اليمين التشيلي يفشل في تمرير مشروع الدستور الجديد


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 7832 - 2023 / 12 / 21 - 00:39
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر     

في استفتاء عام تم رفض مشروع دستور جديد في تشيلي، طرحته للتصويت أغلبية يمينية محافظة ومتطرفة في المجلس الدستوري. وحصل الرافضون على أكثرية قدرها55,74 في المائة، مقابل 44,2 في المائة للمؤيدين، أي بفارق واضح قدره 1,4 مليون صوت.

وهذا يعني أن الدستور الذي تم وضعه خلال فترة الدكتاتورية العسكرية في عهد أوغستو بينوشيت (1973-1990) والذي تم اعتماده في عام 1980 سيبقى نافذا. وكانت حكومة الرئيس غابرييل بوريك، التي يشارك الحزب الشيوعي فيها، قد دعت في السابق إلى رفض المشروع. وانتقدت الحركات الاجتماعية والبيئية والنسوية المشروع باعتباره رجعيًا لأنه، من بين أمور أخرى، كان سيؤدي إلى الترحيل الفوري للمهاجرين وإعادة النظر في حق النساء في الإجهاض.

وقال عمدة بلدية ريكوليتا في سانتياغو الشيوعي والمرشح الرئاسي السابق دانييل جادو، إنه ليس هناك ما يدعو للاحتفال، على الأقل ظل الدستور القديم ساري المفعول. ومع ذلك، قال جادو إن اليمين تعرض لهزيمة خطيرة.

من جانبها قالت المتحدثة باسم الحكومة القيادية الشيوعية كاميلا فاليجو إن «حلم تشيلي الأفضل لا يزال قائما» وأعلنت أنه سيتم إطلاق مشروع الإصلاح الذي طال انتظاره لتأمين المعاشات التقاعدية في الأيام المقبلة.

فشل العملية الدستورية
وبالتالي فإن العملية الدستورية التي بدأت بالاحتجاجات الجماهيرية في تشرين الأول 2019 قد فشلت في الوقت الحالي. وقال رئيس الجمهورية بوريك مساء الأحد الفائت: “العملية الدستورية انتهت خلال فترة ولايتنا. وبدلاً من الأمل، خلقت العملية الدستورية الرفض واللامبالاة بين السكان. و»السياسة مدينة للشعب التشيلي.» وحتى السياسيون اليمينيون مثل رئيسة بلدية منطقة بروفيدنسيا الثرية في العاصمة سانتياغو، إيفلين ماثي، قالت إنها تأمل «أن نكمل هذه المرحلة أخيرا». وتعتبر ماثي مرشحة اليمين التقليدي للانتخابات الرئاسية عام 2025:

وللمرة الثانية، خلال أقل من عامين، ترفض فيها الأغلبية في استفتاء عام مسودة الدستور الجديد. في ايلول 2022، صوت 62 في المائة من الناخبين ضد مشروع تم وضعه من قبل جمعية تأسيسية منتخبة، تمتع فيها اليسار بأغلبية الثلثين. وكانت النتيجة حينها بالنسبة لليسار، هزيمة مريرة لم يتعاف منها بعد. لقد استطاع اليسار أن يضع بصمته بوضوح على مشروع الدستور حينها. بالإضافة إلى التركيز على الجوانب الاجتماعية والبيئية، وتضمنت المسودة توسيع حقوق السكان الأصليين والنساء وخيارات الافراد الشخصية. وكان من شأنه أيضاً أن يكرس، من بين أمور أخرى، الحق في السكن والتعليم والصحة.

طبيعة مشروع اليمين
المشروع الذي رفض في الاستفتاء الاخير، لا يمثل تغييرا لدستور الدكتاتورية الفاشية، بل تعزيزا للنموذج الاجتماعي –الاقتصادي الليبرالي الجديد المنصوص عليه في الدستور النافذ. وكان من الممكن أن تتم خصخصة نظام التقاعد، وقطاعي التعليم والصحة.

وفي يوم الأحد الفائت، اعترف خوسيه أنطونيو كاست، زعيم الحزب الجمهوري اليميني المتطرف، وسليل النازيين الالمان، بالهزيمة «بكل وضوح وتواضع». كما حاول إعادة تفسير النتيجة على أنها نعم لدستور بينوشيت: «لقد أوضح التشيليون اليوم أنهم يريدون الحفاظ على الدستور الحالي». وقد تمتع اليمين المتطرف بأغلبية مقاعد المجلس الدستوري، المشكل من البرلمان، وشارك بشكل كبير في تطوير المسودة الجديدة، وقدموها. وحاول كاست المرشح الذي خسر انتخابات الرئاسة الاخيرة لعام 2021، خلال التعبئة للتصويت على مشروع الدستور، تحويل الاستفتاء الأحد إلى استفتاء على مسار حكومة الرئيس بوريك.

وكان اليمين المتطرف قد رأى في رفض مشروع الدستور اليساري، انتصارا له، وحصل عند تشكيل المجلس الدستوري الثاني المنتخب في المؤسسات التشريعية، على 22 مقعدا من أصل 50 مقعداً.

من جانب آخر تبين ان مشروع الدستور المرفوض، جاء مغرقا في تطرفه، ما دفع بعض ناخبي اليمين إلى رفضه.

ووصفت مؤسسة «نودو» القريبة من الحكومة الحالية نتيجة الاستفتاء في تغريده لها على منصة «اكس»: أن «هذه النتيجة لا تحل المشاكل الاجتماعية الملحة التي أدت إلى الثورة الاجتماعية عام 2019». لذلك حان الوقت للتغلب على «الركود» في مجالات التعليم والصحة والمعاشات التقاعدية. «وإلا فإن الديمقراطية في بلادنا سوف تتدهور أكثر فأكثر».

ومن المهم معرفة أن المعركة بين اليسار واليمين بشقيه المحافظ والمتطرف لا تزال مفتوحة، ويحتاج اليسار إلى تجميع قواه والتأكيد على المشتركات للتمكن في جولات الصراع المقبلة من دفن مشروع الدكتاتورية الفاشية. إن هذه المهمة ليست مستحيلة ولكنها ليست سهلة ايضا، لتمتع اليمين بتراكم سلطوي ودعم قوي من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين.