|
العالم ليس أوربا .... غادروا عقلية المستعمر.
عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 7269 - 2022 / 6 / 4 - 00:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في كلمة أعدها تاريخية ذات مغزى فكري عالي جدا وجه وزير خارجية الهند السيد سوبرامانيام جايشانكار نصيحة للقادة الأوربيين ومن خلالهم إلى العقلية الأوربية الجمعية بشكل عام والعقلية السياسية والفكرية المهيمنة بشكل خاص، لا يجرؤ أحدا من مسئولي العالم ما لم يمتلك العمق الحضاري والفلسفي والوطني أن يقولها في الوجه وأمام حشد دافوس العالمي، الهنود والصينيون يمثلون اليوم الحكمة الشرقية المسالمة والتي ترى العالم من منظار عقلي واقعي، لا من منظار الجشع والهيمنة والقوة التي يفرضها الشعور بقوة القوة المسلحة بعناصر متحركة أساسها إدراك العالم أن القوة معيار ثابت يمكن الأستناد له، التجربة الإنسانية لا تلغي تأثير القوة ولكن تحذر من الشعور الطاغي بأنها هي كل شيء، العالم اليوم تحكمه المصالح والمواقع وريادة العلم بمعنى أبعد يحكمه العقل في تجربته الكونية ، لقد خاطبهم بجملة تحتوي الكثير من العمق الدلالي لعلهم يدركون أن العالم ليس هو هم، بل أن العالم حتى أكبر من كل جغرافية الأرض، لقد حان الوقت لأن تتجاوز أوروبا عقليتها التي تفترض أن مشكلات أوروبا هي مشكلات العالم، لكن مشكلات العالم ليست مشكلة أوروبا". السؤال الذي خطر سريعا في بالي وأنا أستمع لكلمة الوزير الهندي الذي تحدث من موقع القوة والقدرة على تأشير الحدود ما بين الوهم النفسي المزمن في العقل الأوربي منذ أن تضخم وأستفاق في عصر النهضة، والحقيقة هو عصر أستيقاظ الذات الأوربية على حقيقتها أناها ذات طاغية لا تتقيد بحدود ولا تسلم بالواقع، السؤال هنا هل يفهم العرب هذه الفلسفة الواقعية من جانبيها المحلي والعالمي ويقولون لأمريكا والغرب ليست مشاكلكم هي مشاكل العالم، ومشاكلنا في نفس الوقت ليست مشاكل يمكن الاهتمام بها لتكون جزء من الإشكالية العالمية واجبة التحسس بها ومراعاتها بالدرجة التي تبعد الخطر عن الجميع، ايضا ليس على العرب والمسلمين أيضا أن يعتقدوا أن العالم واقف على قدميه لخدمتهم وحل مشاكلهم لأنهم فقط عرب أو مسلمون. علينا أن ندرك الحقيقة ولو متأخرين وهذا أفضل طبعا من الأستمرار بالتجاهل والإهمال أن العالم اليوم شبكة معقدة من العلاقات الناجح في فهمها هو من يستطيع أن يحافظ على أكبر قدر من الأهتمام بمسئولياته، وجعل الأخرين ينصتون له ويتعاونون معه لأن ما تفرضه مشكلته تؤثر بشكل أو بأخر على العالم، إن الخطاب السياسي المتداول اليوم وخاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا سواء أكان مبررا أو غير مبرر، كشف للعالم حقيقة الذات الأوربية التي كثيرا ما تخفت وتبجحت بالتحرر والعالمية الحضارية وأستترت بالأفكار الإنسانية والدعوات لتعزيز الديمقراطية وحماية الحرية وحقوق الإنسان، هذه الحرب كشفت مفارقة قديمة يحاول الفكر الغربي عموما التستر عليها ومحو أثارها ، وهي أنه بالرغم من مظاهر الحداثة والكونية في العلاقات الدولية وتشابك المصالح والعلاقات يبقى الشرق شرقا والغرب غربا بكل ما يحمله العقل الشرقي والغربي من أساسيات تكوينية طبيعية. فلا العقل الأوربي بجوهره اللا مباشر أو باللا وعي يمكنه أن يقبل الشرق كما هو وأن يتعامل معه على أنه إحدى الحقائق الوجودية التي لا يمكن إعادة صياغتها لتتلائم مع بنية الفكر الغربي، ولا يمكن للفكر الشرقي أن يرضخ لمحددات وأطر التفكير المقابل على أنها محاولة للتمازج أو التقارب على مشتركات واعية، هذه العملية لا تتعلق بالصراع الحضاري ولا تنتسب لغير طبيعة الواقع التاريخي والفكري الممتد عبر أثر الجغرافيا على التاريخ والعوامل الانثروبولوجية التي تحدد مسار المجتمعات البشرية متعلقة بعواملها الأساسية المكونة أو المهيئة لهذه الخصيصة المتعلقة أصلا بالهوية التاريخية الحضارية وما تقرضه من أستحقاقات على الواقع، إن مفهوم الطبيعة البشرية المتأصلة بالذات الفردية يفرض من جديد حضوره الواقعي في وصف الهوية الإنسانية في عملية اكتشاف جديدة، أختصرها رجل بحكمة هندية شرقية تستلهم روح الطبيعة ولكنها ايضا لا تنكر الواقعية ولا التاريخية أيضا في رسم ملامح الهوية.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرية السياسية وإبداء الرأي بين إباحة دستورية وتشدد قضائي
-
مفاهيم ومقارنات فلسفية وفكرية
-
بيان من أجل السلام الإنساني
-
في البناء السيكولوجي لرجل الدين.
-
صلاحية المحكمة الأتحادية في حل مجلس النواب العراقي بموجب قرا
...
-
لست مطبعا ولكن .
-
الدين والوجودية ... تقارب وتباعد
-
ويسألون.... كيف نحرر إرادة الوطن
-
بناء السلطة التشريعية في دستور العراق لسنة 2005 أخطاء لا تغت
...
-
حول الدعوات إلى أحترام أستقلال القضاء العراقي
-
رسالة إلى مولانا السلطان
-
إضاءة على بعض جوانب الشخصية العراقيىة
-
هل نحن متخلفون حقا؟.
-
اليرهم والما يرهم بحكومة كوكو وبرهم
-
الأيام القادمة أراها حبلى بالجديد القديم
-
الديمقراطية الناشئة ومشكلة الوعي بخلافها
-
تسع سنوات في الحوار المتمدن
-
السلام جوهر الوجود
-
الأنعامية كمفهوم توصيفي سلوكي
-
مفهوم الروح عند الفلاسفة المسلمين
المزيد.....
-
عبدالمجيد تبون يفوز بولاية ثانية في رئاسة الجزائر
-
-عمل فردي-.. الداخلية الأردنية تعلن نتائج تحقيقاتها بحادث إط
...
-
مجلس الدوما: الولايات المتحدة حاولت التدخل في الانتخابات الإ
...
-
الجيش الإسرائيلي يفتح تحقيقا في تسريب وثائق سرية لـ-حماس- إل
...
-
بعد فوز تبون بولاية ثانية: كيف يرى الجزائريون مجريات العملية
...
-
مأساة في كينيا: ارتفاع عدد ضحايا حريق المدرسة إلى 21 طفلًا و
...
-
هل -بي بي سي- متحيزة ضد إسرائيل؟ تقرير يتهمها بعدم الموضوعية
...
-
إدارة بايدن تتطلع إلى اتفاق في غزة وسط تصاعد أعداد القتلى
-
إصابة عدد من المواطنين جراء غارة إسرائيلية استهدفت أطراف بلد
...
-
-حتما هناك شيء بعد الموت-. شهادة طبيب شرعي عن تجربة عجيبة قل
...
المزيد.....
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
المزيد.....
|