المحكمة الدستورية الألمانية تقضي بوقف تمويل حزب نازي جديد


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 7866 - 2024 / 1 / 24 - 23:38
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة     

قضتْ المحكمة الدستورية العليا في ألمانيا بوقف التمويل الحكومي، لمدة ست سنوات، عن “الحزب القومي الديمقراطي” اليميني المتطرف، وهو احد اقدم الاحزاب النازية التي نشطت في المانيا الغربية، بعد الحرب العالمية الثانية. وجاء قرار المحكمة الصادر في 23 كانون الثاني 2024، بناءً على طلب السلطتين التنفيذية والتشريعية في البلاد (الحكومة والبرلمان الاتحادي والمجلس الاتحادي). ويعد الأول من نوعه في المانيا.

وكان الحزب المذكور قد غيّر اسمه في حزيران الفائت الى حزب “الوطن”. ويضم في صفوفه 3 آلاف عضو، وفق معطياته الرسمية. وينص قرار المحكمة على حرمان الحزب من تلقي الدعم من المال العام (اموال دافعي الضرائب). وقالت المحكمة: ان الحزب المدان انتقل من رفض النظام الديمقراطي الحر الى محاربته.

وسبق للمحكمة الدستورية أن ردت طلبات لحظر الحزب في عامي 2017 و2023، لأنها اقتنعت حينها بعدم وجود دليل على قدرة الحزب على تحقيق اهدافه المعادية للدستور، لكنها أشارت إلى أن الحزب يمثل “مفهومًا سياسيًا يهدف إلى القضاء على النظام الأساسي الديمقراطي الحر القائم”. وبعد الحكم تم اجراء تعديل دستوري، يقضي بحرمان الأحزاب المعادية للدستور من الاستفادة من المال العام.

وقال مختصون بالقانون الدستوري في المانيا ان سياسة الحزب “القومي الديمقراطي”، تتقاطع مع عدم المساس بكرامة الانسان التي ينص عليها الدستور الالماني، لان الحزب يتمسك بالمفهوم العرقي للشعب وفكرة “المجتمع القومي” الألماني. ومن أجل تحقيق “المجتمع القومي الألماني” فإنه يدعو إلى فصل الثقافات والمجموعات العرقية، ووضع قانون شامل “للمجتمع القومي الالماني”، والحط قانونيا من قيمة الثقافات والمجموعات السكانية الأخرى، أي اللاجئين والمهاجرين. كذلك الى معاداة المسلمين والسامية، واقليات اجتماعية تعتمد خياراتها الخاصة في الحياة. ويشدد الحقوقيون على ان الحزب المذكور يريد استبدال النظام الدستوري بدولة قومية استبدادية.

ردود الفعل الحكومية
وقال المستشار الالماني اولاف شولس ان القرار يؤكد أنه “لا يمكن إعطاء مساحة كبيرة لأعداء الحرية”. وشددت وزيرة الداخلية الالمانية فيزر على أن قرار المحكمة أرسل إشارة واضحة: “دولتنا الديمقراطية لا تمول أعداء الدستور”، وإن العقبات الدستورية أمام الإجراءات المستقبلية لا تزال كبيرة. ولكن “لدينا الآن أداة أخرى لحماية ديمقراطيتنا”.

واعترف زعيم الحزب القومي الديمقراطي فرانك فرانز كتابيا بأن الحكم لم يكن في صالح حزبه. “ولكن كل من يتصور أن هذا من شأنه أن يخرجنا من اللعبة ويعوقنا عن التقدم فهو مخطئ للغاية”. وبدعم من أعضائه والجهات المانحة، فإن الحزب سوف يمضي في طريقه.

امكانية توظيف القرار
ويدور نقاش واسع في المانيا حول امكانية الاستفادة من القرار لوقف تمويل “حزب البديل من اجل المانيا” اليميني المتطرف الذي يشكل قوة كبيرة في البرلمان الاتحادي وبرلمانات الولايات والمدن، ويشكل خطرا جديا على النظام الديمقراطي. لان قرار المحكمة اشار الى ان تصريحات برلمانيي الحزب كأفراد تجعل الحزب تحت طائلة القانون. وهذا الايضاح يمكن ان يؤثر على حزب البديل من اجل المانيا، في حين ان الحزب القومي الديمقراطي لا يملك اي تمثيل برلماني منذ 2021. وعليه إذا أراد المدعي العام أن يثبت في المستقبل أن حزب البديل من أجل ألمانيا غير دستوري، فمن الممكن استخدام تصريحات ممثليه في البرلمان وكوادره، لحظر نشاط الحزب او ايقاف تمويله من المال العام. وبحسب تقارير، فان 44 في المائة من تمويل حزب البديل من أجل ألمانيا، مصدرها المال العام، وفي حال ايقاف تمويل الحزب، فانه سيصاب بضعف كبير.

تظاهرات حاشدة ضد اليمين المتطرف
وكانت العديد من المدن الالمانية قد شهدت ولأكثر من اسبوع تظاهرات حاشدة ضد اليمين المتطرف والنازيين الجدد، شارك فيها اكثر من 800 الف، وانظمت الى التظاهرات اوساط لم تشارك سابقا في مناهضة النازيين الجدد.

وجاءت التظاهرات على خلفية كشف شبكة “كوريكتيف” للتحقيقات الصحفية في 10 كانون الثاني 2024 عن اجتماع سري. وقالت الشبكة في تحقيق لها إن مسؤولين بارزين في حزب “البديل” اليميني المتطرف، عقدوا اجتماعًا مع نازيين جدد ورجال أعمال وحتى أعضاء في حزبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاجتماعي المسيحي المحافظيْن لمناقشة “خطة” طرد ملايين المهاجرين وذوي الأصول المهاجرة من ألمانيا، وحتى ولو كانوا يحملون الجنسية الألمانية.