أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - مذكرات ما قبل الرحيل ج2














المزيد.....

مذكرات ما قبل الرحيل ج2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7303 - 2022 / 7 / 8 - 17:27
المحور: الادب والفن
    


ذهبت عصر الأمس إلى مقبرة المدينة وأنا أحمل معي رزمة من الأسئلة الصعبة.
أولها لماذا يتجمع الأموات هكذا بأنتظام وكأن المقبرة حاوية نفايات البشر، تطمر الأجساد الكريمة للتخلص منها حتى لا تتعفن كما يقول العلم فتتحول إلى كائنات مؤذية وربما قاتلة، ولنتجنب النظر لها فتتمزق قلوبنا لهول المنظر فمن لا تراه العين تنساه القلوب.
لم يجبني أحد وقالوا أن الله أرسل رسولا لأبن آدم وقال له، بعد أن فعلت فعلتك قم واري جسد أخيك حتى لا ترى الكائنات من حولك كم أنت مجرم أيها الإنسان، فصارت عادة متوارثة عند البشر أن يطمروا جرائمهم تحت الأرض ليقولوا ما شاء الله كان، وما نشاء إلا أن يشاء، فالله هو من أراد وما نحن إلا جنده الميامين أصحاب الرتب والنياشين.
لنعبر هذا السؤال فأول جواب خرجت منهزما فقد تبين لي أن الإنسان ليس ظلوما ولا جهولا، بل هو عبد مطيع مأمور ومأجور على ما فعل حتى لو قتل الله بذاته، فهو تحت ما شاء الله، فلم تعاتبون؟ ولم تحتجون؟.
أردت الإنصراف وقررت أن أدفن جميع تلك الأسئلة في قبر هار أو قبر دارس لا يعلم ما فيه ولا يعلم أين صار صاحبه، وحين هممت بذلك تذكرت جمله لم يقلها لي أحد، ولكنني قررت أن أنسبها لأحد حتى أتخلص من وزرها، ماذا لو أقول لو ولست متأكدا فعلا من جوابها لو أن هؤلاء الموتى ذهبوا إلى مكان ما بعد أن توهمنا أنهم مجرد جمادات أنتهى وقت صلاحيتها الحيوية وعندما أقبرناهم عادن تلك الطاقة لهم من خلال طاقة الأرض التي هي طاقتنا الأصلية وتحولوا بفعلها إلى كائنات في عالم أخر، هل سيتذكرون ما فاتهم في دنيانا ونتيجة تجربتهم عندما كانوا بشرا، لأوضح أكثر الصورة، لو تحولت تلك الأبدان إلى مثلا حشرات وديدان وبكتريا ووو من مثل هذه الكائنات، هل سيتذكرون ماضيهم مثلا؟ أم أن هذا الفرض محال، وقد شاهدت يوما بأم عيني جسد جنديا معي تحول بعد مدة إلى ما يشبه مصنع من الديدان الطويلة التي تشبه قاطرة في شكلها تجر جسمها جرا... فبكيت لمصيري أن أكون مصنعا لتلك الديدان.
المهم تركت أمر الأسئلة وجلست قرب شجرة وحيدة شبه عارية من شدة عطشها الدائم، فالموتى لا يدركون أن كائنا حيا يجاورهم ولا يفعلون ما يلزم لأنهم فقط مجرد أموات قد تكون الحجارة التي بنيت فوقهم تتأثر وهم لا يتأثرون، حاولت تنظيف ما حول الشجرة وعملت تحويطة من الرمل حولها وسقيتها بالماء الذي معي وإن كان قليلا لا يفي ولكن ليس معي حل، فجأة ظهرت الديدان الصغيرة "النمل" من بين الرمل والرمل لعلها شعرت بالرطوبة وأرادت أن تستفهم عما يحصل، أظن أنها قالت هل من مزيد فنحن جيش من خلق الله نعتاش على ما يبعث الله فكن كريما وأجلب المزيد..... ذهبت أبحث عن ماء لم يكن هناك ماء إلا بعد مسافة، حاولت أن أصل وعند الماء وجدت بضعة من الناس يبكون ميتهم وينتظرون أن يأت الدفان لينهي مأساة الرجل أو الشخص الميت، الحر شديد والجسد لا يتحمل حرارة ما نتحمله عادة وزيادة، المهم صرت أتأمل الوضع متصورا أني أنا الميت الذي في التابوت.... حاولت أن أتصرف وكأني ذاهب إلى المكب الذي في نهاية كل بني البشر.... لماذا أموت أصلا؟ ولماذا تصنع النهايات بهذا الحزن؟ لماذا لا نذهب إلى طريقة أخرى أكثر فائدة لمن هم بعدنا؟ لماذا لا نعمل مصانع لتدوير الأجساد الميتة لتنتج لنا أشباء أكثر نفعا من أن تتحول إلى ديدان أو طعام للديدان، ففي الحالتين لا قيمة للجسد بعد الموت، القيمة فيما تتحول له من قيمة.
أخذتني الأفكار بعيدا عن هدف زيارتي ونسيت الماء الذي جئت من أجله، فالأوقات المتاحة لي فيها مساحة للتفكير أستولى عليها من حيث لا أعلم أو حتى لا أريد "موضوع ما بعد الموت"، بل فكرة الموت ذاتها، لست مؤمنا بشكل أكيد بالرواية التي تقول أننا سنحيا في وقت لاحق للحساب، ولا كافرا بها للحد الذي أضع رجل هنا ورجل هناك، ولكن من المؤكد تماما عندي أن ليس كل ما جاء عبر التاريخ من أفكار ربما تحمل شيئا من الجدية، ليس من الحكمة أن نصدق أن الله قال ذلك، ومن الحكمة أيضا أن لا نصدق ربما لأننا أكثر ضعفا من أن نقول أن الله ليس شخصا بمميزات بشر يغضب ويفرح ويشكو وينتقم، ومن المهم أن لا نتصور الله خارج ما هو،و لأن هو ليس أكثر من هو عالم غيب.
رجعت مساء أنا مثقل بالهموم وأتعبني حمل تلك الأسئلة معي أينما ذهبت، قررت أن أركن الجزء الأكبر منها تحت السرير لعلها تتسرب لأحلامي في ليالي طويله ولينبأني العقل الباطن بها فهو يعلم الكثير لكنه بخيل جدا خاصة عندما تزداد الحاجة له... سأقرأ لكم في حينها ما ستقص لي الأحلام ربما نبوءات وربما أضغاث وهستيريا الخوف من الرحيل.
من مذكرات ما قبل الرحيل



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من مذكرات ما قبل الرحيل
- دائرة الفساد من يد ليد معا من أجل عراق فوضوي تحت سقف القانون ...
- التفكير الفلسفي في منطق التشريع ح1
- فلسفة التشريع والمشرع
- التشريع نتيجة كبرى
- ما بعد الدين ما بعد الشريعة ح1
- ما قبل الدين ما قبل الشريعة
- مقدمة في دراسة فلسفة التشريع
- العراق قادم ح3
- العراق قادم ح2
- العراق قادم ح1
- ماهيات الحضارة الإنسانية من وجهة نظر أجتماعية تاريخية
- في ظاهرة الإنكسار والبناء النفسي
- تشرين وما بعد تشرين العراق قادم بقوة.
- الرؤية الوطنية لحركة -العراق قادم-
- بيان من حركة -العراق قادم-.
- النجف تتحكم بمفاتيح الإنسداد وبغداد تسمع وتطيع
- قراءة خاصة لمستجدات الوضع العراقي
- شرف الخصومة ومبادئ العمل السياسي الوطني.
- في الواقع السياسي العراقي... قراءة متشائمة أو تحقيق للواقع


المزيد.....




- روسيا.. تصوير مسلسل تلفزيوني يتناول المرحلة الأخيرة من حياة ...
- اعلان توظيف وزارة الثقافة والفنون والتخصصات المطلوبة 2024 با ...
- هل تبكي عندما تشاهد الأفلام؟.. قد تكون معرضا بشكل كبير للموت ...
- مهرجان نواكشوط السينمائي الدولي يطلق دورته الثانية
- “نزل Wanasah الجديد” تش تش ???? وقت الدش.. تردد قناة وناسة ن ...
- فنان غزة الذي لا يتكلم بصوته بل بريشته.. بلال أبو نحل يرسم ح ...
- هاريس فرحت بدعم مغنية لها أكثر من دعم أوباما وكلينتون.. ما ا ...
- -الغرفة المجاورة- لبيدرو ألمودوفار يظفر بجائزة الأسد الذهبي ...
- النيابة تواجه صعوبة في استدعاء الفنان المصري محمد رمضان للتح ...
- فيلم اليكترا: تجربة بصرية وحسية لأربع ممثلات وكاتبة في بيروت ...


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - مذكرات ما قبل الرحيل ج2