احتجاجات حاشدة ضد خطط حكومة اليمين المتطرف في الأرجنتين


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 7841 - 2023 / 12 / 30 - 00:52
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر     

بعد عشرة أيام من توليها السلطة، شهدت حكومة الرئيس خافيير ميلي أولى التظاهرات الكبرى ضد برنامجها الاقتصادي «العلاج بالصدمة». وكانت الاحتجاجات التي جرت يوم الأربعاء الفائت، بمثابة اختبار للقوة أمام «الخطة الأمنية» القمعية لوزيرة الداخلية باتريشيا بولريتش، بهدف ردع الناس عن المشاركة في الاحتجاجات.

ادانة سياسات الحكومة
قادت النقابات العمالية والمنظمات الاجتماعية التظاهرات، في العاصمة بوينس آيرس، التي توجهت إلى «ساحة أيار» «لمعارضة خطة الحكومة وصندوق النقد الدولي للتكيف الهيكلي والبؤس». وأدان المتظاهرون سياسة الحكومة ووصفوها بأنها «إعلان حرب ضد الحقوق الجماعية والاجتماعية والديمقراطية للعاملين والشعب».

وشاركت في التجمع الختامي الزعيمة التاريخية لجمعية «أمهات ساحة أيار» لأمهات الشهداء والمغيبين، كورتينياس، والبالغة من العمر 93 عامًا، في الساحة، التي أصبحت رمزًا لمقاومة الدكتاتورية العسكرية في الأرجنتين (1976-1983).

وحمل المتظاهرون لافتات تحمل شعارات مثل «لا لإجراءات التقشف التي اتخذتها حكومة ميلي». و»تسقط خطة التكييف التي وضعها ميلي وصندوق النقد الدولي» و» لا لخطة بولريتش». وخلال حملته الانتخابية، أكد ميلي أنه سيتخذ إجراءات ضد النخب السياسية والاقتصادية لحل الأزمة الاقتصادية في البلاد.

وسلطت الكلمات التي ألقيت في التجمع الختامي الضوء على «الوحدة» التي ستظهرها «العشرات من المنظمات الشعبية والنقابية والاعتصامات والطلابية والبيئية ومنظمات حقوق الإنسان». وتمت قراءة وثيقة تلخص أهداف الاحتجاج.

وتضمنت المطالب الرئيسية: «وضع حد لقمع وتجريم الاحتجاجات»، و»الاستئناف الفوري للمفاوضات الجماعية بمشاركة النقابات وزيادة عامة في الرواتب ومعاشات التقاعد والخطط الاجتماعية» و»عدم تسريح العمال وإيقافهم عن العمل». «لا نريد المزيد من التقشف، لا نريد القمع، لا نريد أن يدفع العمال ثمن الأزمة». والرسالة المركزية هي كل من لا يريد وحدة الاحتجاج سيخسر.

وقد اختير توقيت الاحتجاجات، ارتباطا بتاريخ التعبئة للانتفاضة الشعبية يومي 19 و20 كانون الأول 2001، والتي كلفت 39 شهيدا في جميع أنحاء البلاد وأدت إلى الإطاحة بحكومة الرئيس آنذاك فرناندو دي لا روا، المسؤولة عن أزمة افلاس الارجنتين حينها. وكانت وزيرة الداخلية الحالية بولريتش أيضًا عضوًا فيها.

اجراءات الرئيس الفاشي
وبعد ساعات قليلة من بدء التظاهرات أعلن الرئيس ميلي، «مرسوم الضرورة الملحة»، والذي يتضمن: إلغاء أو إصلاح ما مجموعه 300 لائحة قانونية، بما في ذلك قانون العمل والإيجار. وينبغي تحويل الشركات الحكومية وغيرها من الشركات العامة إلى شركات مساهمة ومن ثم خصخصتها. وقال ميلي إن العديد من اللوائح «أوقفت النمو الاقتصادي في بلادنا». ويجب إلغاء تنظيم الإيجارات حتى يتمكن سوق العقارات من العمل مرة أخرى. ومن المتوقع أن يؤثر المزيد من رفع القيود على السوق على قطاعات مثل الصحة والسياحة والإنترنت والتجارة وأنظمة السلامة. وينبغي تخفيض الإنفاق الاجتماعي بشكل كبير. واعتبر الرئيس أن الاحتجاجات تمثل حالة من الحنين والمودة والحب للشيوعية.

وردا على إعلان الرئيس امتدت التظاهرات إلى الساحة المقابلة لمبنى البرلمان، واستمرت إلى صباح يوم الخميس، وتم التعبير عن الاستياء من تجاوز الرئيس للبرلمان، والعمل بصلاحية المراسيم الرئاسية.

لقد تابع الرئيس وعدد من وزرائه الاحتجاجات من مقر علمهم.

كان تواجد قوى الأمن ضخما. وبينما كانت الشرطة المحلية غير مسلحة، بدت الشرطة الفيدرالية مدججة بالسلاح. وتمت عسكرة الطرق السريعة المؤدية إلى المدينة ووسط المدينة من قبل أعداد كبيرة من قوات الدرك والشرطة الفيدرالية. واقتحمت وحدات صغيرة وسائل النقل العام لتصوير الركاب. ووضعوا في المحطات ملصقات تذكّر الناس بإمكانية سحب المزايا الاجتماعية من المتظاهرين الذين انتهكوا شروط «بروتوكول السلامة». وكانت الحكومة قد خصصت رقم الهاتف للإبلاغ عن «منتهكي القواعد». كما تمت قراءة رسالة صوتية لمضمون الملصقات بشكل متكرر عبر مكبرات الصوت.

وكانت حكومة مقاطعة بوينس آيرس والشرطة البلدية قد أعلنتا مسبقا أنهما لن تدعما «الخطة الامنية « الصادرة عن وزارة الداخلية. وصرح رئيس الحكومة الإقليمية كارلوس بيانكو: «لن نطبقها لأننا لا نتفق معها»، لأن الخطة «تجرم الاحتجاج إلى حد ما». وأضاف أن القيود المفروضة على الحق في الاحتجاج ستتجاوز الحد «الذي شهدناه طوال سنواتنا الديمقراطية».

ورغم أن الشرطة استخدمت الحواجز لحصر المتظاهرين داخل الأرصفة، وهي المنطقة المخصصة للتظاهرات بموجب «الخطة الأمنية»، إلا أن المتظاهرين تمكنوا في نهاية المطاف من السيطرة على الشوارع.

وقال المحتجون إنهم نجحوا في مواجهة القمع للحكومي. وقالت منصة «خلاصة أمريكا اللاتينية»: لقد «تم إسقاط سيرك بولريتش بأكمله بقوة آلاف المتظاهرين الذين اجتاحوا خطوط الشرطة، ولوحوا بلافتاتهم ورددوا بصوت عالٍ شعارات سخرت من «الخطة الامنية».

وكان احتفال المحتجين بلي ذراع حكومة اليمين المتطرف، عاملا مهما في تعزيز الدعوات لوحدة الحركة الاحتجاجية