قيادية يسارية تترأس الحكومة في إيرلندا الشمالية


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 7884 - 2024 / 2 / 11 - 00:19
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

كان السبت الثالث من شباط الجاري تاريخيا في الحياة السياسية في إيرلندا الشمالية، حيث القت القيادية في حزب شين فين اليساري ميشيل أونيل خطابها الأول في البرلمان، باعتبارها أول امرأة، منذ تأسيس ايرلندا الشمالية قبل 103 عام، تقود الحكومة في البلاد. وأونيل هي نائبة رئيس حزب الشين فين اليساري، الملتزم بإعادة التوحيد مع جمهورية إيرلندا. وقالت في خطاب تنصيبها “هذا يوم تاريخي يمثل فجرا جديدا”.

تم انتخاب أونيل، 47 عامًا، في أيار 2022. بعد ان فاز حزب الشين فين بأكبر عدد من المقاعد في برلمان إيرلندا الشمالية. وحالت مقاطعة الحزب الديمقراطي الاتحادي دون تشكيل الحكومة. لقد كان المتشددون البروتستانت المؤيدون لبريطانيا، والذين قادوا الحكومة في بلفاست لمدة عقدين من الزمن يحتجون على البروتوكول الخاص بإيرلندا الشمالية، الذي يشكل جزءًا من اتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والذي يمنح إيرلندا الشمالية وضعًا خاصًا بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا العظمى. ورفض الحزب الديمقراطي الاتحادي الضوابط الكمركية الواردة فيه، والتي تبعد إيرلندا الشمالية عن وبريطانيا.

الاتحاديون يعرقلون
بعد عامين من عرقلة انتخاب رئيس الوزراء، وافق الحزب الديمقراطي الاتحادي على وثيقة أعدتها الحكومة البريطانية، حلحلت بموجبها الكثير من الضوابط الحدودية بين بريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية. وقد مهدت هذه الموافقة الطريق لإعادة تشكيل الحكومة في بلفاست، ومكنت ميشيل أونيل أخيرًا أن تتولى منصب رئيسة الحكومة.

في أول خطاب لها قالت أونيل إنها “ستخدم الجميع على قدم المساواة” وستكون “الوزيرة الأولى للجميع”: “يجب أن نتعامل مع بعضنا البعض باحترام”. أكدت أونيل: “سأكون الوزيرة الأولى للجميع”، وصافحت الاتحاديين قائلة: “لجميع البريطانيين والوحدويين، أقول: هويتكم الوطنية، ثقافاتكم وتقاليدكم مهمة بالنسبة لي”.

حزب معاصر
ولفهم أهمية الحدث من الضروري القاء نظرة على تاريخ ايرلندا الشمالية الحديث. في عام 1921، عندما انتصرت إيرلندا بمعركتها من أجل الاستقلال وانفصلت عن بريطانيا العظمى، ظل الجزء الشمالي الذي يهيمن عليه البروتستانت، تابعا لبريطانيا، وتم رسم الحدود مع جمهورية ايرلندا بشكل يجعل البروتستانت أغلبية واضحة في سكان الإقليم. وكان هذا الإجراء مقصودا لضمان بقاء إيرلندا الشمالية موالية لبريطانيا. واستمر هذا الحال لعدة عقود. لكن عدد السكان الكاثوليك أخذ بالتزايد، وفي عام 2021 فاق عدد الكاثوليك عدد البروتستانت في إيرلندا الشمالية لأول مرة.

بالإضافة إلى ذلك، تخلى حزب شين فين، عن توجهاته الاجتماعية المحافظة السابقة، بشأن موقفه من حق الإجهاض ودور العائلة وخيارات المواطنين الشخصية. وهذا جعله قادرا على تمثيل المجتمع الأيرلندي الشمالي الحديث بشكل أفضل أكثر من الحزب الديمقراطي الاتحادي، الذي تمسك بمواقفه المحافظة. ومن المرجح أن يمثل فوز الشين فين في الانتخابات عام 2022 تحولا دائما. وقال جون تونج، أستاذ السياسة في ليفربول، لصحيفة الغارديان البريطانية: “لا أعتقد أنه سيكون هناك رئيس وزراء اتحادي في إيرلندا الشمالية مرة أخرى”.”

حلم الوحدة
ولكن السؤال حول ما إذا كان هذا أيضاً سيمهد الطريق لإعادة توحيد شطري البلاد. استطلاعات الرأي تتحدث لغة أخرى، إن أكثرية سكان ايرلندا الشمالية، ليسوا مع تحقيق الوحدة: 51 في المائة لا يرغبون في تحقيق الوحدة، و30 في المائة قط يريدونها، وعلى أية حال، يبدو أن هذا السؤال لا يتمتع بالأولوية الآن. وأن مهمة الحكومة الأولى تتمثل في معالجة الأزمات الاجتماعية العديدة التي أصبحت حادة على نحو متزايد خلال عامين من الشلل الحكومي، وخصوصا ضعف الخدمات الصحية، جراء شحة التمويل، ونقص المساكن، واتساع الفقر.

لكن إعادة توحيد شطري البلاد سيظل ذا أهمية على المدى المتوسط، وما يحدث في جمهورية إيرلندا سيكون حاسما، حيث ستجري الانتخابات البرلمانية العامة في آذار 2025 على أبعد تقدير. وهنا أيضاً يتقدم حزب شين فين بفارق كبير. وإذا فاز في الانتخابات، فسوف يتولى الحزب السلطة في شطري إيرلندا، وسوف تحتل مسألة توحيد البلاد الموقع الأول في اهتمام الحكومتين. وتعليقا على تنصيب أونيل، قالت ماري لو ماكدونالد، زعيمة شين فين في جمهورية إيرلندا، الأسبوع الفائت إن إعادة التوحيد أصبحت بالفعل “في متناول اليد”.