مراجعات عام 2023 .. تركيا تتجه للانحدار والفشل يلازم المعارضة


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 7843 - 2024 / 1 / 1 - 12:41
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر     

انتشر أخيرا في وسائل التواصل الاجتماعي فيديو لمواطنة تركية تحتج على سؤال بشأن وضع البلاد الاقتصادي. تقول: «لماذا نطرح سؤالاً جوابه واضح؟»، فالانحلال الاجتماعي أصبح أكثر إلحاحاً. «واقتصاديا»، يتعافى العالم بعد كل أزمة، فرأس المال لا يدمر نفسه، لكنه لا يستطيع بسهولة تعويض التدهور الاجتماعي. والأخلاق لم تعد موجودة. لقد أصبح الاحتيال والكراهية والعنف أمورا شائعة في العام الحادي والعشرين من عهد حزب العدالة والتنمية الاسلامي الحاكم. وفي عام 2023، اصبحت تركيا دولة ينحصر فيها حلم الشباب بالهجرة فقط.

والأمل الذي بدا قريبا، بعد انتصار المعارضة في العديد من المدن الكبرى في الانتخابات المحلية 2019، أنهته النتائج البائسة للانتخابات البرلمانية والرئاسية في أيّار الفائت. وتحولت تركيا الى مكان لإلقاء القبض على عتاة المجرمين المطلوبين في السويد وصربيا وشمال إنجلترا، واستراليا، حيث تم اخيرا القاء القبض على المجرم هاكان أيك المطلوب في استراليا.

فساد وغلاء
وفي هذا العام، وضعت الوكالة الدولية لمكافحة غسيل الأموال، تركيا، مرة أخرى، على «القائمة السوداء» لغسل الأموال وتمويل الجماعات الإسلامية. ووفقا لتقرير مؤشر الجريمة المنظمة في العالم، نجد الحكومة متورطة في تجارة الذهب والنفط غير المشروعة وكذلك في تهريب الأشخاص والأسلحة. ويقال إن بلال، نجل أردوغان، طلب رشاوى من شركة «دغنته سيستمز» السويدية - الأمريكية من أجل مساعدة الشركة على تحقيق مركز مهيمن في السوق التركية، وقد تم كشف ذلك بالصدفة اثناء تحقيقات في ملفات فساد في الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي الوقت الذي يتسع في جشع المستفيدين من النظام، يعيش المواطنون العاديين البؤس. والأزمة الاقتصادية المستمرة، ولم يؤدِ استبدال رئيس البنك المركزي ووزير المالية، في حزيران الفائت، الى حلحلتها. ولا يزال معدل التضخم رسميا أكثر من 60 في المائة، وربما يكون في الواقع أعلى من ذلك بكثير. ووفقا لليونيسف، يعيش ثلث أطفال البلاد في فقر. وكثيراً ما يضطرون إلى ترك المدرسة والعمل لإعالة أسرهم.

وبسبب الصعوبات الاقتصادية، انتشر الزواج القسري للقاصرات. ومنح الرئيس أردوغان أخيرا جائزة العلوم لأستاذ اللاهوت سليمان أولوداغ، الذي شرعن زواج الرجل من ابنته بالتبني. وانسحبت البلاد رسميًا من اتفاقية إسطنبول لحماية المرأة هذا العام. وجرائم قتل النساء في ازدياد.

وبعد أن حظرت العديد من دول جنوب شرق آسيا دفن النفايات البلاستيكية في اراضيها، تحولت تركيا الى مقبرة نفايات عالمية، ونتج عن ذلك آثار مدمرة على الناس والطبيعة. وفي مدينة أرزينجان الكردية، انفجر أنبوب أثناء استخراج الذهب من قبل شركة تعدين كندية - تركية، وتدفق السيانيد السام إلى نهر كاراسو، احد منابع نهر الفرات، أطول نهر في غرب آسيا. وبالمقابل كافأت الحكومة الشركة بإلغاء ديون قيمتها 7.2 مليون دولار.

وكانت إدارة زلزال السادس من شباط كارثية. وفق المعطيات الرسمية هناك أكثر من 50 ألف ضحية، لان الاولوية كانت لحصد الأرباح على حساب شروط سلامة المباني. وبررت الحكومة عجزها «بالقضاء والقدر» أو «إرادة الله» وكأنها لا تتحمل أية مسؤولية. وفي مقاطعة هاتاي، التي كانت واحدة من أكثر المناطق تضرراً من الزلازل، يفتقد الناس البنى التحتية الضرورية لحياة طبيعية، ناهيك عن عدم اكتمال عمليات إعادة البناء.

معارضة منقسمة
على الرغم من وجود أوساط واسعة مكتوية بالأزمة، ورافضة لسياسات الحكومة، الا ان المعارضة السائدة تعجز عن تعبئتها، وتنشغل في صراعات عدمية بين قوى الوسط (الحزب الجمهوري) واليمين ممثلا بحزب İyi (الصالح)، وبالتالي فالمعارضة مهددة بفقدان المكاسب المتحققة في المدن الكبرى خلال الانتخابات المحلية في اذار المقبل.

ومن جانب آخر، كلف التحالف مع أحزاب اليمين الحزب الجمهوري، ليس خسارة الانتخابات الرئاسية، وبرلمان أكثر يمينية من سابقه فقط، بل دخل الحزب في صراع داخلي انتهى باستقالة زعيمه كمال كليجدار أوغلو، وجاء أوزغور أوزيل بديلا عنه.

ولم تكن نتائج الانتخابات مرضية بالنسبة لحزب الشعوب الديمقراطي، الذي خسر الكثير من الأصوات. لقد واجه الحزب قضية اتهامه بالإرهاب، وتجميد نشاطه. وكان عليه الاشتراك في الانتخابات باسم «حزب اليسار الأخضر». لقد أدى تغيير اسم الحزب القسري، ودعمه غير المشروط لزعيم الحزب الجمهوري، بهدف هزيمة اردوغان، الى خسارة الحزب الكثير من الأصوات. وتعرض الحزب الى انتكاسة أخرى، بسبب تخلي زعيمه السابق، والشخصية الأكثر شعبية عن دوره السياسي، بسبب خيبة الامل التي اصابته من الأداء السياسي.

وتعمق واتسع قمع الحكومة للسكان الكرد في كردستان تركيا، بموازاة احتلال مناطق واسعة، والتدخل العسكري والأمني التركي في سوريا والعراق. لقد وصل العنف ضد السكان المحليين إلى مستوى دفع حتى الولايات المتحدة شريكة تركيا في حلف الناتو إلى فرض عقوبات على اثنتين من الميليشيات السورية المتحالفة مع تركيا.