المغرب جاهز ومستعد للوفاء بالتزاماته بخصوص محاربة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب


أحمد رباص
الحوار المتمدن - العدد: 8568 - 2025 / 12 / 26 - 01:24
المحور: الادارة و الاقتصاد     

تسعى السلطات المغربية إلى تعزيز محاربة غسل الأموال. جاء ذلك نتيجةً لاجتماع عُقد مؤخراً بين رئيس الحكومة المغربية ورئيس الهيئة الوطنية للمعلومات المالية.
استقبل رئيس الحكومة عزيز أخنوش السيد جوهر النفيسي، رئيس هذه الهيئة، يوم 23 دجنبر الحالي، حيث قدّم الأخير التقرير السنوي للهيئة برسم عام 2024، وفقاً لمقتضيات القانون رقم 43-05 المتعلق بمحاربة غسيل الأموال. خلال هذا الاجتماع، استعرض رئيس الهيئة أبرز إنجازاتها خلال سنة 2024، ولا سيما استكمال الملاءمة الشاملة لمحاربة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب للمعايير الدولية الصادرة عن محموعة العمل المالي. علاوة على ذلك، شهد عام 2024 اعتماد التقرير الثالث للتقييم الوطني للمخاطر بشأن غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، والذي تم إعداده بالتنسيق مع جميع الشركاء الوطنيين المعنيين.
يهدف هذا التقرير إلى تحديد المخاطر المرتبطة بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار الأسلحة، والحد من آثارها، وتعزيز فهم المخاطر الناشئة لدى مختلف الجهات المعنية في القطاعين العام والخاص. وفي إطار مقاربة وقائية، تم إطلاق خطة عمل شاملة استعدادًا للجولة الثالثة من عملية التقييم المتبادل للإطار الوطني، والتي ستخضع لها بلادنا ابتداءً من نوفمبر 2026. كما يسلط التقرير الضوء على التدابير المتخذة لتحسين الإطار القانوني للنظام الوطني، من خلال صياغة تشريعات بالتنسيق مع القطاعات ذات الصلة، مثل مشروع قانون لإجراء تعديل شامل على القانون رقم 43-05 المتعلق بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، ومشروع قانون بشأن الأصول المشفرة.
تجدر الإشارة إلى أن القانون رقم 43-05 المتعلق بمكافحة غسيل الأموال ينص على الالتزامات المتعلقة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. وتشمل هذه الالتزامات إجراءات العناية الواجبة الداخلية وتدابير الرصد التي يتعين على الكيانات في القطاعين المالي وغير المالي تنفيذها، والإبلاغ عن المعاملات المشبوهة، والعلاقات مع الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، ودور السلطات الرقابية والتنظيمية، والعقوبات المطبقة في حالة عدم الامتثال.
عزز هذا القانون، الذي عُدِّل وأُضيف إليه القانون رقم 12-18 المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 2 شتنبر 2021، الإطار الوطني لمكافحة غسؤل الأموال وتمويل الإرهاب، وقائياً وردعياً. تتمحور المساهمات الرئيسية لهذا النص حول مراجعة الإطار المؤسسي ووضع وحدة معالجة المعلومات المالية، وتوطيد الإطار الرقابي على الشركات والمهن غير المالية المحددة، وإضفاء الطابع المؤسسي على السجل المركزي للمالكين المستفيدين من الكيانات والهياكل القانونية، واعتماد إطار قانوني وإجرائي لتنفيذ العقوبات المالية الموجهة التي فرضها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل وتمويلها. وتسعى السلطات المختصة اليوم إلى تعزيز هذه الإجراءات من خلال تشديد اللوائح.
فضلا عن ذلك، وعلى الصعيد العملي، يُبرز التقرير الاتجاه التصاعدي في مؤشرات نشاط الهيئة خلال عام 2024، سواءً في ما يتعلق بتقارير الأنشطة المشبوهة المُقدمة وطلبات المعلومات الواردة على الصعيدين الوطني والدولي، أو الإحالات إلى السلطات القضائية المختصة. وعلى الصعيد الدولي، يُحدد التقرير جهود التعاون مع الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية ذات الصلة، بهدف تعزيز مكانة المملكة المغربية والوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
كما أكد الاجتماع على ضرورة مواصلة الجهود لضمان نجاح الجولة الثالثة من عملية التقييم المتبادل للإطار الوطني. ويشمل ذلك تسريع اعتماد ونشر التشريعات اللازمة لتحديث الإطار الوطني، وتعزيز التنسيق بين جميع الجهات المعنية لتحسين فعاليته في مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية.
وأخيرًا، تجدر الإشارة إلى أن رئيس الحكومة ترأس اجتماعا رفيع المستوى في الرباط بتاريخ 27 نوفمبر الأخير، مع ممثلين عن فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحضور وزراء ومديري المؤسسات الوطنية ذات الصلة. وضم وفد فرقة العمل رئيس المجموعة الحالي، ونائب الرئيس، والأمين التنفيذي، والمسؤولين عن التقييم المتبادل للأطر الوطنية للدول الأعضاء. وتُعد هذه الزيارة بمثابة الإطلاق الرسمي للجولة الثالثة من التقييمات المتبادلة للأطر الوطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، والتي ستستمر حتى ماي 2028، حيث سيتم حينها مناقشة التقرير النهائي للمملكة المغربية واعتماده.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد رئيس الحكومة مجددًا التزام المملكة المغربية السياسي الراسخ باحترام التوصيات الدولية بشأن مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. وشدد على مكانة المغرب كشريك موثوق به في المجتمع الدولي، مُبرزا فعالية التنسيق بين مختلف القطاعات والمؤسسات الوطنية. يعزز هذا التآزر ثقة الهيئات الدولية في قدرة النظام الوطني على التوافق مع أفضل الممارسات الدولية.
أشارت رئيسة فريق العمل المعني بالإجراءات المالية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سامية أبو شريف، إلى أن زيارة المملكة المغربية تأتي في إطار عملية التقييم التي ستُجرى للمغرب بشأن جهوده في مكافحة غسؤل الأموال وتمويل الإرهاب بحلول نهاية عام 2026. كما أشادت بالسياسات التي نفذتها المملكة والتدابير التي اتخذتها، فضلاً عن مساهمتها في بناء نظام مستدام في هذا المجال، مؤكدةً على أهمية التعديلات التشريعية بما يتماشى مع المعايير الدولية.
أتاح هذا الاجتماع أيضاً فرصة لعرض النتائج الإيجابية التي تحققت خلال الجولة الثانية من التقييمات المتبادلة، بالإضافة إلى الإصلاحات التشريعية والمؤسسية التي نُفذت استعداداً للجولة الثالثة، مع تسليط الضوء على تعزيز التعاون بين الجهات الوطنية المعنية لضمان استعداد المملكة الأمثل لهذا الموعد النهائي الاستراتيجي.
كما مثّل هذا الاجتماع فرصةً لإعادة تأكيد التزام المغرب بالعمل عن كثب مع أمانة فريق العمل المعني بالإجراءات المالية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا طوال العملية برمتها. وبهذه المناسبة، دعا رئيس الحكومة جميع الوزارات والمؤسسات المعنية إلى التعبئة الكاملة والالتزام الفعلي بنجاح هذه المهمة الاستراتيجية. يعزز هذا النهج موقف المملكة المغربية كدولة ملتزمة التزاماً راسخاً بالوفاء بالتزاماتها الدولية وعازمة على تطوير إطارها الوطني وفقاً لأكثر المعايير والممارسات صرامة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار الأسلحة.
شهد عام 2024 اعتماد التقرير الوطني الثالث لتقييم المخاطر بشأن غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، والذي أُعدّ بالتنسيق مع جميع الشركاء الوطنيين المعنيين. وعلى الصعيد الدولي، يُبيّن التقرير جهود التعاون مع الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية المختصة، بهدف تعزيز مكانة المملكة المغربية والوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.