حرب الهيمنة الامبريالية مستمرة


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 7903 - 2024 / 3 / 1 - 22:47
المحور: الارهاب, الحرب والسلام     

في 24 شباط الفائت، مر عامان على الغزو الروسي لأوكرانيا، وعلى الرغم من حرب الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في غزة، قد شغلت الموقع الاول من اهتمام الأكثرية في البلاد العربية، الا ان ماكينة الموت تحصد يوميا المئات من الجنود في جبهات الحرب الروسية – الأوكرانية ، ومثلهم من المدنيين. ومن الثابت ان الحرب تسبب الكثير من المعاناة للشعبين الأوكراني والروسي. وليس هناك ما يشير الى إمكانية انهاء الحرب بنصر عسكري لصالح أحد الطرفين المتحاربين.
وتشهد الحرب استخدام المزيد من الأسلحة الفتاكة. ويستخدم الجيشان الروسي والأوكراني القنابل العنقودية المحرمة دولياً. وليس سرا ، ان روسيا تستخدم، ومنذ فترة طويلة القنابل العنقودية في أوكرانيا. وبالمقابل لا تخفي الولايات المتحدة أيضًا حقيقة أنها سلمت أوكرانيا قنابل عنقودية. ومن البداهة ، انه ليس للجنود الروس والاوكرانيين في هذه الحرب ما يربحونه. وعلى اساس هذه الحقائق الاساسية والبسيطة، يجمع انصار السلم في العالم اجمع على مطلبي الانهاء الفوري للحرب. ويرفعون صوتهم عاليا ضد دعاة الحرب في روسيا واوكرانيا والمعسكر الداعم للأخيرة من بلدان الناتو والاتحاد الأوربي.
وفي سعيهم هذا يفضحون كذبة المهيمنين، التي تدعي ان تزويد اوكرانيا بالمزيد من الاسلحة سيصنع السلام. ويؤكدون حقيقة ان شحنات الاسلحة المستمرة والمتصاعدة طيلة سنتين، وكذلك العقوبات ادت الى دوامة جديدة من التصعيد، التي يجب ان تتوقف.
طبيعة الحرب
مع ضرورة تحميل روسيا مسؤولية الغزو، لكن من الضروري ايضا، تحديد طبيعة الحرب على خلفية التطورات التي عاشتها المنطقة قبل الرابع والعشرين من شباط. فهذه الحرب لا تنحصر بطرفيها المباشرين روسيا واوكرانيا، بل هي حرب هيمنة امبريالية، بين روسيا والناتو للهيمنة على اوكرانيا، التي تقول التوقعات انها ستصبح دولة غنية، الى جانب موقعها الجغرافي بين مركزي الهيمنة المتصارعين.
وبهذا المعنى، فإن الناتو والاتحاد الأوروبي جزء من المشكلة وليس الحل، ارتباطا بتوسع الناتو والاتحاد الأوربي شرقا ، بالإضافة الى تورطهما غير المباشر في الحرب والاصرار على استمراها.
في السنوات التي سبقت الغزو الروسي، عمل الاتحاد الأوربي على مناقشة مشاريع تسلح اوربية ، بهدف ان يصبح الاتحاد الاوربي محورا عالميا يتمتع باستقلال عسكري عن شريكه التاريخي الولايات المتحدة الامريكية. وفي هذا السعي لعبت المانيا وفرنسا دورا محوريا، باعتبارهما القوتين الأكثر قدرة و تأثير في أوربا.
وانطلق البلدان من فرضية قابلة للتحقق، فالذي يستطيع إنتاج واستخدام أنظمة أسلحة جديدة مع الذكاء الاصطناعي والأنظمة شبه المستقلة على نطاق واسع، سيضمن تفوقه في عملية سباق التسلح.
لقد أدت الحرب في أوكرانيا، والتطورات التي ارتبطت بها إلى موجة جديدة من إعادة التسلح والعسكرة المتسارعة، وفي هذا السياق جاء البرنامج الالماني المعلن في 27 شباط 2022 ، اي بعد الغزو الروسي بثلاثة ايام فقط، في تخصيص 100 مليار يورو لتعزيز قدرات الجيش الالماني وشراء طائرات مقاتلة حديثة بدون طيار.
ان مئات المليارات التي تخصصها البلدان الغربية للعسكرة والتسلح تأتي على حساب السياسات الاجتماعية المطلوبة للتخفيف من حدة الاستقطاب الاجتماعي في هذه البلدان، فضلا ان هذه السياسة تصب الزيت على نار صعود قوى الفاشية والنازية الجديدة، الساعية لتكرار النموذج الايطالي في فرنسا والمانيا وبلدان اخرى لا تزال تعيش مخاضات صعود اليمين المتطرف فيها.
ان معاهد بحوث السلام العالمية بينت بما لا يقبل الشك، تصاعد الخط البياني لأرباح احتكارات صناعات الاسلحة والمعدات العسكرية الاخرى. ولقد عكست تظاهرات حركات السلام في الولايات المتحدة وبلدان الاتحاد الأوربي، رفضا شديدا لصفقات بيع الاسلحة إلى أوكرانيا أو إسرائيل أو المملكة العربية السعودية أو أي مكان آخر في العالم. واكدت الحركة الاحتجاجية ان النضال من اجل سلام عالمي، يعني المقاومة الشديدة والصريحة للحرب دون تبرير او تأويل او اية معايير مزدوجة. وهذا يتطلب حركة سلام عالمية واسعة وقوية قادرة على مواجهة صعوبات الواقع الذي يعيشه العالم اليوم.
ويكتسب نضال انصار السلام في اوكرانيا وروسيا اهمية فائقة، جراء سيادة الاستبداد والقمع المتواصل وحملات التعبئة الوحشية، ومن هنا تأتي اهمية التضامن العالمي الواسع مع شبيبة البلدين الرافضة للتجنيد والعسكرة ونشر الاحقاد القومية. ولذلك يجري التركيز على ضرورة منح حق اللجوء للرافضين للتجنيد، الذين استطاعوا مغادرة اوكرانيا وروسيا وبيلاروسيا.