أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - مذكرات ما قبل الرحيل ج7















المزيد.....

مذكرات ما قبل الرحيل ج7


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7307 - 2022 / 7 / 12 - 04:33
المحور: الادب والفن
    


ليس هناك رب يشبهنا أو يمكن أن يشبهنا أو نفترض أنه كذلك، هذا الرب الذي نتكلم عنه ليس أكثر من فكرة تعشعش في تلافيف عقولنا التي ترفض أن يكون لشيء ماهية لا تدركها بالمحسوس المعلوم لديها، لذلك حتى ترتب نتائج لا بد أن تضع مقدمات ولكي تصنع مقدمات لا بد لها من تصورات، والتصورات جهد ذاتي للعقل يحتاج فيه لمحددات، أول تلك المحددات أن تكون مما يعرف أصلا، فلا يمكن وبشكل منطقي أن يضع تصور بمحددات مجهولة له ولا يدركها كما هي، لذا فصنع الله على الهيئة التي يمكنه أن يحدد لها حدود، يمكن أن يستخرج منها نتائج تصوره، هكذا ولد الله في عقل الإنسان.
سؤالي ليس في تشكيل الصورة وولادتها في عقل من صنعها بالرغم من كونها ذات أهمية عند البعص، محور السؤال وماهيته لماذا أساسا نحاول أن نصنع صورة لله؟ هل من الضروري حتى نؤمن به لا بد أن نشخصنه بماهية ذات أبعاد؟ ألا يكفي مثلا أن نؤمن بأن عقلنا غير جدير بأن يضع ماهيات لهويات فوق الإدراك والعلم؟ ألا يكفي مثلا أن نقول أن الله هو الذي لا نعلم؟ بقية المخلوقات لا تسأل هذا السؤال لأنها لا تسعى أصلا لغير أن تؤدي وظيفتها التمام، فهل نحن أعقل أم هي الأعقل؟ سؤال بلا تنظيرات فالعقل يعني أن نختار ما هو بصالحنا ولصالحنا ولأجل صالحنا، أما البحث عن الإشكالات التي لا نهاية لها ولا يمكن حتى تصور الوصول لنهاية مقنعة فرط من الجنون اللا مجدي.
لقد أدخلنا ذلك العقل بمأزق التصوير والتشكيل فتحولت قضية الإنسان من الأهتمام بوجوده كما هي طبيعة المخلوقات الطبيعية، إلى الأهتمام بصورة الله ومعرفة متطلبات الإيمان بهذه الصورة، ولأن الصورة مشوشة ذات تفسيرات عديدة وربما تعبيرات مختلفة نشأت عنها وبسببها أديان مختلفة ومذاهب متعددة على أساس قراءات متعددة لصورة بالكاد مفهومة، الفلاسفة والمفكرون كما المتدينون يقولون أن الله أراد أن نختلف في الرؤية حتى يشكل كل رائي صورة ما عنه، هذا لا يضر بصورة الله، فنحن محدودي البصر، لذا فما نراه أكبر من أن يسعه بصرنا، المهم أن لا ننكر ما نرى، والخلاف ليس عيبا، بل العيب في نكران الصورة، وبكن ما من أحد سأل هؤلاء السادة أين هي الصورة أذا؟ ولماذا نختلف على ما لا يجب أن يكون سبب أختلاف؟.
إذا مأزقنا مستمر ليس بوجود الدين تماما فهو بالتالي كجزء من المعرفة الإنسانية يمكن تطويعه وتسخيره لخدمة الإنسان، لكن مشكلتنا ذات وجهين متناقضين، الأول ربط الدين بالصورة المشوشة عن الله وهذا ما ميزه عن بقية المعارف، فلا دين بلا صورة الله في داخله تتحكم به ويتحكم الدين بنا وفق شكل الصورة تلك، مع العلم أن صورة الله الحقيقية والأكيدة لا تجدها في الدين، بل تجدها في الفيزياء والرياضيات والكيمياء، الله في العلم أكثر حضورا وأظهر وجودا، فمن يسعى لمعرفة الله عليه أن يفهم العلم بشكل جيد، المشكلة الأخرى أن الإنسان تحول من دائرة المخلوق إلى دائرة الخالق، لكن ما يخلقه ليس إلا العبث فقط، فبعد أن خلق صورة الله لنفسه تحول ليخلق من نفسه جاهل بها، يحاول أن يعيد ترتيب علاقة أخرى ليبرر لنفسه أن ما خلقه من موضوع يستحق التنازل عن حريته لأجله.
المأزق يكبر معنا كلما مضينا إلى أمام وبدل أن نكشف لأنفسنا أننا في طريق مسدود علينا تركه والبحث عن طريق مختلف، نعود لنتجادل فيما بيننا ليس عن سبب كون الطريق مغلق ولكن جدالنا ينصب على من تسبب بغلق الطريق، الكل يتهم الكل والكل لا يدركون أن الطريق أساسا وقبل أن نصل كان مغلقا، لأنه كان ومنذ البداية غير نافذ، ولم نقرأ عبارة "الطريق مغلق أمامك لا تحاول"، وبالرغم من أن عقل الإنسان أكتشف الكثير ومنه ما لم يكن ممكنا حتى بالتصور، لكن في جزء منه ما زال مصرا على جدال الغلق، الأسباب والعلل والتساؤلات الأعتباطية التي لا جدوى من ورائها، والأصلح أن يقفل عائدا ليبدأ جولة بحث جديدة بدون صورة وبدون وظائف الصورة تلك.
النتيجة تتلخص أيضا بسؤال هل من المناسب أن نجلد العقل في كل مرة نكشف فيها خطأنا؟ أم نحاول إعادة الأعتبار الطبيعي له حتى يعمل وفقا لقانون واضح ومحدد ومنتج بالمنطق الصحيح؟ قد يقول أحد ما إن إعادة الأعتبار تبقى مسألة نسبية في الغالب، فما تعتبره أنت كذلك يراه الأخرون نوع من التفكير الهوسي أو التفكير اللا منطقي، العقل به يثاب الإنسان وبه يعاقب لأنه أساسا هو من يصنه الصحيح وهو من يخطأ، فيحملنا ما لا علة لنا في وضعه، الله هو من خلق العقل بهذه الألية وبهذا النمط التشغيلي، لأنه يعرف ما نحتاج ويعرف ما يلائم، إذا العقل ليس مصدر الخطأ والخطيئة كما نظن ولا يحتاج لجلد بقدر ما يحتاج لأمتثال كيفي وكوني مطابق لإرادة الله.
أحيانا أشعر بالرغبة بالصمت التام وأحيانا لي رغبة بالجنون المطلق، حاصة إذا تعلق الحديث برغبة الله وقراراته التي يسوقها العقل المتدين بالصورة التي صنعها وأستعبد لها وعيه، فبدلا من أن بعيد نظام العقل ليماهي قوانين الوجود كما وضعها الله وفيها دينه وعلمه وإرادته، وبعد أن فشل برغم الزمن الطويل على تجربة نتائج الصورة تلك، نجده يعود ليجدد ما سقط من مقولات باهتة ليعطيها لونا براقا، وليعود لنفس التجربة الفاشلة، لكنه لو سأل نفسه كيف أن الله خلق العقل بهذه الكيفية حتى يبرء العقل ذاته لذاته، هل العقل أخبره؟ أم أن الحقائق الوجودية من غير تزييف ولا خداع أظهرت له النتيجة؟ بالتأكيد سيقول أن الله أخبر العقل والعقل أخبر نفسه فأقتنع بالخبر، وأن العقل عندما يوقن بشيء لا بد أن يكون صحيحا.
أيها السيد العقل أرجوك أن تنتبه لقضية مهمة قد تعيد المسارات إلى وضعها الصحيح، لو كان الله يكلمك أو بخاطبك بالمباشر فهذا يعني شيئين، الأول أنه من الغباء بدرجة تجعلك لا تقرأ ولا تسمع ولا ترى الواقع الوجودي على حقيقته وكما هو، وأنك كالطفل يحتاج لمن يعلمه لأنه قاصر، والفرق بينك وبين الطفل أنه يكتسب من التعلم ويتحول إلى مدرك بذاته في يوم من الأيام، إلا أنك نبقى طفلا معاقا لا يكبر ولا يتطور.
أو أن الله الذي صنعت صورته قد فشل أن يخاطبك من خلال قوانينه على الوجود فلا يجب أن تثق به، وبالتالي فقد يكون خطابه لك محتمل أن يكون فاشلا أيضا، ويدخلك في فشل مركب مستمر، فتخسر نفسك ولا تربح الله، إذا عليك وقبل أن تؤمن أن الله كلمك وحدثك ولو من خلال وحي أو واسطة، أن تفهم أن غيرك من المخلوقات التي تعد نفسك سيدها ما كانت تحتاج لواسطة، أدركت كل ذلك بنفسها وسارت على أنها مسئولة عن وجودها بوجودها دون أن تنتظر رسول أو نبي أو وحي.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذكرات ما قبل الرحيل ج6
- مذكرات ما قبل الرحيل ج5
- مذكرات ما قبل الرحيل ج4
- مذكرات ما قبل الرحيل ج3
- مذكرات ما قبل الرحيل ج2
- من مذكرات ما قبل الرحيل
- دائرة الفساد من يد ليد معا من أجل عراق فوضوي تحت سقف القانون ...
- التفكير الفلسفي في منطق التشريع ح1
- فلسفة التشريع والمشرع
- التشريع نتيجة كبرى
- ما بعد الدين ما بعد الشريعة ح1
- ما قبل الدين ما قبل الشريعة
- مقدمة في دراسة فلسفة التشريع
- العراق قادم ح3
- العراق قادم ح2
- العراق قادم ح1
- ماهيات الحضارة الإنسانية من وجهة نظر أجتماعية تاريخية
- في ظاهرة الإنكسار والبناء النفسي
- تشرين وما بعد تشرين العراق قادم بقوة.
- الرؤية الوطنية لحركة -العراق قادم-


المزيد.....




- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...
- رواية -خاتم سليمى- لريما بالي.. فصول متقلبة عن الحب وحلب
- تردد قناة سبونج بوب على النايل سات …. أجدد الأفلام وأغاني ال ...
- الكشف عن القائمة القصيرة لجائزة -PublisHer-


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - مذكرات ما قبل الرحيل ج7