع تلك المتغيرات خارج ما هو راسخ في القيم المعتمدة لديه، يكون من نتائج تلك الردات الفعل أن تؤتي نتائج عكسية وربما تزيد من حالة الأحتقان والسلبية، فتتدهور الشروط الموضوعية لعلاج الحالة لما يعزز الميل السلبي بشكل مفرط ربما يقود إلى تصرفات وأفعال ليسمن المعتاد أن تكون طبيعية أو أعتيادية في حياة الفرد، كلما أشتدت حالة الشعور بالانكسار كلما توقعنا أن شكل ردات الفعل ستكون خارج الحسابات والتقديرات الطبيعية، ومن أمثلة الإنكسار المتعاظم ذهاب الكثير من المأزومين نفسيا نحو الأنتحار مقلا.
دارسي علم الأجتماع يضعون الإنكسار النفسي في مرحلة وسط بين ظاهرة ضعف الشخصية شعوريا أو ظاهرا أمام الأخرين، ويعتبر من مؤشرات عدم ثبات الشخص على ركيزة واحدة أو التمتع بالمبدأ أو محاولة الأستقواء الذاتي من خزين المعرفة أو التجربة، وقد يكون نتيجة تراكم مخلفات مر بها الفرد في حياته سواء فى التفكير المجرد أو فى الأفعال المادية، مما يضعه في حيرة البحث عن حل ويصعب عليه اتخاذ أى قرار ما لتجاوز الحالة النفسية، إلا أن الأستمرار في الشعور هذا يصل بالإنسان إلى المرحلة الأخطر والتي قد تأت بنتائج مدمرة على الصعيد الصحي أو الأجتماعي، ومن الملاحظة العلمية أن الأشخاص الذين يسببون الألم للأخرين بشكل عام هم أساسا من الذين يطلق عليهم المتألمون نتيجة إنكسارات سابقة أصابتهم، فالمنكسر وإن كان يشعر بالألم والهزيمة لكنه أيضا يشعر بشيء من الرضا أن يجعل الأخرين بتألمون وهذا منبع الخطر في وجودهم.
في دراسات وإن كانت غير حاسمة لوحظ أن المتعافون من الانكسارات النفسية سواء أكان ذلك بالجهد الفردي وأسترداد التقدير الذاتي، أو الذين يخضعون لعلاج صحي تقني فأنهم في الغالب يتحلون إلى عناصر أجتماعية إيجابية، ويحاولون بقدر ما أن يجعلوا السعادة في للأخرين مقدمة أهتماماتهم، يفسر هذا الأمر على عدة أحتمالات نوعية تبعا للماضي الصحي للفرد ذاته، فهي أما تعويضا عن الشعور بالذنب خاصة إذا كانت هناك تجربة قاسية من الألم مع الأخر، أو أنها محاولة لنقل تجربة مفيدة يظن أن الضروري لكل إنسان أن يشاركها مع غيره تلافيا لتكرار الألم مع شخص أخر، وعلى العموم ما يسجل على حالة الخروج من الإنكسار هو الشعور بالقوة الغير طبيعية عند الفرد ليعوض جزء من الفقدان الزمني أو النفسي أو الأجتماعي.
المجتمع الإنساني أيا كان شكله أو تركيبته أو تاريخه يخضع لنفس تلك العوامل والأسباب والنتائج، وقد تصيبه حالات الإنكسار والتشظي وفقدان مقومات الحماية الذاتية، كما يفقد القدرة على أن يتحمل ثقل التغيير خاصة المتأتي من خلال قوى وأسباب يرفضها بالوضع الطبيعي، فتشكل لديه حالة عكسية من المقاومة السلبية التي كلما ازدادت مظاهر الإنكسار كلما تعمقت حالات التعاطي السلبي معها، فيهزم المجتمع نفسيا ولا يمكنه أن يرى كمجموعة واعية طرق وأساليب ومناهج الخلاص، مما يلجأ معه في كثير من الأحيان إلى سلوك طريق اللا مبالاة وترك الحبل على الغارب كما يقول المثل، هذه المرحلة هي الأخطر في وجود المجتمعات والأكثر ضررا في رسم مستقبله حتى يصحو على صوت أو يتعرض لأزمة أشد، عندها يكوون القرار الحاسم أما أن يختار المجابهة والمواجهة، أو يعلن الأستسلام الكامل لينتهي كمجتمع متميز بخصاص وروابط ثابتة.
في زمن الانكسارات تكثر الشظايا النفسية وتسود ثقافة اليأس واللا مبالاة، القوى التي تصنع الإنكسار في المجتمع تظن أنها أستحكمت عليه بحلقاتها مما يعطيها شعورا بالزهو والظهور بمظهر المنتصر، لظنها أنها في القمة ولا تدرك أن المجتمع المنكسر والمتشظي ليس لديه ما يخسره في حالة الغضب والتمرد، فيحرق كل المراكب ويقطع كل أسباب الخوف خاصة إذا كان يملك مبررات العودة للوعي الأصيل أما بعامل ديني أو بعامل تاريخي أجتماعي، العراق نموذج في تكرار الكسر والبناء على مر التاريخ، لكنه لم ولن يستسلم ابدا للتشظي ولن يقبل التسليم المذل لقوى الإنكسار.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشرين وما بعد تشرين العراق قادم بقوة.
- الرؤية الوطنية لحركة -العراق قادم-
- بيان من حركة -العراق قادم-.
- النجف تتحكم بمفاتيح الإنسداد وبغداد تسمع وتطيع
- قراءة خاصة لمستجدات الوضع العراقي
- شرف الخصومة ومبادئ العمل السياسي الوطني.
- في الواقع السياسي العراقي... قراءة متشائمة أو تحقيق للواقع
- سؤال التاريخ الوجودي من وجهة نظر فلسفية
- هل ينبغي لنا أن نهجر الدين ح 1
- السيادة والدونية والقيادة المحترفة
- قانون الأمن الغذائي ما له وما عليه
- التأسيس الطائفي للدولة
- العالم ليس أوربا .... غادروا عقلية المستعمر.
- الحرية السياسية وإبداء الرأي بين إباحة دستورية وتشدد قضائي
- مفاهيم ومقارنات فلسفية وفكرية
- بيان من أجل السلام الإنساني
- في البناء السيكولوجي لرجل الدين.
- صلاحية المحكمة الأتحادية في حل مجلس النواب العراقي بموجب قرا ...
- لست مطبعا ولكن .
- الدين والوجودية ... تقارب وتباعد


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - في ظاهرة الإنكسار والبناء النفسي