إدارة ترامب تمنع 5 سخصيات أوروبية من دخول الولايات المتحدة بسبب الرقابة


أحمد رباص
الحوار المتمدن - العدد: 8569 - 2025 / 12 / 27 - 01:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

قبل يومين فقط، فرضت الولايات المتحدة حظراً على تأشيرات الدخول ضدا على خمسة أوروبيين بارزين، متهمة الاتحاد الأوروبي بفرض رقابة على حرية التعبير على شبكة الإنترنت.
اتسم رد فعل الزعماء الأوروبيين بالغضب إزاء فرض الولايات المتحدة حظرا على تأشيرات الدخول في وجه خمسة أوروبيين بارزين، بما في ذلك مفوض السوق الداخلية السابق للاتحاد الأوروبي.
اتهمت الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبي بفرض رقابة على حرية التعبير على شبكة الإنترنت من خلال استهداف عمالقة التكنولوجيا الأمريكيين بشكل غير عادل بما يقولون إنه تنظيم مرهق للغاية.
أدت الخطوة الأخيرة إلى تعميق النزاع طويل الأمد بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حول سؤال رئيسي: كيف تنظمون الإنترنت؟
يتعلق الأمر أساسا بانتقام الولايات المتحدة مما ترى أنه قيود كثيرة جدا على الإنترنت في أوروبا – ولا سيما قانون الخدمات الرقمية، وهو لائحة للاتحاد الأوروبي تنشئ إطارا قانونيا شاملاً للمساءلة الرقمية، مثل المساعدة في مكافحة المعلومات المضللة والأخبار المزيفة.
وكما رأينا، فإن الأمور تسير في الاتجاه الآخر في الولايات المتحدة. على سبيل المثال، قام إيلون ماسك، الذي عوقب بدعيرة قدرها 140 مليون يورو، بتخفيف اللوائح وتقليص عملية التحقق من الوقائع على منصة (X). لذا فإن بعض الأفراد البارزين، ولا سيما تييري بريتون، وهو رجل أعمال وسياسي فرنسي ومفوض الأسواق الداخلية السابق للاتحاد الأوروبي، مُنعوا من الآن فصاعدًا من دخول الولايات المتحدة.
وكما قال أحد المعلقين على التلفزيون الفرنسي، فإن بريتون يعامل الآن بنفس الطريقة التي يعامل بها إرهابي داعشي أو تاجر مخدرات.
الأوروبيون غاضبون. كتب الرئيس إيمانويل ماكرون على منصة (X) أن هذه الإجراءات ترقى إلى مستوى الترهيب والإكراه الذي يهدف إلى تقويض السيادة الرقمية الأوروبية. وقال إن اللوائح الرقمية للاتحاد الأوروبي تم اعتمادها وتطبيقها بشكل ديمقراطي وتضمن المنافسة العادلة بين المنصات دون استهداف دولة ثالثة.
وتسأءل بريتون على منصة (X) عما إذا كانت موجة من المكارثية تهب مرة أخرى في الولايات المتحدة. وذكّر القراء بأن 90% من أعضاء البرلمان الأوروبي وجميع أعضاء الاتحاد الأوروبي البالغ عددهم 27 عضوا صوتوا بالإجماع لصالح هذه اللوائح الرقمية. وأضاف بريتون الذي تحدث قبل بضعة أيام فقط على شاشة التلفزيون الفرنسي قائلا: “بالنسبة لأصدقائنا الأمريكيين، الرقابة ليست كما تعتقدون”.
ومن بين ما قاله ان الأوربيين ليسوا بحاجة إلى أي دروس حول التلاعب والأخبار الكاذبة على شبكات التواصل الاجتماعي، مؤكدا أن حرية التعبير كاملة ومضمونة في أوروبا.
إذن، هناك اختلافات في طريقة صياغة الخطاب في أوروبا مقابل الولايات المتحدة. والسبب في ذلك تاريخي. لدى أوروبا قوانين ضد ما يعرف بخطاب الكراهية بسبب ماضيها النازي. وفي ألمانيا، فهو صارم بشكل خاص. وفي فرنسا أيضاً. لا يُسمح لك بنشر دعاية النازيين الجدد، لذا فهي مختلفة قليلاً عن الولايات المتحدة، حيث خطاب الكراهية ليس مصطلحا قانونيا. وهذه ليست المرة الأولى التي ينشأ فيها هذا الخلاف حول حرية التعبير.
عندما تحدث نائب الرئيس فانس في مؤتمر ميونيخ للأمن في وقت سابق من هذا العام، صدم الأوروبيين بقوله إنه يشعر بالقلق من تعرض حرية التعبير للتهديد في أوروبا، في حين أنه لم يقل شيئا عن حرية التعبير في روسيا.
ويبقى أن نعرف كيف سترد أوروبا على هذه الخطوة التي خطتها إدارة ترامب. أول ما يجب تسجيله هنا حدة التوترات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالفعل بشأن التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب، ولكن بشكل خاص مع أحدث استراتيجية للأمن القومي للولايات المتحدة، والتي تستهدف أوروبا حقا، حيث لم تعد تعامل القارة كحليف منذ فترة طويلة ولكن تقريبا كخصم، حتى أنه (ترامب) تدخل في الديمقراطية الأوروبية، وادعى أن أوروبا تتجه نحو المحو الحضاري بالهجرة وتشجيع الأحزاب الشعبوية واليمينية. واليوم انتقده أحد البرلمانيين الأوروبيين اليوم وقال له: “نحن لسنا مستعمرة للولايات المتحدة”.