الحزب الشيوعي الياباني.. قيادة جديدة وبرنامج معاصر


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 7869 - 2024 / 1 / 27 - 07:46
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

خلال أيام 13 – 18 كانون الثاني الحالي، استضافت إحدى المدن القريبة على العاصمة اليابانية طوكيو أعمال المؤتمر التاسع والعشرين للحزب الشيوعي الياباني. وجاء انعقاد المؤتمر في وقت يتعرض فيه الحزب لضغوط كبيرة. في انتخابات 2022 العامة، انخفض عدد مقاعد الحزب إلى عشرة مقاعد، بدلا من اثني عشر معقدا في الدورة السابقة. ويعاني الحزب من تناقص عضويته، وتقدم سن الكثيرين منهم. لذلك رافق الترقب اعمال المؤتمر ونتائجه. وقبيل انعقاد المؤتمر ناقشت قيادة الحزب أفكارا بشأن تجديد قوامها. لقد استمر “شي كازو” رئيساً للحزب لأكثر من 23 عاماً ـ وهو أمر نادر الحدوث في المشهد الحزبي في البلاد، الذي يتميز بالتغيرات المستمرة في المواقع القيادية.

تم الخميس الفائت انتخاب نائبة رئيس الحزب السابقة تامورا توموكو رئيسة جديدة للحزب، وهي أول امرأة تنتخب لهذه الموقع القيادي الهام. ويعكس الانتخاب تغييرا في الأجيال، فزعيمة الحزب الجديدة تبلغ 58 عاما، ويبلغ سلفها 69 عاما. وبانتخاب امرأة وأكثر شبابا، يحاول الحزب جذب الناخبين الأصغر سنا.

وفي المؤتمر الصحفي، الذي عقد بعد نهاية أعمال المؤتمر، عبرت قيادة الحزب عن توجه نضالي. قالت تامورا إنها تريد بناء حزب أكبر. والهدف المعلن طموح جدا: في الانتخابات العامة المقبلة، يريد الحزب الشيوعي الحصول على 6.5 مليون صوت، أي مضاعفة اصواته التي حصل عليها في انتخابات عام 2021. ويريد الحزب تحقيق ذلك بواسطة توسيع النشاط العام وكسب أعضاء جدد.

مسارات قديمة
وعلى خلاف حديث المتابعين عن صعوبات وأزمة داخل الحزب، لم تعكس أجواء المؤتمر، الذي شارك في أعماله قرابة 800 مندوب، ما يشير إلى ذلك. لقد تم انتخاب لجنة مركزية جديدة وإقرار يرامج للفترة بين مؤتمرين. وتجاهل المندوبون انتقادات الصحافة اليابانية والدوائر الأكاديمية خلال السنوات الأخيرة، والتي تضمنت ضرورة تغيير الاسم، وتجديد الحزب، وكذلك إعادة النظر في الهدف المعلن “تحقيق ثورة سلمية”، المركزية، والهرمية. الأمر الذي يعيق كسب الشبيبة او الحصول على أصواتهم في الانتخابات. يعد الحزب الشيوعي وفق الواقع الياباني حزبا صغير، إلا ان الحزب يمتلك شبكة تنظيمية تغطي جميع أنحاء البلاد. وبلعب الحزب دورا مهما كمدافع عن الديمقراطية والحريات الأساسية، ويريد الحزب اجتذاب الناخبين الشباب ليس فقط من خلال تغيير قيادته، بل وأيضاً من خلال برنامجه، الذي يغطي أربعة محاور رئيسية: قضية السلام، إعادة توزيع وتوسيع الرعاية الاجتماعية، حقوق الإنسان والتنوع، والتدابير ضد أزمة المناخ. وعبر نضاله من أجل تحقيق المساواة للأقليات والنساء وضد التغير المناخي، يريد الحزب الشيوعي ترسيخ نفسه كحزب معاصر. تتخلف اليابان كثيرًا عن الدول الصناعية الأخرى، خصوصا في ملف المساواة بين الجنسين. ويرى الحزب الشيوعي الياباني أسباب ذلك في استغلال العمالة النسائية الرخيصة والمناسبة للشركات اليابانية. بالإضافة إلى الذهنية المحافظة السائدة في المجتمع الياباني، والتي تضع الرجل في مركز الاهتمام. ويكمن التباين بين الجنسين في ساعات العمل الطويلة، والرؤية المحافظة لدور المرأة والرجل في المجتمع، ويقف ذلك وراء حرمان النساء اللاتي لديهن أطفال من دخول سوق العمل. ولذلك يريد الحزب الشيوعي تحديد ساعات العمل بثماني ساعات يوميا، كحد أعلى وزيادة الأجور من أجل خلق بيئة أكثر ملاءمة للأبوة حيث يتم تشجيع الرجال على تحمل المزيد من المسؤولية في تربية الأطفال والقيام بالأعمال المنزلية.

نحو تغيير الحكومة
وفي سبيل تحقيق أهدافه، يسعى الحزب إلى تغيير الحكومة. والوقت مناسب لذلك، لهبوط شعبية رئيس الوزراء كيشيدا فوميو من الحزب الديمقراطي الليبرالي في استطلاعات الراي. ويواجه استياء اليابانيين، لعدم المساعدة في مواجهة ارتفاع الأسعار. وينتقد الحزب الشيوعي حالات الفساد في الحزب الديمقراطي الليبرالي، وتهديد رئيس الوزراء الصين وكوريا الشمالية وسياساته الاقتصادية الفاشلة. وشددت زعيمة الحزب الجديدة في كلمتها أمام المؤتمر على ضرورة إعادة هيكلة البلاد. وتأمل أن يستمر السخط بين السكان في النمو وأن تظهر حركة شعبية ضد الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم. ومن المستبعد ان تكون الانتخابات العامة المقبلة قادرة على إحداث التغيير المرجو. ويعود ذلك، وفق استطلاعات الرأي، إلى عدم قدرة أكبر أحزاب المعارضة الحزب الديمقراطي الدستوري اليساري الليبرالي الاستفادة بالقدر الكافي من أزمة الحزب الحاكم. بالإضافة إلى ان التنسيق مع الحزب الشيوعي لا يسير كما كان سابق. ومع ذلك، يسعى الحزب الشيوعي إلى تضييق الخناق على الحزب الحاكم، لكي يضطر رئيس الوزراء إلى الذهاب إلى انتخابات مبكرة. وسيكون نجاح جهود الحزب الشيوعي الشرط الأساسي، لعودة الليبراليين اليساريين للتنسيق مع الشيوعيين.