إسرائيل تسرق احتياطي الغاز الفلسطيني وتمنح تراخيص لاستخراجه


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 7912 - 2024 / 3 / 10 - 11:12
المحور: القضية الفلسطينية     

منذ السابع من تشرين الأول الفائت وعدد الشهداء والجرحى والمفقودين في قطاع غزة في تصاعد يومي. وبات هذا الامر معروفا للجميع. لكن اسرائيل لا تمارس القتل المباشر لفلسطينيي غزة، بل تستخدم الجوع كسلاح أيضاً، من خلال منع وتقييد تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، بالإضافة الى تدمير النظام الغذائي المحلي في غزة، كصيد الأسماك، كما أكد مايكل فخري، المقرر الخاص للأمم المتحدة لشؤون الحق في الغذاء، في كلمة ألقاها أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

ويتم تجويع السكان في شمال غزة بشكل خاص، لدفعهم جنوبا إلى الحدود مع مصر، حيث يتجمع الآن أكثر من مليون شخص في رفح، يفتقرون إلى السكن الملائم والرعاية الطبية ويتعرضون لخطر الجوع والمرض. واستنتج جوزيب بوريل، مفوض الشؤون الخارجية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية ما يلي: «بعد خمسة أشهر من الحرب المدمرة، تعطي تصرفات الحكومة الإسرائيلية في غزة الانطباع بأن أهدافها تتجاوز تدمير حماس». وكما كتب اللواء جيورا آيلاند في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية في كانون الأول الفائت، يبدو أن هناك محاولة «لتحويل غزة» الى مكان يستحيل العيش فيه بشكل دائم او مؤقت. لقد تم تدمير كل ما يجعل المجتمع البشري يقوم بوظيفته تقريبًا: السجلات المدنية، وسجلات العقارات، والبنية التحتية الثقافية والصحية، ومعظم المدارس التي بنتها الأونروا. في 8 تشرين الاول، تم الكشف عن سيناريو الترحيل القسري والدائم لـ 2,2 مليون فلسطيني من سكان قطاع غزة إلى سيناء المصرية، عبر وثيقة رسمية صادرة المخابرات الإسرائيلية. وتتضمن الوثيقة الصادرة في 13 تشرين الاول 2023، بالتفصيل خطوات الترحيل القسري لسكان غزة.

سرقة احتياطي الغاز الفلسطيني
وكتب الخبير الاقتصادي وليد أبو هلال في صحيفة ميدل إيست: «إن الحجم المخيف للدمار الذي أحدثته آلة الحرب الإسرائيلية في غزة يظهر أن الهدف ليس تدمير حماس فقط، بل أن هذا العدوان كان منتظرا، اذ انتظرت إسرائيل اللحظة المناسبة لاستخدام قوتها العسكرية الكاملة ضد الأراضي الفلسطينية المحاصرة. وهناك سبب آخر أكثر أهمية وراء الحرب الإسرائيلية الحالية: احتياطيات الغاز الطبيعي الواعدة في شرق البحر الأبيض المتوسط، وخاصة قبالة سواحل قطاع غزة. وتشير التقديرات إلى أن هذا الحقل يحتوي على ما يقرب من 122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي». وهذا أيضًا أحد الأسباب التي تجعل الحكومات الإسرائيلية تحبط بعناد كل محاولات تشكيل دولة فلسطينية ولا تريد منح الفلسطينيين أي سيادة على أراضيهم أو مياههم، بحجة أن قطاع غزة (فلسطين) ليس دولة ذات سيادة، وبالتالي لا يحق له المطالبة بالسيادة على المنطقة الاقتصادية الخاصة بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، لقد أصدرت إسرائيل تراخيص للتنقيب عن الغاز الطبيعي في المنطقة البحرية، قبالة سواحل إسرائيل وقطاع غزة. وتتجاهل إسرائيل حقيقة كون فلسطين عضوا مراقبا في الأمم المتحدة منذ عام 2012 وتوقيعها على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. ولم توقع إسرائيل بعد على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، ولم تقم حتى بترسيم حدودها البحرية، بينما تطالب بحقول الغاز الواقعة داخل منطقة السيادة اللبنانية.

اصدار تراخيص
في 29 أكتوبر/ تشرين الاول 2023، أعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية أنها منحت تراخيص لست منشآت إسرائيلية ودولية، شملت شركات من إيطاليا، بريطانيا، كوريا الجنوبية، وإسرائيل، والتراخيص تخص مناطق بحرية فلسطينية، وتم إطلاق المناقصة في حزيران 2023، أي قبل هجوم حماس بأربعة أشهر.

وبهذا لا تواصل إسرائيل فقط استغلال الموارد الطبيعية للفلسطينيين لتحقيق مصالحها المالية والاستعمارية فقط، بل تنتهك القانون الدولي أيضًا.

ملاحقة قانونية
وتعترض منظمات حقوقية فلسطينية على التراخيص الإسرائيلية غير القانونية للتنقيب عن الغاز قبالة سواحل قطاع غزة، وكلفت مكتب محاماة أمريكي بدعوة الشركات المعنية إلى الامتناع عن أي نشاط في المياه الإقليمية لدولة فلسطين، لأن مثل هذه الأنشطة تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي. وأن أكثر من نصف الأراضي التي مُنحت تراخيص في إطارها تقع داخل الحدود البحرية لفلسطين.

وترقى المناقصات وما تلاها من إصدار تراخيص التنقيب، والتي تم تنفيذها وفقا للقانون المحلي الإسرائيلي، إلى مستوى الضم الفعلي والقانوني للأراضي البحرية الفلسطينية التي تطالب بها فلسطين، حيث تسعى إسرائيل إلى تجاوز قواعد القانون الإنساني الدولي المعمول به، وبدلاً منه تستند الى القانون المحلي الإسرائيلي، في حين ان القانون الدولي النافذ، يحظر على إسرائيل استغلال الموارد المحدودة وغير المتجددة للأراضي المحتلة لأغراض تجارية ولصالح قوة الاحتلال بموجب قواعد حق الانتفاع المنصوص عليها في المادة 55 من قواعد لاهاي.

إن الشركات التي تقوم باستكشاف واستغلال الموارد الطبيعية في المياه الإقليمية الفلسطينية، تنتهك القانون الإنساني والدولي، بما في ذلك قانون الاحتلال.

وقد تم إخطار الشركات بأن التواطؤ في جرائم الحرب مثل النهب يعد جريمة جنائية خطرة يمكن تحميل الشركات المسؤولية الجنائية عنها بشكل فردي. ويلفت مكتب المحاماة انتباه الشركات إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تقوم حاليًا بالتحقيق بشكل فعّال في الجرائم الدولية المرتكبة على الأراضي الفلسطينية.