ارتبط تاريخه بالحروب وبتفكيك دول وطنية.. الناتو يحتفل بمرور 75 عاما على تأسيسه


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 7940 - 2024 / 4 / 7 - 14:12
المحور: الارهاب, الحرب والسلام     

في الرابع من نيسان، احتفل الناتو بذكرى تأسيسه الخامس والسبعين. وفي عام 2019 وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الناتو بـ “الميت سريرياً” ، ولكن الغزو الروسي لأوكرانيا، شكل فرصة لاستعادة أهميته، وتوسيع صفوفه.

ولم يمنع الدول الأعضاء في الناتو من الاحتفال التاريخ الدموي للحلف الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة، ويمكن الإشارة إلى الأحداث القريبة تاريخيا مثل غزو يوغسلافيا السابقة وتدمير مدنها وتفكيك دولتها الوطنية، والحرب في أفغانستان، واسقاط نظام العقيد القذافي في ليبا وغيرها الكثير. وكانت هذه الغزوات تحت ذريعة الدفاع عن “الديمقراطية”، و”حقوق الإنسان”، و”القيم الغربية”. تسبب الناتو في الموت والدمار عبر قارات بأكملها باستخدام القوة المسلحة لفرض المصالح الجيوسياسية والاقتصادية للولايات المتحدة ودول الناتو الأخرى.

التأسيس
ساهمت 12 دولة في تأسيس الحلف، كان من بينها البرتغال الفاشية، وفرنسا ومستعمرتها الجزائر، وبريطانيا العظمى ومستعمرتها مالطا -تحالفوا مع المفهوم الأمريكي، القائم على قلب موازين القوى التي انتجتها الحرب العالمية الثانية في أوروبا، حتى إذا اقتضى الأمر باستخدام الأسلحة النووية، تحويل أوربا إلى ساحة معركة نووية ـ وهي الآن في صراع محتمل مع روسيا. وكان هذا أيضًا هو السبب وراء الإسراع في تأسيس جمهورية اتحادية في غرب المانيا، بعد بضعة أسابيع من تأسيس الناتو، في أيار 1949، لقطع الطريق على إعادة توحيد المانيا، او القبول بها كدولة موحدة محايدة، كما اقترح الاتحاد السوفيتي حينها. وما الإصرار على الحفاظ على الناتو بعد تفكك منظمة معاهدة وارسو والاتحاد السوفييتي في عام 1991، الا إصرار على استمرار رؤية الهيمنة الرأسمالية في جميع الأوقات وتحت ظروف مختلفة.

ومنذ ذلك العام، أصبح حلف شمال الأطلسي بمثابة ميثاق حربي، وقد تم إعادة تسليحه وفقًا لذلك. وفق معهد السلام في ستوكهولم أنفقت الدول الأعضاء الحالية البالغ عددها 32 دولة حوالي 1.3 تريليون دولار أمريكي على الجيش في عام 2023، منها أنفقت الولايات المتحدة حوالي 880 مليار دولار. بينما أنفقت روسيا حوالي 85 مليارًا، والصين حوالي 230 مليارًا، والإجمالي العالمي 2.24 تريليون دولار. وتحتفظ الولايات المتحدة أيضاً بما يصل إلى ألف قاعدة عسكرية في مختلف أنحاء العالم، ويزعم حلف شمال الأطلسي التدخل العسكري في المحيطين الهندي والهادئ.

وبروح هذا العدوان والتوسع، اجتمع وزراء خارجية الناتو في بروكسل في 3-نيسان الحالي. وانضم لهم بعد يوم زملاؤهم من نيوزيلندا وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية وأوكرانيا. وينصب التركيز على تمديد الحرب في أوكرانيا إلى أجل غير مسمى. وقبل بدء الاجتماع، وصف السكرتير العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ الوضع العسكري لأوكرانيا بأنه “خطير” واقترح إنشاء صندوق يستمر لخمس سنوات، يبلغ قيمته، وفقا لتقارير وسائل الإعلام، 100 مليار يورو: “يجب أن نقدم لأوكرانيا الدعم اللازم”. مساعدة أمنية موثوقة ويمكن التنبؤ بها على المدى الطويل بحيث نعتمد بشكل أقل على المساهمات الطوعية وأكثر على التزامات الناتو. وقد أعربت بولندا وكندا بالفعل عن دعمهما، وشددت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك على أهمية مضاعفة العمليات بين الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. ووفقاً لستولتنبرغ، ستصبح أوكرانيا بالتأكيد عضواً في حلف شمال الأطلسي؛ ولم تعد المسألة “إذا” بل “متى” فقط.

محطات فشل
تعدّ حرب أفغانستان إخفاقا بارزا للناتو الذي غزاها عقب أحداث 11 أيلول 2001، واستمر الغزو قرابة 20 عاما، متسببا في مئات الآلاف من القتلى وحجم واسع من الدمار، دون أن يتمكن من تثبيت نظام مغاير للنظام السابق للحرب، إذ اضطر الحلف للانسحاب، تاركا السلطة لحركة طالبان الإرهابية، التي خاض الحرب من أجل تقويض نظامها الإرهابي.

كما تعدّ نتيجة تدخل الناتو في ليبيا فشلا، حالة الفوضى التي دخلتها ليبيا، وتدمير البنية التحتية، والتداعيات السلبية للاعتماد على المقاولين من القطاع الخاص، وهيمنة المليشيات المسلحة، ومقتل الكثير من المدنيين بمن فيهم السفير الأميركي هناك وعدد من موظفي سفارتها.

وفي حرب الإبادة الجارية في قطاع غزة، ظهر تواطؤ دول الحلف مع إسرائيل جليا، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، في ما تدعيه بحماية الشرعية الدولية، وحماية حقوق الإنسان، وبالتالي كشف زيف شعار “التدخل الإنساني” أو “المسؤولية عن الحماية”، التي رفعها الحالف كذريعة لتدخله العسكري في البلقان وأفغانستان.

نظام أمن بديل
تطرح قوى اليسار منذ نهاية التجربة السوفيتية، ضرورة حل الناتو، باعتبار ان الأسباب الموجبة لتأسيسه قد زالت. وفي اوربا تطالب غالبية قوى اليسار الأوربي بنظام أمنى بديل في اوربا مع روسيا وليس ضدها، في محاولة منها لتخفيف حدة صراعات الهيمنة بين الأخيرة والمراكز الرأسمالية في الغرب.