حامد الضبياني
الحوار المتمدن-العدد: 8569 - 2025 / 12 / 27 - 03:44
المحور:
قضايا ثقافية
قتلوا الكلاب السائبة
لأنها – كما قالوا –
تُرعبُ الأطفال
وتلوّثُ الأرصفة
وتعضُّ العابرين
وتركوا الكلاب البشرية
تتجول في الوزارات
تنام على موائد الوطن
وتبول على الدستور
وتعضّ…
لكن باسم الوطنية
قالوا:
الكلب السائب خطرٌ على الأمن
ولم يقولوا
إن الجائع لا يعض
بل يستجدي
وإن الرغيف
قد يصنع أخلاقًا
أكثر من ألف خطاب
لو ألقوا للكلب السائب
فتات عدل
أو كسرة رحمة
لصار حارسًا للشارع
وحارسًا للذاكرة
يدافع عن زقاقه
كما يدافع العاشق عن اسمه
لكنهم لم يفعلوا
لأن الجوع ليس جريمة
إلا حين يفضحهم
أما الكلاب البشرية
فكلما شبعت
ازداد نباحها
وكلما امتلأت بطونها
فرغت ضمائرها
وصارت مسعورة
تنهش الخريطة
وتقضم التاريخ
وتأكل ما حولها
باسم الوطن
وطن؟
أي وطن هذا
الذي يُؤكل بالتصريحات
ويُشرب بالصفقات
ويُباع بالكيلو
على موائد السفارات؟
رأيت كلبًا سائبًا
يموت عند باب بيته
ولا يبيع شارعه
ولا يدلّ الغريب على جرحه
ولم أرَ مسؤولًا
يموت عند باب وطنه
بل يبيعه قطعةً قطعة
ثم يقف على الشاشات
يمسح فمه
ويتلو نشيد الخيانة
بصوت وطني
الكلب السائب
لا يعرف الوطنية
لكنه يعرف الوفاء
أما الكلب البشري
فيحفظ النشيد
ولا يحفظ العهد
يرفع العلم بيد
ويطعن الشعب بالأخرى
قتلوا الكلاب السائبة
لأنها بلا أوراق
وبلا قنوات
وبلا إعلاميين قوادين
يُلمّعون أنيابها
وتركوا الكلاب البشرية
تتناسخ
وتتكاثر
وتتوسع
من خلال شاشات
تبيع العهر على أنه رأي
وتبيع الدم على أنه إنجاز
أيها القاتلون…
لو خُيّر الوطن
لاختار كلبًا سائبًا
يحرس زاوية من ترابه
على قطيع بشري
يحكمه
ويأكله
ثم يتغوط على قبره
في هذا البلد
الكلاب السائبة تُقتل
لأنها صادقة في جوعها
والكلاب البشرية تعيش
لأنها كاذبة في شبعها
سلامٌ على الكلاب السائبة
فهي أنظف
وأشرف
وأقلّ وطنيةً في الكلام
وأكثر وطنيةً في الفعل
أما أنتم…
فنباحكم نشيد
وعضّتكم سياسة
ووطنكم
وجبةٌ مؤجلة
على طاولة الخيانة.
#حامد_الضبياني (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟