بدأت المأساة عندما إنقلب البكباشية


محمد حسين يونس
الحوار المتمدن - العدد: 7883 - 2024 / 2 / 10 - 07:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

ترددت كثيرا في الكتابة عن هذا الموضوع ..فهو يحمل العديد من التخمينات و القياسات و الإستنتاجات ..و الافكار العلمية و الإجتماعية ..و لا يمكن ..الإنتهاء فية إلي نظرية موحدة أو قانون حاكم ..
ما أعنيه هو .. العلاقة المتبادلة المنفعة بين رجال الدين .. و السلطة المتحكمة ..و دورهما في السيطرة علي المصريين عبر تحالف ممتد طول التاريخ .. بصورة قد لا يصدقها بعض الناس
في عصور ما قبل التاريخ .. ( قياسا علي ما رصدوه يحدث بين الشعوب الأقل تحضرا ) كان الساحر هو العالم بالسر و ما خفي ..و المفسر لكل ملامح التغيرات الطبيعية ..و المرجع الذى يثق فيه الناس ..
يقدس الطوطم المحلي ويحمل أعلام تجمعه البشرى ( نوم ) .. و يقود المحاربين المتقدمين للإنهاء علي أتباع طواطم القرى المجاورة .. و رفع قيمة ( النتر ) المحلي علي من عداه
هذا الساحر تحول بعد فترة إلي شامان ( يصنع المعجزات ) .. فكاهن ( مالك الأسرار و الحقائق ) ..
و مع توحد القطرين .. كان كهنة منف ثم هليوبليس هم الذين يعلمون و يتكون منهم العلماء و الفنانين والمعماريين و الأطباء يقرأون و يكتبون .. ويتحكمون بعلمهم في ملوك الدولة القديمة ..
يوجهونهم في تسخير الشعب لبناء المقابرالضخمة ( الإهرامات ) أو المعابد المخصصة لإعلاء كلمة ( رع ) فوق كل الأرباب.
و يدونون تراهاتهم .. عن ما سيلقاه المتوفي بالعالم الأخر من صعاب .. و صراعات .. قيما يسمي بنصوص الإهرامات أو كتب الموتي .
كهنة طيبة .. كانوا في مقدمة الجيوش التي خرجت من الصعيد لطرد الهكسوس المحتلين للدلتا ..
و إدعوا أن ربهم (أمون) هو صاحب النصر ..و هو الذى قاد الملوك في الأسرتين الثامنة عشر و التاسعة عشر لتكوين الإمبراطورية التي ملأت خزائن معابدهم بالذهب و الفضة .. ورفعت من قيمتهم ..
مع ضعف ( الرعامسة ) في نهاية الأسرة العشرين طمع الكهنة في الحكم .. و أصبح علي العرش بداية من الأسرة الحادية و العشرين أحدهم ( حيرحور ) ملك كاهن... إنتهوا بمصر ..أن ضعفت .. و تحولت لمستعمرة
سبب نفوذ الكهان كما ذكر الدكتور مراد وهبة في كتابه (( ملاك الحقيقة المطلقة ))
((لما كان هذا التفكير العلمي محدودا في بدايته كان علي الإنسان أن يملأ الفجوات الناجمة عن قصور تفكيره العلمي .. فإبتدع الأسطورة ..و توهم أنها قادرة علي تغيير البيئة .. فإعتقد علي سبيل المثال أن التضرع للشمس و النجوم من شأنها تخصيب الأرض ..))
في هذا الإطار و مع زيادة فائض الطعام بسبب تعلم الزراعة .. (( بزغت طبقة الكهنة لتؤدى وظيفتين ..توزيع الطعام.. و المحافظة علي الأسطورة .. و من أجل ممارسة هاتين الوظيفتين إبتدعت المحرمات ( التابو )التي أصبحت معيارا للحكم علي السلوك)) .
كهنة .. إسطورة .. تابو ..
هكذا بدأت الظاهرة التي إستمرت لا تختلف او تتعدل عبر العصور وهي أن رجل الدين ..لا يشبع من السلطة .. أو التحالف مع من في السلطة ...
و من في السلطة لا يتوقف عن الإستعانة بهم كحكماء قادرين علي ترويض و إستئناس الشعب .
رجال الأديان إن لم يحكموا بأنفسهم كما فعل كهنة أمون.. سيطروا علي الحكام ..و سيروهم طبقا لمخططات يدعون أنها قادمة ..من لدى الأرباب .. وفرضوا نفوذهم علي الجميع بالخوف من كسر التابوهات و بخرافات يتداولونها كما لو كانت حقائق ..
وهكذا مع إحتكار العلم و المعرفة فيما بينهم.. تركوا الجميع ينعمون ببلاهة الجهل و الإستسلام .
الغريب أن رجال الدين هؤلاء .. مثلوا دائما عناصرالطابور الخامس الذى يمهد الارض للطغاه ويمكنهم من الاستيلاء علي السلطة والنفوذ والاموال و إستنزاف الناس .
فعل هذا كهنة رع لكسر كهنة أمون مع قدوم قمبيز (( ملك الفرس ابن الملك قورشٌ الذى غزا مصر سنة 525 ق.م وحكم لمدة 4 سنوات لقب خلالها بالألقاب المصرية القديمة مثل ملك الشمال والجنوب وابن رع واتخذ لنفسه لقب حورس موحد الأرضين ليعطى لحكمه أمام الشعب صبغة مصرية يحيطها كهنة هليوبليس و منف بكل إجلال و تقديس .. وخداع . ))
و مع الاسكندر كان العكس فلكسر كهنة (رع )(( خرج الكهنة لاستقباله عند البوابة وصاحبوه حتى معبد آمون (بسيوة ) وعلى بابه وجد الكاهن الأكبر يدعوه أن يدخل إلى الصومعة الداخلية لكى يستشير آمون بنفسه إكراما لشخصه ومكانته
ولما خرج بدا عليه السعادة والرضى ولما سأله رفاقه بعد ذلك عما حدث رفض ان يبوح بشيئ من هذه الأسرار وأعلن أنه لن يبوح بها إلا لأمه.. لقد قالوا له أنه إبن آمون ليصبح لقبه المفضل لخداع المصريين))
لقد كانوا دائما وسيلة تدجين الشعب .. و عصا الغاصب الغليظة .. .لتسكينه و ضمان خضوعه.
عبر تاريخنا الممتد لالاف السنين .. كان هناك دائما صراع الجباية بين الحاكم و الشعب .. ..الاول ((من الغزاة أو الطغاه)).. يريد أن يحلب الثاني ..لأخر قطرة عرق أو كما قال (فوكو)
((إن من يمتلكون السلطة لابد أن يستغلوا شعوبهم إقتصاديا)).. ليستطيع أن يدفع رواتب المرتزقة ويوفر إحتياجاتهم المعيشية ..خوفا من ثورتهم علية،..ولكي يستطيع..أن يكمل توريد جراية الكهان ويسد مطالبهم حتي يداوموا علي الدعوة له في المعابد ..ويسوقون تابعيهم من المؤمنين لخدمته و ليبني القصور و الملاعب و يقيم الاحتفالات المبهره و يشق الطرق ويسلح رجاله بالخيول والسيوف والدروع .
أما في حالة ما إذا كان هذا الحاكم أحد المبعوثين من قبل الغزاة.. فعلية أن يرسل ما تعهد بجمعه من جباية أموال أبناء البلد والموالي كجزية ورسوم...مهما كانت المظالم التي يرتكبها أو العنف الذى يزاوله ليغطي المقدر عليه تقديمه
في كل من الحالتين .. كان الداعم للجباة رجل الدين .
علي الجانب الاخر عادة ما يقوم الشعب بالتهرب من الدفع بكل الوسائل و الطرق .. و منها في الحالات الصعبة ..هجر الارض و التخفي أو الهرب والهجرة .. و في كثير من الاوقات بالعصيان المدني و في بعض الاحيان بالثورة .

المصرى ثار وحارب مستغليه ثلاث مرات وقد تكون أربع .. ولكن كان له العديد من الإنتفاضات .. و الإنقلابات العسكرية
ثوراته و إنتفاضاته لم تكن أى منها بسبب مشاكل دينية .. بل بسبب زيادة الضرائب والأتاوات ..و الجباية ..و إنتشار الفقر .. و سوء توزيع الثروة .
الثورة الأولي كانت حول 2280 ق.م مع نهاية الأسرة السادسة بعد حكم بيبى الثانى الذى إستمر ل94 سنة ، وكان السبب الرئيسى. للثورة . هو تفشى الظلم واتساع الفروق بين قلة مترفة ، وأغلبية تعانى من قسوة الفقرو الجهل
و كما هو مفهوم من أداب تلك الفترة ..(( حين اشتد الجوع بالناس هاجموا قصور أصحاب الجاه والأثرياء، فقتلوا من فيها، ونهبوا ما بها، وأشعلوا النيران فى كثير منها، )) ..و لم ينجو من التدمير معظم مقابر ملوك الدولة القديمة.
الثورة الأولي كان لها نتائج سياسية و إجتماعية واسعة .. أدت لتغيير شكل الحياة في كميت .. و ضعف السلطة المركزية و تفتت نفوذ الكهنة بين عدة أديان .
البكولية ... حول 180م هي الثورة الكبرى الثانية قام بها فلاحون ضد قهر وظلم ولاة الإمبراطور الروماني ماركوس أورليوس ، وإنتصرالثوار فيها علي قوات الإحتلال حتي وصلوا للأسكندرية العاصمة وكادت هذه الثورة ان تنهي حكم الرومان و تغير شكل الحياة في كميت .
في زمن المأمون حول 830 م ثار البشموريون ( المسيحيون )عدة مرات علي الوالي عيسى بن منصور بسبب فرضه لاتاوات مبالغ فيها . و حضر المأمون بتفسة ليعيد إحتلال مصر ..التي كاد الثوار أن يطردوا الدولة العباسية منها
و ضد المعتمد البريطاني السير ونجت كانت (ثورة 1919) عندما غالي الإنجليز في إستنزاف الشعب من أجل تغطية تكاليف الحرب العالمية الاولي ..و كادت الثورة أن تنهي الإحتلال البريطاني ..
و ثورة 2011 ضد مبارك و نظام حكمه .. التي طردت الديكتاتور ..و كادت أن تحدث تغييرا ..
يضاف لذلك
عدد من الإنتفاضات و الهوجات ضد الهكسوس و الإحتلال الأشورى و الحيثي و الفارسي و البطلسي و في زمن المماليك و العثمانيين و الفرنسيين ...واجهها الحكام كلها بعنف مع دعم من رجال الدين .
كذلك شهدت مصر عدد من الإنقلابات العسكرية أهمها هوجة عرابي و إنقلاب البكباشية ضد الملك فاروق و إنقلاب مارس 54. ضد محمد نجيب . و إزاحة مرسي من علي عرش مصر.
كل هذه الثورات .. و الإنتفاضات و الإنقلابات .. إنتهت بإنتصار الحكام.. و فرض سيطرتهم ..و تحويل حياة الناس بعدها إلي جحيم يفوق ما ثاروا عليه .. ليستمر تفوق الغاصبين و البغاة لا يتوقف منذ الفين سنة .
المصرى بسبب ذلك إعتاد علي أن يكره حكامة و يدعو عليهم سرا و علانية ( دون جدوى ) ..و ((يا ربنا يا عزيز داهية تاخد الإنجليز)) .. أو ((يا ربنا يا متجلي داهية تاخد العثمانلي )).. و ما يشبهها من أدعية طالت الملوك و الرؤساء التاليين .
في النهاية تعود المصرى أن يتم إستغلاله بواسطة اوليجاركيه عسكرية حاكمة تمتلك أدوات القهر و العنف ..ولم يعد يدهشه سرقتهم له ..
وإعتاد أن يرى من يدفع لهم الجزية يرفلون في نعيم إنتاجه و خير بلده..بينما هو مهمش،جاهل ،مريض، معدم يخفي ما يقيم أوده وأسرته ليتناوله سرا بعيدا عن أعين وأيدى الغاصبين...
الفين سنة قهر كونت في الغالب لدي البعض منا .. ما يشبه (متلازمة ستوكهولم).. أدت إلي ترسيخ قناعة بأن من يتحكمون فيهم إنما هم أوليائهم يحافظون علي أمنهم و أمانهم وأن عليه أن يحمي (ولو بقوة القانون) وجودهم و يرفع صورهم و تماثيلهم في خضوع إلي أعلي القمم
رغم أن التاريخ أكد مرارا وتكرارا بأنهم كانوا صروحا مبنية بورق الكرتون تنهار مع الصدام الجاد وتتعرى مع أول فحص محايد و منطقي لدورهم.
المشكلة كما ذكر الدكتور مراد وهبة ((إن الغالبية من البشر تدرك أن الطريق إلي الرشد ليس فقط وعرا بل محفوفا بالمخاطر و لهذا السبب تركوا أوصياء يتكفلون برعايتهم .. يحذرونهم من الإعتماد علي أنفسهم و ذلك بعد إحالتهم إلي أغبياء .. مانعين هذه الكائنات المسالمة من ترك العكازات التي إعتادوا إستخدامها )).
كيف تمكن هذا الغباء وهذه المسالمة منا ..
((و من ثم فمن العسير علي الإنسان العثور علي مخرج من اللارشد ..الذى يتحول إلي شيء من الغريزة الطبيعية بل يصبح محببا للإنسان و من ثم يكون غير مؤهلا لإعمال عقله )).
هل معني هذا أن مقاومة الخوف من إعمال العقل هو الحل ..
نعم .. لأنه ((لم يكن سبب الغباء و المسالمة نقص في العقل و إنما نقص في التصميم و الجراءة علي إعمال العقل دون معونة الأخرين))
و يضيف ((إنه يطيب لنا أن نكون من غير الراشدين ..بل يطيب لنا أن يكون الكتاب بديلا عن عقلي.. و الكاهن بديلا عن وعيي .. و الطبيب مرشدا لما ينبغي تناوله من الطعام .. و ليس ثمة جهد للتفكير إذا كان بمقدورى شراؤه ..فالأخر كفيل بتوفير جهدى ))..
.و حديثا يطيب لنا أن يصوت سمسار جمع الفقراء بدلا مني في صناديق الإقتراع ..
((إن التنوير ليس في حاجة إلا إلي الحرية و أفضل الحريات الخالية من الضرر تلك التي تسمح بالإستخدام العام لعقل الإنسان في جميع القضايا و هنا أسمع أصوات تنادى قائلة : لا تفكر بل تدرب كما يقول الضابط .. و الممول لا تفكر بل إدفع .. و الكاهن لا تفكر بل أمن))..
.لنصبح تلك الأمة التي تعشق مضطهديها ( حكام و كهنة ) عبر الزمان .. مدهولين لا نفرق بين العدو الذى يستغلنا و يسرقنا و بين الناصح الأمين
عندما تقرأ عناوين الشوارع و المرافق و المنشئات في بلاد العالم سوف تجد أنها تحمل أسماء مثل نيوتن ، بتهوفن ، مايكل أنجلو ، باستير ، مارى كورى ...فولتير أما أسماء شوارعنا فصيغت لتمجد الغزاة و البغاة ..قمبيز ،الاسكندر ، قيصر ، المأمون ، سليم الاول ،قرة بن شريك ، عبد اللة إبن أبي سرح ..
الخديوى إسماعيل له مدينة ، توفيق لة مدينة.. و سعيد له مدينة رغم أنهم سبب خرابنا بديونهم التي ظللنا ندفع أصولها وفوائدها حتي زمن الملك فؤاد و حكومة الوفد
وحديثا إحتكراسماء الشوارع..كبار الضباط فنجد محور المشير أو الفريق أو اللواء فلان..و تتساءل من منهم مثل شارل ديجول أو أيزنهاور وماذا حققوا من إنتصارات تجعلنا نخلد أسماؤهم و نفرضها علي الأجيال التالية فلا تجد إلا سير تعويق و قهر للناس .
.إنها رموزهم و رموزنا ..وأبطالهم و أبطالنا ...و توجهاتهم .. و توجهاتنا.. إنه الفرق بين إعمال العقل و المنطق .. و بين التسلط و القهر .. وتجاهل حقائق التاريخ بعد أن كتبه المنتصرون ,
و مع ذلك فنحن (كزراع مصر ) باقين رغم الهزائم و علي الهم صابرين نحتمل الطغاة والبغاة و المستعمرين ..مثلنا في ذلك مثل اجداد الأجداد لم يندثروا أو يتفرقوا في البرية.
نحن أمة تنتظر الفرج نتطلع إلي مستقبل لا ندرى متي يجيء.. ترتفع فيه رايات رموز ملهمة تساهم في خروج مصر من مستنقع الاستعمار و الاستغلال ..و يصبح لنا أبطالا حكماء في العلوم و الفلسفة و المنطق و التنمية و الإقتصاد و السياسة نقدرهم وندرس سيرتهم و نذكرهم بالخير.
هل هذا حلم قابل للتحقق ..
في بلدنا يحيط بك التعصب أينما وجهت نظرك ....إما تعصب بدائي ديني قومي قبائلي ..أو إنتماء إنتهازى لحكم الأوليجاركية العسكرية التي قادت الثورة المضادة مرتين كلما طالبت الجماهير بالحريات.
الغريب أن بعض من هؤلاء المتعصبين .. علي علم و دراية .. و حكمة .. و لكنه اليأس من تغيير الأوضاع الذى أصاب مثقفينا .
يبق أعداد محدودة تتحدث عن حقوق الإنسان و الحرية .. و إعادة صياغة الحياة علي هذه الأرض بالعلم و المعاصرة والتنمية..لصالح المعدمين و المحتاجين و الفقراء ..و باقي المضطهدين..
هؤلاء لا تسمع كلمتهم .. و لا يهتم بها إلا عناصر شلتهم كما لو كانوا يعيشون في جيتو مغلق يتحدثون لغة غريبة .. لا يفهمون ما يدور حولهم ..و لا يفهم الأخرون خطاباتهم .
بدأت المأساة عندما إنقلب مجموعة من البكباشية المنتمين لتيارات الإسلام السياسي علي الملك و الأحزاب .. بهدف .. كبت ثورة جماهيرية شبت مع بداية 1952 ضد الإحتلال و سوء توزيع الثروة و التفسخ المجتمعي ..
ليقدم المنقلبون للناس نظما بديلة تدور حول رأسمالية الدولة الفاشيستية و القومية العربية ..و الحياد الإيجابي ..و خوض معارك ضد الإمبريالية العالمية
بهزيمة 1967 و عدم إنتصار 73.. قام السيد الرئيس المؤمن بكشف إنتماؤه ونقل مسئولية إجهاض ثورة الجماهير و المحافظة عليها ساكنة .. من القوميين الي الاسلاميين ..و اعلن بوضوح انه رئيس مسلم لشعب مسلم وأنه سيحكم بدستور و قوانين تعتمد علي الشريعة الاسلامية محققا معادلة مستحيلة عن دولة العلم والايمان .
الإسلام السياسي غير المستجد في الساحة (الاخوان والوهابيون و ملل ايران) تنافسوا بهدف الاستيلاء علي عقل الناس في بلدنا ونشر فكرهم بين مسلميها ..
تارة بالموعظة الموجهه و اخرى بواسطة ماكينات الدعاية التي تمولها البترودولار ..وفي الغالب بنشر الذعر بالارهاب و الاغتيالات المستخدم فيها مجموعة من المصدقين ان حور العين في انتظارهم فور وفاتهم ...
للإسلام الجهادى منذ سقوط الخلافة العثمانية (1923 ) قصة دامية في تاريخ مصر..تدور حول ((الوحدة و الصراع )) مع القوى العسكرية و الأمنية ..تارة يتحالفان ( فيلغي البكباشية كل الأحزاب و التنظيمات عدا الأخوان ) .. و أخرى يتقاتلان ( ويحكم البكباشية علي رموزهم بالإعدام ).. وأخرها الإغتيالات التي حدثت لجنود مصر في سيناء.
الإسلام السياسي أو الراديكالي .. بعد ان إختلفت مساراتهم مع القوميين و طردوا من مصر احتضنهم سعود ثم فيصل ووهابيو السعودية ثم انتهي بهم المطاف لخدمة الامريكان بالحرب في افغانستان ضد الملاحدة الروس مع دعم من الرئيس السادات ..
المجاهدون بعد ان امتلكوا السلاح والخبرة والثقة والاموال المجلوبة من زراعة الافيون بداوا في مهاجمة الكفرة والملاحدة في امريكا ، اوروبا، مصر الجزائر، السودان وغزة وهكذا ولد من رحم الجهاد ضد السوفيت كل التنظيمات الجهادية التي للأسف تتكاثر بمتوالية هندسية ..و تجدها اليوم في كل مكان بما في ذلك إفريقيا السمراء ..تصارع تهدم و تدمر و تخرب .
قال جون لوك (( ليس من حق أحد أن يقتحم بإسم الدين الحقوق المدنية و الأمور الدنيوية .. اللة لم يفوض أحدا أن يفرض علي أى إنسان دينا معينا )).
نعيش عالة علي البشر الذين تقدموا ..نظم حكمنا لم تخرج بعيدا عن بداية القرن التاسع عشر(زمن المماليك و محمد علي ) ..و علاقاتنا بالعقيدة و الفكر توقفت عند كتابات وعاظ القرن الثامن عشر ..و علماؤنا و مفكرونا .. لا زالوا يتعثرون عند علوم بدايات القرن العشرين .. و من كان متفوقا منهم ستجده يردد ما جاء بعلوم الحرب العالمية الثانية ..
العالم حولنا يغزو الفضاء .. و يتحدث أفراده عن لحظة الإنفجار العظيم و تكون الكون منذ زمن موغل في القدم ( 13.8 مليار سنة ) .. و عن عوالم مختفية تبعد عنا بملايين السنين الضوئية ....و أن هناك من يراقب الأرض من الكائنات الفضائية المنتشرة ..و معدات الناس تطير فوق المريخ و كل كواكب المجموعة الشمسية .. و ترسو علي الوجه المظلم للقمر ..
و المستكشفون يجدون أنواع أخرى إنقرضت من جنس البشر .(( العلماء الصينين يكتشفون نوع جديد species من البشرعاش من 14600 سنه سموه مؤقتا دراجون مان)) . .و يطورون الحياة في المعمل ..و يواجهون وباء الكورونا بالعلم و ليس بالدعاء و طلب تحجيب النساء .
إنهم يدرسون بجوار الأكبر و الأضخم في الكون .. الأصغر و الأدق فيما يسمي النانو تكنولوجي .. و نحن نعيش علي فضلة إحساناتهم نرجوهم أن يبنوا لنا أبراجا في الصحراء.. أو يسيروا لنا قطارا سريعا أو مونوريل لا نعرف كيف سنستخدمه أو نصونه بدونهم .. أو ينشئوا محطات كهرباء عملاقة غير متوافقة مع منظومة التوزيع البدائية التي نملكها فنفشل في حل المشكلة.. رغم إنفاق المليارات
كل هذا يتم بواسطة قروض و ديون متراكمة .. ستسددها أجيال قادمة سوف تلعنا .. و تعجب أننا لم نتعظ بما حدث لجدودنا في زمن الخديوى
.
ثم نقول أن هذا الهم إنجازات للحكم الاوليجاركي.. متجاهلين أنه نظام تأسس وقام و دعم بعد 2011 من أجل إسقاط ..أبناء مصرفي خية البنك الدولي و صندوق النقد و إعادة إستعمارها بقوانين و قواهد حروب الجيل الرابع .. تعجزها عن الثورة . أو الإنتفاض .
بكلمات أخرى .. في تصورى .. أنه رغم كل الإنتقادات التي نسمعها من المؤيدين و المعارضين .. فإن أنظمة الحكم في أوروبا فيما بعد الحرب العالمية الثانية .. أثبتت نجاحها ..و تفوقها ..و قدرتها علي النمو .. و أنها أصبحت نموذجا نصبو أن يطبق في بلدنا ..
حرية التعبير و السلوك و العقيدة بحيث يتحول الدين فيه إلي مسألة شخصية .. لا تفرض بقوانين أو أعراف .. أوبتحالفات .
شفافية.. حقوق إنسان .. ليبرالية إقتصادية و سياسية .. و ديموقراطية تجعل من البرلمان أداة حفظ توازن فعالة معبرة عن الناس..
حياة طبيعية ..تسمح للبشر بالتعليم .. و العلاج .. و الإنتاج .. و الإعتراض ..والتمتع بلذة الحياة ..و النمو في وسط صحي أمن ..مزدهر و متفوق ... ضباطه حراس للحدود ..و رجال دينة لا يغادرون به معابدهم