أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - مذكرات ما قبل الرحيل ج9















المزيد.....

مذكرات ما قبل الرحيل ج9


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7309 - 2022 / 7 / 14 - 01:05
المحور: الادب والفن
    


"العلم هو الطريق للرب" هكذا تكلم الفيلسوف القسيس واستاذ الفيزياء البلجيكي الراهب جورج لومتر الذي طرح فرضية أن الكون تمدد من النقطة الأولية، والتي أطلق عليها "الذرة البدائية" وتطورت نظريته على أنها "بيضة كونية انفجرت لحظة الخلق"، وأصبحت تعرف فيما بعد باسم "نظرية الانفجار العظيم"، مصطلح وصفي وضعه فرد هويل الذي كان مؤيداً لحالة استقرار الكون، العلم إذا هو دين الله الحقيقي لو أخذنا بمفهومنا البسيط والمركب بمعنى الدين، الطريق إلى الله حتى في أدبيات اللاهوت والعقائد يركز على أن الدين هو الطريق الحقيقي لله، عندما يحتل العلم بدل المقولات الدينية ويقودنا إلى الله، هل من معترض على هذ؟ الجواب أما أن يكون مؤمنا بالخرافات فقط، أو لا يملك عقل طبيعي من الأصل، العلم وحده هو الدين الذي وضعه الرب للمخلوقات ومنها الإنسان.
العلم وحده من يكشف حقيقة الله التي تقترب من المنطقية النسبية والتي لا تكون مفرداتها تأملية أو مثالية تعتمد على تأثيرات الفكرة ذاتها على عقل الإنسان، وكما قلنا أن وجودنا السابق والمستمر بالانتظام دون فناء متأمل أو ممكن، ووفق هذا النظام الهندسي المتقن في صنعه ورعايته، لا بد أن يعود كل ذلك إلى أن أحتمالية وجوده بوجوده من غير مهندس بملك القدرة على حفظ التوازن لضمان الديمومة فكرة مخادعة، لنعود قليلا لفكرة الوجود بالوجود لها ركنين الأول أن بقدم الوجود محملا بعنصر الحركة أصلا، هذا العنصر أما أن يكون منتظم في نقطة الصفر ليستمر بلا توقف فيستمر الوجود بوجوده لاحقا، الأحتمال الأخر أن هذا العنصر "الحركة" ليس منضبطا من الصفر، وبمجرد أن يتحرك الوجود ليثبت وجوده نكون على الأقل أمام حركتين، الأولى تسير في أتجاه والأخرى معاكسة أو موازية أو مصطدمه بالأولى، النتائج المتوقعة هي:.
1. أن يسيرا معا في خط متوازي لا يلتقيان ونكون أمام وجودين منفصلين داخل الوجود الأول، وهذا يعني أن بقاء أحدهما متعلقا ببقاء الأخر وفي نفس الموضع ولذات السبب، بمعنى أن يكون الوجود واحد بمسارين متطابقين لكن متوازيين وبالنتيجة يبقى الوجود واحد لأن من زرع الحركة فيه منذ البداية أراد ذلك.
2. أن تؤدي الحركة المضطربة إلى أضطراب كلي داخل الوجود فيتسبب تبعا لذلك أن يضرب الوجود من داخله حتى تنفذ قوة أحد الحركتين فيتوقف الأضطراب لمصلحة جهة واحدة والتي تملك القوى الأكبر فيعود الوجود أو ما تبقى منه ليخضع لحركة واحدة، وهذا أيضا قد يكون موضوع أصلا في التصميم لتحويب جزء من المادة إلى طاقة حركية أو بالعكس، هذا الأمر لا بد له من مخطط.
3. أو تكون الحركة معاكسة فتستنفذ كل منهما طاقة الأخرى، فإن كانتا متساويتين فينتهي الوجود بهما، أو تكون متفاوتتين فالأكبر تستنفذ الأصغر والنتيجة تكون مثل الحركة في 2 سابقا.
إذا موضوع التصميم مهم ولا يمكن أن يكون ما حدث في الحالات الثلاث قد حدث بصورة عشوائية، أو أن هناك مهندس للوجود وضعه في موضع أن يتحرك بذاته لذاته فيصنع معادلاته، فلو كان الأمر كذلك لكان بالإمكان طالما أن الوجود بذاته قادر على أن يصنع قوانينه وفقا لحاجاته في كل مرة بدون توقف، وأنه أستقر على الثبات الموجود الآن لأنه الأكثر ملائمة له، يعني ذلك أن الوجود بذاته يملك قرار جاهز، ومن يملك قرار لا ينطلق عشوائيا، إذا أما أن يبقى عشوائيا مستمرا للنهاية إلا إذا تدخل منظم له فيعيده للقانون، أو يستمر في عشوائيته حتى تنفذ طاقته الحركية فيتحول لوجود أخر، أو أنه أصلا يملك قرار قديم وهذا القرار لا بد له من قانون سابق قبل الحركة، إذا من وضع ذلك القانون في جوهر الحركة الوجودية قبل أن يوجد الوجود بذاته يريد أن يبلغ الوجود وجوده لذاته.
هذا المهندس وضع قانونين الاول قبل الوجود لتحريك الوجود، والثاني للوجود بعد تحريكه، الأول لا وجود بلا حركة ولا حركة بدون قانون ولا قانون بدون هدف، ولا هدف بنهاية منتظره، الكل يسبر بدورة مغلقة ظاهرها مفتوح داخلها، والغاية من هذا القانون هو حفظ الوجود، أما القانون الثاني فينص على أن الحركة تنتقل بين أجزاء الوجود بأنتظام وتتوزع حسب الطاقة، لا تفريط ولا إفراط، الوجود مفعم بالحركة لأنه مفعم بالطاقة اللا نهائية، لذا فهو مستمر بالحركة في كل أتجاه لا نهائي لأن الوجود بذاته يصنع الأتجاهات عندما يتحرك، فما من أتجاه موجود أو جهة ما قبل الحركة وبالتالي لازمن ولا مكان ولا بعد ممكن التصور إلا بالوجود الحركي.
يمكن عد القانونين أساس الدين وأصله الوحيد فكل ما نراه في الوجود أو ندركه هو نتيجة لهذيم القانونين، حتى العقائد الدينية التي نتعبد بها لو عدنا لجذورها الجوهرية هي نتيجة من نتائج تطبيق القانونين، لذا فالتمسك بالفروع المتفرعة من الأصول المتجذرة على أنها هي الدين، تعد إهانة للعقل قبل أن تكون تحريف لمعنى الدين، فالدين الحقيقي ما يضعه العالم بكل علم معلوم أو مجهول لنا وهو صانع الوجود وصانع العلم، هذه الحقيقة يجب أن تنقل تفكيرنا من التمسك بالنتائج إلى العودة للأفتراض الأول وتطبيقاته، النتائج هي جزء من معادلة والدين مفهوم كلي لا يجب أن يكون ملحقا بالجزئي، ديني أنا قائم على مبدأ أن الله الذي أوجب الوجود وضع في هندسة الوجوب الوجودي كل أركان دينه فقط.
هذا المهندس العظيم يختزله الإنسان بكائن كارتوني وصورة مصغرة تتعامل معه كأن وجوده وعدمه مرتبط بوجود الإنسان وعدمه، لذا فأعاد العقل البشري أستنساخ صورة الله وفق مقاسات السماء والأرض التي يدركها ويحسها، ووضع معادلات التعامل التي صاغها عقله بدل القانونين العظيمين، وقزم دين الله بطقوس أما أحتفالية به أو أحتفائية له وإن أعطى كلمات كبيرة لوصف دينه، الدين من غير العلم وقوانين الوجود ملهاة، والدين بدون فهم الله المهندس المسيطر والمحرك الذي أبتدع قوانين الحركة وأوجبها وجوديا وطبقها عمليا، لا يمكن أن يكون دينا حقيقيا، طالما أنه لا يقودنا للمطلق النهائي ويقيدنا به.
لقد أبدل الإنسان وفق فرضياته الدينية الصحيح العلمي بمفاهيم الحلال، والخطأ المناقض للمنطق الوجودي بالحرام، وصاغ كل مفاهيم الوجوب الوجودي بقواعد حاكمة أسماها واجبات، وأعاد كل الانتهاكات التي تتناقض مع وجوبية المهيأة مع قانون الطبيعة ووضع لها عنوان النواهي، أبدل القوى الفرعية التي بها يتحرك الوجود بمسميات ملائكة أو صفات، فحول الجاذبية مثلا إلى يد الله الماسكة، الفرضيات السابقة الحتمية أعطاها مسمى جديد إلى القضاء والقدر، والمحكم من النتائج البدية التي لا تتغير إلى مفهوم التقدير الملزم، قد يكون الإنسان الأول الذي تعامل مع الدين وفقا لذلك غير مخطئ بل رائد في الفهم، لكن العيب في الإنسان الذي فتح دين الله "العلم" أمامه مستودعات من الحقائق التي تكشف له الطريق إلى الله، وما زال مؤمنا أن بيت الله عبارة عن مكعب من حجر أسود في صحراء خالية، وأن الله يغضب منه إن لم يصلي له في أوقات محدودة ليدعم وجوده أمام الكافرين.
من قواعد دين الله "الطريق له" أن كل شيء يتبع سببا لا فعل يدون فاعل ولا ماضي بلا حاضر، لا حركة بدون طاقة ولا طاقة تأت إلا أن تكون من خارجها فتسمى بعث أو من داخلها فتسملا إنبعاث، الوجود مجموعة من التبدلات والتحولات المنضبطة بميزان مبرمج مسبقا في قانون ما قبل الوجود "القانون الأول"، لكنه يجري في دائرة مغلقة بها يعيد الله الكون لنفس النقطة في كل مرة، ليس ترتيبا عن عجز ولكن لأن الوجود مغلق على ذاته بذاته، يتوسع من جهة ويتمدد من جهة أخرى، لكن كل توسع يقابله إنكماش في ذات المكان، وكل توسع يقابله نقص في الكثافة في مكان أخر، الكل محسوب ومعدود وبوزن ويجري بسنة كونية لا تتغير ولا تتبدل، لذا فالكون محفوظ بقدر لا يزيد ولا ينقص.
اليوم أمام الإنسانية فرصة كبرى لتصحيح مفاهيمها ولتعيد للعقل قدرته التأملية الابتكارية السابقة، وهو اليوم قادر تماما على أن يلعب هذا الدور، المشكلة ليست في العقل البشري المجرد، بل لنتائج النتائج التي ترتبت على دين البشرية القديم، الدين التمثيلي الذي يربط كل شيء بعالم مجهول لا يستطيع أن يكتشفه فيقدمه معرفة، ولا يستطيع إنكاره وتجاهله لأنه ملزم به أساسا، هذه دعوة ليست للإلحاد أو تكفير الناس بل شرح ضروري لفتح مصفوفاتنا العقلية المتراكمة لنعيد صفها وفق خرائط جديدة تعيد للعلم قيمته بأعتباره دين الإنسان الحقيقي.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذكرات ما قبل الرحيل ج8
- مذكرات ما قبل الرحيل ج7
- مذكرات ما قبل الرحيل ج6
- مذكرات ما قبل الرحيل ج5
- مذكرات ما قبل الرحيل ج4
- مذكرات ما قبل الرحيل ج3
- مذكرات ما قبل الرحيل ج2
- من مذكرات ما قبل الرحيل
- دائرة الفساد من يد ليد معا من أجل عراق فوضوي تحت سقف القانون ...
- التفكير الفلسفي في منطق التشريع ح1
- فلسفة التشريع والمشرع
- التشريع نتيجة كبرى
- ما بعد الدين ما بعد الشريعة ح1
- ما قبل الدين ما قبل الشريعة
- مقدمة في دراسة فلسفة التشريع
- العراق قادم ح3
- العراق قادم ح2
- العراق قادم ح1
- ماهيات الحضارة الإنسانية من وجهة نظر أجتماعية تاريخية
- في ظاهرة الإنكسار والبناء النفسي


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - مذكرات ما قبل الرحيل ج9