نتائجها غيرت التوزنات السياسية في البلاد/ فوز اليمين في انتخابات البرتغال المبكرة


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 7926 - 2024 / 3 / 24 - 00:50
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر     

الانتخابات المبكرة التي جرت في البرتغال في العاشر من آذار، حصل فيها التحالف الديمقراطي (يمين محافظ) على 28.84 في المائة من الأصوات. وحل الحزب الاشتراكي (ديمقراطي اجتماعي)، والذي حكم البرتغال في الثمان سنوات الأخيرة ثانيا بحصوله على 28 في المائة. وكان الحزب قد حصل في الانتخابات العامة السابقة على 41,37 في المائة، وحصد 120 مقعدا من مجموع مقاعد البرلمان البلغة 230 مقعدا.

وحصل حزب «تشيغا» اليميني المتطرف على 18,07 في المائة، وبذلك حقق أربعة اضعاف نتائجه السابقة. لقد خاطب الحزب شبيبة البلاد بشعار «تطهير البلاد من الفساد والانحطاط». واحتلت المبادرة الليبرالية الموقع الرابع بحصولها على 4,94 في المائة، يليها حزب كتلة اليسار (الماركسي) بحصوله على4,91، محتفظا بمقاعده الخمسة التي كان يشغلها في البرلمان السابق.

وحصل تحالف الحزب الشيوعي البرتغالي مع الحزب البيئي على 3,17 في المائة، مقابل 4,30 في المائة. (في أول انتخابات ديمقراطية في البرتغال عام 1975، حصل الحزب الشيوعي على 12 في المائة وكان له 30 نائبا). وحصل حزب اليسار الاخضر على 3,16 في المائة واحتفظ حزب الشعب والحيوان والطبيعة ذو الميول اليسارية بمقعده الوحيد.

بلغت نسبة المشاركة في التصويت 59,84 في المائة، وهي أعلى نسبة منذ الانتخابات العامة عام 2011.

انتخابات مبكرة أم انقلاب يميني؟
وكانت الانتخابات المبكرة في 10آذار ضرورية بعد استقالة رئيس الوزراء البرتغالي السابق أنطونيو كوستا في تشرين الثاني 2023 بسبب تحقيقات بملفات فساد اتهم بها ومسؤولون من حوله.

وبعد أسابيع قليلة تبين أن رئيس الوزراء الاشتراكي أنطونيو كوستا، كان ضحية «تشابه أسماء» وقع فيها مكتب المدعي العام، لأن وزير الاقتصاد أنطونيو كوستا سيلفا كان قيد التحقيق. ويميل المراقبون السياسيون إلى الحديث عن انقلاب، حيث انهارت تحقيقات الفساد ضد جميع المشتبه بهم بسبب نقص الأدلة.

صعوبة تشكيل الحكومة
ومن المتوقع ان يكون تشكيل الحكومة صعبا، بسبب رفض الحزبين الرئيسين التحالف اليميني المتطرف صاحب المركز الثالث. وتشكيل «تحالف الكبار» بين اليمين التقليدي والحزب الاشتراكي، صعب هو الآخر، لوجود خلافات سياسية، لا يمكن التغلب عليها بينهما. ولهذا يتوقع المراقبون حالة من الجمود السياسي، والذهاب الى انتخابات جديدة في الصيف المقبل.

قراءة حزب كتلة اليسار
قالت كاتارينا مارتينز، المنسقة السابقة لحزب كتلة اليسار بعد اجراء الانتخابات إنها بالطبع سعيدة بمحافظة حزبها على مواقعه. لكن هذا لا ينبغي أن يحجب حقيقة خسارة اليسار «ككل»، ليس بسب تحقق «أغلبية يمينية»، بل أيضاً «لأن اليمين المتطرف نما، ولا أعتقد أن أي شخص في اليسار يمكنه التحدث عن النصر لأن ما أردنا تجنبه، انتصار اليمين وتعزيز مواقع اليمين المتطرف، قد تحقق».

وقالت منسقة كتلة اليسار ماريانا مورتاجوا، إن كتلة اليسار تسعى إلى إجراء محادثات مع الأحزاب الأخرى «لخلق تقارب» بين قوى المعارضة، وأن « سيناريو التحول إلى اليمين، يعني التزام كتلة اليسار بمعارضة حازمة وشجاعة لا تعرف الكلل «. وشددت على « الاستمرار في السعي للتقارب مع أحزاب اليسار وأنصار البيئة»، مشيرة إلى أن الحزب طلب عقد اجتماعات مع الحزب الاشتراكي، والحزب الشيوعي البرتغالي، وبقية احزاب الطيف اليساري والذي سيتم «في الأيام القليلة المقبلة».

يقول الحزب الاشتراكي إنه «مستعد بالطبع» لإجراء حوار مع شركائه السابقين في الحكومة. فقد نجحوا بالفعل في إرغام حكومة يمينية على الاستقالة». وجاء رد الاحزاب الأخرى ايجابيا ايضا.

قراءة الحزب الشيوعي
خسر الحزب الشيوعي البرتغالي قلاعه الانتخابية التي تشكلت بعد انتصار «ثورة القرنفل» في عام 1974، واعترف السكرتير العام للحزب الشيوعي، باولو رايموندو بانها «كانت نتيجة سلبية» وأنه «غير راضٍ» لأنها «ليست نتيجة إيجابية بالنسبة للعمال والشعب». وأضاف: «نحن غير راضين عن النتيجة، لكنني أعتقد أيضًا أن أولئك الذين توقعوا زوالنا ليسوا سعداء للغاية».

وقال إن الادعاء بأن أصوات الحزب الشيوعي قد انتقلت إلى اليمين المتطرف يمكن «رفضه بشكل مطلق».

لقد نجح اليمين المتطرف في جلب الشباب الذين لم يصوتوا من قبل إلى صناديق الاقتراع. وعلى الرغم من خسارة الحزب لقلاع انتخابية، إلا أنه حقق أفضل نتائجه في معاقل الحزب الشيوعي القديمة. وفي البلديات التي كان أداء الحزب الشيوعي فيها جيدا، حيث تراوحت النتائج بين 18 و27 في المائة، في حين حقق اليمين المتطرف أسوأ النتائج فيها.

وحمل الزعيم الشيوعي الحزب الاشتراكي مسؤولية صعود اليمين، واليمين المتطرف، لأنه «فشل في الاستجابة لمشاكل الناس»، الأمر الذي «أدى إلى زيادة السخط والاستياء». «على الرغم من امتلاكه كل شيء، الأغلبية المطلقة والحكومة والظروف المالية، ومع ذلك فشل في الاستجابة للمشاكل المركزية في حياة الناس الذين يعيشون ويعملون في بلدنا، مما تسبب في سخط مبرر وشعور بالحرج والظلم». لقد اختار الحزب الاشتراكي بدلا من ذلك تلبية مصالح المجموعات الاقتصادية، وخاصة في العامين الماضيين».

وفي إشارة إلى دعوة كتلة اليسار لمناقشة الاتفاقات في المعارضة للحكومة المقبلة قال: “بالطبع سنشارك”. وذكر أنه مستعد «لأي نهج» لكنه حذر من أن الحزب الشيوعي لا يريد «الذوبان في أي مشروع، وما نحتاجه في الوقت الحالي هو تقارب ملموس حول القضايا الملموسة وأعتقد أنه من العدل عدم مطالبة الحزب الشيوعي أو غيره بتخفيف مشروعهم الخاص. لأن لدينا بديلا ونحن نناضل من أجل تحقيقه».