التأثيرات الإيجابية للأمطار الغزيرة على الاقتصاد المغربي
أحمد رباص
الحوار المتمدن
-
العدد: 8572 - 2025 / 12 / 30 - 00:36
المحور:
الادارة و الاقتصاد
الأمطار الغزيرة التي شهدها المغرب مؤخراً لها تأثيرات اقتصادية متعددة، يمكن تلخيصها في النقاط التالية بناءً على أحدث التقارير والتحليلات:
1. زيادة الموارد المائية وملء السدود:
شهد شمال المغرب ارتفاعاً ملموساً في نسب ملء السدود، حيث وصلت نسبة ملء السدود إلى حوالي 32.2% حتى منتصف ديسمبر 2025.
هذا الارتفاع في الموارد المائية يعزز من قدرة المغرب على تخزين المياه، مما يدعم قطاعات الزراعة والصناعة ويقلل من مخاطر الجفاف.
في هذا الإطار، يوضح محمد بنعبو الخبير في الموارد المائية أن الأمطار التي شهدها المغرب خلال الأسبوعين الأخيرين أدت إلى ارتفاع ملموس في نسب ملء عدد من الأحواض المائية، خاصة حوضي “اللوكوس” و”سبو”، إضافة إلى تحقيق مجموعة من السدود الكبرى نسب ملء مرتفعة، فضلا عن سدود متوسطة بلغت نسبة ملئها 100٪.
غير أن هذا التحسن لم يشمل جميع الأحواض، ووفق بنعبو فإن أحواضا مثل “أم الربيع” و”سوس ماسة” ما زالت تسجل نسب ملء ضعيفة، بينما ما تزال أخرى تعاني من الإجهاد المائي.
وأوضح بنعبو أن الأمطار الأخيرة هطلت أساسا على شمال المملكة وغربها، مع توقع امتدادها خلال الأيام المقبلة إلى بعض مناطق الوسط، معتبرا أن هذا التوزيع الجغرافي غير المتكافئ يفسر استمرار العجز المائي في عدد من الأقاليم.
ووفق بيانات مديرية الأرصاد الجوية فقد شهدت الموارد المائية بعدد من السدود بالمملكة ارتفاعا مهما حتى الجمعة 26 دجنبر الجاري، إذ تم تسجيل واردات مائية متفاوتة انعكست إيجابا على نسب الملء بعدد من المنشآت المائية.
وسجل سد الوحدة أعلى ارتفاع في الواردات المائية، بلغ 23 مليون متر مكعب، لترتفع نسبة الملء به إلى حوالي 46%، ما يعزز المخزون المائي بهذا السد الحيوي.
وسجل سد الوحدة أعلى ارتفاع في الواردات المائية، بلغ 23 مليون متر مكعب، لترتفع نسبة الملء به إلى حوالي 46%، ما يعزز المخزون المائي بهذا السد الحيوي.
وعرف سد سيدي محمد بن عبد الله بالرباط ارتفاعا مهما في موارده المائية قدره 20 مليون متر مكعب، لتصل نسبة الملء إلى 87%، وهو ما يعكس وضعية مائية جيدة.
وشهد سد إدريس الأول ارتفاعا أيضا بلغ 12 مليون متر مكعب، لتزيد نسبة الملء إلى 38%.
ووفق المديرية فإن هذه المعطيات تعكس الأثر الإيجابي للواردات المائية الأخيرة، بما يسهم في تحسين الوضعية بعدد من السدود.
ومع ذلك، يرى الخبير محمد بنعبو أنه لا يمكن الحديث عن إنهاء حالة الطوارئ المائية أو الجزم بتجاوز المغرب لمرحلة الإجهاد المائي أو للظواهر المناخية العنيفة.
وأوضح أن 7 سنوات متتالية من الجفاف أدت إلى تراجع كبير في الفرشات المائية وحقينة السدود، وهو وضع لا يمكن تعويضه خلال أسبوعين أو شهر من الأمطار، مهما كانت غزيرة.
2. دعم الإنتاج الزراعي:
استمرار الأمطار الغزيرة حتى مارس المقبل من المتوقع أن يسهم في زيادة الإنتاج الزراعي بشكل كبير.
ويشكل القطاع الزراعي ركيزة أساسية للاقتصاد المغربي، إذ يسهم بنحو 14% من الناتج المحلي الإجمالي، ويوفر فرص عمل لأكثر من 40% من السكان.
بين التفاؤل الذي يعبر عنه المزارعون والقرويون، والحذر الذي يفرضه الواقع المناخي والبنيوي يتبادر سؤال: هل يكون لهذه الأمطار الغزيرة انعكاس فعلي على القطاع الزراعي وبالتالي الاقتصاد الوطني؟ أم أنها مجرد انفراج ظرفي سرعان ما يتبدد مع أول موجة جفاف جديدة؟
وبالنسبة للخبير الاقتصادي ورئيس المركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة رشيد الساري، فإنه من السابق لأوانه تقييم الموسم الزراعي، إذ لا يمكن الحكم على الموسم قبل بلوغ مارس، للنظر في تطور سقوط الأمطار خلال الأشهر المقبلة.
وأوضح أن هناك سيناريوهين محتملين: الأول، وهو السيناريو المتفائل في استمرار سقوط الأمطار إلى حدود مارس، ما قد يفضي إلى موسم زراعي مهم يتجاوز فيه إنتاج الحبوب متوسط 70 مليون قنطار.
وفي إطار هذا السيناريو ينتظر ارتفاع نسبة النمو الاقتصادي إلى ما بين 5% و5.7 %، مدفوعا بتحسن القيمة الفلاحية المضافة وبلوغ نسب ملء السدود ما بين 55 و60%.
أما السيناريو الثاني، وفق الساري، فإنه يفترض أن تكون هذه الأمطار ظرفية وغير مستمرة خلال الأشهر المقبلة، وفي هذه الحالة لا يمكن الحديث عن قيمة فلاحية كبيرة ولا عن معدلات نمو مرتفعة، معتبرا أن الرهان على معطيات آنية يظل محفوفا بالمخاطر.
وأشار الساري إلى أن المعطى الإيجابي على المدى القريب يتمثل في توفر احتياطي مائي مهم، غير أنه عاد ليؤكد أن الأمطار الحالية على الرغم من أهميتها، تبقى ظرفية، ولا يمكن التعويل عليها وحدها للحكم على مستقبل الموسم الزراعي أو الأداء الاقتصادي بشكل عام.
3. تأثيرات على البنية التحتية والتنقل:
الأمطار الغزيرة تسببت في فضح هشاشة بعض المناطق الحضرية، مثل العاصمة الاقتصادية، حيث تحولت بعض الأزقة إلى برك مائية تعيق حركة السير والجولان.
هذا قد يؤدي إلى تكاليف إضافية لإصلاح البنية التحتية المتضررة وتأخير في الأنشطة الاقتصادية اليومية.
4. تأثيرات إيجابية على النمو الاقتصادي الكلي
الاقتصاد المغربي يحقق نسب نمو تتراوح بين 3.5% و5.5% سنوياً، ويُتوقع أن تدعم الأمطار الغزيرة هذا النمو عبر تعزيز القطاعات المرتبطة بالمياه والزراعة. بالإضافة إلى ذلك، هناك استثمارات حكومية ضخمة مخطط لها في 2026، تمثل حوالي 21% من الناتج المحلي، والتي ستدعم النمو الاقتصادي بشكل عام.
5. تجاوز فترة الجفاف الطويلة:
المغرب تجاوز أطول فترة جفاف في تاريخه المعاصر بفضل هذه الأمطار الغزيرة، مما يقلل من المخاطر الاقتصادية المرتبطة بالجفاف ويعزز الاستقرار الاقتصادي.