الرئيس الفرنسي لا يستبعد ارسال قوات برية / هل يوشك الغرب على التدخل في أوكرانيا؟


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 7901 - 2024 / 2 / 28 - 21:25
المحور: الارهاب, الحرب والسلام     

بعد عامين من الغزو الروسي لأوكرانيا، لم يفشل الهجوم الذي سمته أوكرانيا بالمضاد والتوقعات الكبيرة التي صاحبته فقط، بل إن روسيا بدأت بهجوم معاكس. ومن الأمثلة المذهلة على ذلك الاستيلاء على قلعة أفدييفكا.
وليس في الأفق أي مؤشر لصالح أوكرانيا، التي تعاني من نقص في الأفراد، بالإضافة إلى ان استخدام الجنود كوقود للمدافع بات صعبا. ولم تعد عمليات التجنيد القسري في مواقع العمل والسكن، والقاء القبض على رافضي الحرب نافعة. ووفقا للأرقام الرسمية هناك أكثر من 600 ألف أوكراني، في سن الخدمة العسكرية، فروا إلى البلدان الاوربية. والمقاتلون الجدد الممكن تجنيدهم يحتاجون أشهر للتدريب. ومن يدري أين ستكون القوات الروسية حينها؟
وهناك نقص في الذخيرة والمعدات، لأن قدرات الإنتاج الغربية غير قادرة على تلبية الحاجة الأوكرانية، وفي الوقت نفسه تزويد إسرائيل بالأسلحة والذخائر اللازمة لحرب الإبادة التي تشنها ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
لقد مثلت مرونة روسيا الاقتصادية مفاجأة للإمبريالية الغربية. والعقوبات لا تؤثر على إدارة الكرملين للحرب. ولا يعود ذلك إلى حجم وقوة الاقتصاد الروسي فقط، بل إلى حقيقة أن بلدان الجنوب العالمي مثل الصين والهند ودول مجموعة «بريكس+» لا تنجر إلى الحرب الباردة الجديدة. وتحافظ علاقات طبيعية مع روسيا، والكثير منها يتعاون مع الأخيرة.
بالإضافة إلى ذلك، لقد تغير شكل الحرب، وأصبحت حربًا للهيمنة وحرب نظام عالمي بالوكالة بين الإمبريالية الغربية، ونظيرتها الروسية.

تراجع الدعم لكييف
وخلافاً للعام الماضي، عندما طالب 141 من أعضاء الأمم المتحدة البالغ عددهم 193 دولة الرئيس الروسي فلاديمير بوتن بالانسحاب، فإن أوكرانيا هذا العام لم تقدم حتى قراراً إلى الجمعية العامة في الذكرى الثانية للهجوم الروسي. خوفًا من أنها قد لا تجد سوى القليل من الدعم. ووفقا للدوائر الدبلوماسية، فقد تغير المزاج، خصوصا بسبب الحرب في الشرق الأوسط. وتشعر بعض الدول بالاستياء بسبب امتناع كييف عن التصويت على قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة.

نقطة تحول
اتسعت الفجوة بين بلدان الجنوب العالمي والولايات المتحدة وحلفائها، بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة والانحياز الأمريكي – الأوربي لصالح إسرائيل، فضلاً عن النفاق في التعامل مع حقوق الإنسان والقانون الدولي. لقد اضطرت الولايات المتحدة إلى استخدام حق النقض في مجلس الأمن في 20 شباط الحالي، من أجل منع وقف إطلاق النار في غزة. وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة صوتت ثماني دول فقط، بضمنها إسرائيل والولايات المتحدة، ضد وقف فوري لإطلاق النار.
ان صعود الصين إلى مكانة القوة العظمى، وعودة روسيا كقوة عظمى، وطموحات التحول إلى قوة عظمى لدى الهند وعدد من الدول الصاعدة، والثقة المتزايدة لدى مجموعة بريكس، كل هذا يؤشر ان هيمنة الغرب على السياسة العالمية أصبحت من الماضي.
ويبدو ان توقعات الكثير من المتابعين، عند اندلاع الحرب في طريقها إلى التحقق: لا حسم عسكري لصالح الغرب، واي انهاء للحرب سيكون لصالح روسيا، والا فإن خطر حرب عالمية ثالثة هو البديل وهذا لا يريده الغرب وروسيا المنافسة، لان حرب كهذه ستؤدي إلى انهاء هيمنة الطرفين.

ماكرون يصعد والناتو ينفي
يبدو أن الرئيس الفرنسي ماكرون غير آبه بمخاطر التصعيد. في مؤتمر مساعدة أوكرانيا المنعقد في باريس، قررت أكثر من 20 دولة تقديم مساعدات أكبر وأسرع لأوكرانيا. وأعلن ماكرون عن تحالف جديد لتسليم الصواريخ المتوسطة والطويلة المدى. ولا يستبعد الرئيس الفرنسي استخدام القوات البرية. بعد اختتام المؤتمر، قال ماكرون، لا يمكن استبعاد أي شيء لمنع انتصار روسيا في أوكرانيا. وعلى الرغم من ان الاجتماع لم يتوصل لتصور كهذا، الا ان ماكرون أكد: « لا يمكن استبعاد أي شيء في هذه الديناميكية. سنفعل كل ما هو ضروري لضمان عدم تمكن روسيا من الفوز في هذه الحرب». إن هزيمة روسيا ضرورية لتحقيق الاستقرار والأمن في أوروبا. ولهذا السبب يحتاج أنصار أوكرانيا إلى المضي قدمًا.
بالمقابل حذر رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو من «تصعيد خطير للتوترات» مع روسيا. وقال زعيم المعارضة الفرنسية اليساري جان لوك ميلينشون: «إن إرسال قوات إلى أوكرانيا من شأنه أن يجعلنا طرفين متحاربين. والحرب ضد روسيا ستكون جنونا. وهذا التصعيد اللفظي العدواني من قبل قوة نووية ضد قوة نووية كبرى أخرى عمل غير مسؤول. ويجب على البرلمان أن يكون حذرا». وأضاف « ينبغي ألا تكون هناك حرب، لقد حان الوقت مفاوضات السلام في أوكرانيا على أساس الأمن المتبادل».
بعد تصريحات الرئيس الفرنسي، قال السكرتير العام للناتو ينس ستولتنبرغ إن الناتو ليس لديه خطط لإرسال قوات قتالية إلى أوكرانيا. لكنه أكد أن لأوكرانيا الحق في الدفاع عن النفس، «ولنا الحق في دعمها في حماية هذا الحق». وقبل مؤتمر ميونيخ للأمني، قال ستولتنبرغ إن على الناتو الاستعداد «لمواجهة تستمر لعقد من الزمن مع روسيا». أعرب رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك عن تشككه في فكرة نشر قوات برية غربية في أوكرانيا. ونفى المستشار الألماني اولاف شولتس الفكرة الآن ومستقبلا. وواضح ان أغلبية غربية تراهن على حرب استنزاف طويلة لأضعاف روسيا.