أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - العالم على حافة إعادة التشكيل














المزيد.....

العالم على حافة إعادة التشكيل


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8560 - 2025 / 12 / 18 - 12:13
المحور: قضايا ثقافية
    


يعيش العالم اليوم لحظة انتقال كبرى لا تشبه ما سبقها إلا في قلقها العميق، حيث تتفكك المسلمات السياسية القديمة وتُعاد صياغة موازين القوة وفق منطق جديد لا يعترف بالثوابت الطويلة الأمد. فالنظام الدولي الذي تشكّل بعد الحرب الباردة لم يعد قادرًا على ضبط الإيقاع، وتقدّم بدله مشهد متعدد الأقطاب تتقاطع فيه المصالح الاقتصادية مع الهواجس الأمنية، وتختلط فيه البراغماتية الخشنة بخطاب القيم حينًا وبالقوة الصريحة حينًا آخر. في هذا السياق، لا يمكن النظر إلى الشرق الأوسط بوصفه ساحة هامشية، بل بوصفه القلب الرخو لهذا التحول العالمي، حيث تتكثف الصراعات وتُختبر الإرادات الدولية والإقليمية في آن واحد.الولايات المتحدة، التي تحاول إدارة تراجعها النسبي لا إنكاره، تركز على إعادة تموضعها الاستراتيجي، فتخفف حضورها العسكري المباشر وتستثمر في أدوات الردع غير المكلفة، فيما تندفع الصين بهدوء محسوب عبر الاقتصاد والطاقة والبنى التحتية، وتعمل روسيا على تثبيت نفوذها عبر ملفات الأمن والغاز والتحالفات الرمادية. هذا التداخل يجعل المنطقة مسرحًا مفتوحًا لتجاذبات لا تُحسم بالحرب الشاملة ولا بالسلام الكامل، بل بحالة بينية من التوتر المستدام.الشرق الأوسط الجديد لا يولد من رحم التسويات بقدر ما يتشكل تحت ضغط الأزمات، من غزة إلى لبنان، ومن سوريا إلى العراق واليمن. الحروب لم تعد هدفًا بحد ذاتها، بل أدوات لإعادة ضبط التوازن، والهدنات ليست سلامًا بل فواصل لالتقاط الأنفاس. ضمن هذا المشهد، تبرز معضلة السلاح خارج الدولة بوصفها إحدى أكثر القضايا تعقيدًا، خصوصًا ما يتعلق بأذرع إيران الإقليمية التي تحولت من أدوات نفوذ خارجي إلى قوى محلية لها امتدادات سياسية واقتصادية واجتماعية. نزع هذا السلاح لا يمكن أن يتم بمنطق الأوامر أو الصدمات، لأنه مرتبط بمعادلات ردع إقليمية وبشعور دائم بالتهديد، كما أنه متشابك مع فراغات الدولة وضعف مؤسساتها. أي مسار واقعي لنزع السلاح يفترض أولًا إعادة تعريف الأمن الإقليمي على أسس توازن المصالح، وتوفير ضمانات سياسية واضحة، وبناء دولة قادرة على استيعاب القوة ضمن إطارها القانوني بدل تركها في الهامش المسلح.العراق يقف في قلب هذا الإشكال، لا بوصفه تابعًا للأحداث بل بوصفه أحد مفاتيحها. فهو بلد تتجاذبه الإرادات الخارجية بقدر ما تُثقله أزماته الداخلية، وتبدو الدولة فيه وكأنها تفاوض على سيادتها بدل أن تمارسها. اختيار رئيس الوزراء في هذا السياق لم يعد إجراءً دستوريًا خالصًا، بل اختبارًا لفكرة الدولة نفسها. فالمعيار الحقيقي لا ينبغي أن يكون القدرة على إرضاء الكتل أو موازنة النفوذ، بل امتلاك الشرعية الشعبية والقدرة التنفيذية والاستقلال النسبي في القرار. رئيس الوزراء الذي يحتاجه العراق هو من يستطيع أن يدير التناقضات لا أن يغرق فيها، وأن يقدّم منطق الدولة على منطق الغنيمة، وأن يتعامل مع الخارج من موقع الشراكة لا الوصاية.الفلسفة السياسية في هذه المرحلة تفرض قراءة هادئة لا تنحاز للشعارات ولا تستسلم للواقعية القاتمة. فالعالم لا يتحرك بدافع الأخلاق وحدها ولا تحكمه القوة وحدها، بل يتشكل في المساحة الرمادية بينهما. الشرق الأوسط الجديد لن يكون نسخة محسنة من ماضيه ما لم تُعاد صياغة العلاقة بين الدولة والسلاح، وبين السلطة والشرعية، وبين الداخل والخارج. والعراق، إن أراد أن يكون فاعلًا لا مفعولًا به، يحتاج إلى شجاعة عقلية قبل الشجاعة السياسية، شجاعة تعترف بالواقع لكنها لا تبرره، وتفهم موازين القوة دون أن تتنازل عن معنى الدولة. في هذا المفصل التاريخي، لا يُقاس النجاح بعدد التحالفات، بل بقدرة الدول على حماية مجتمعاتها وبناء مستقبل لا يُدار بالأزمات بل يتجاوزها.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرآة الغبار
- ريما…
- تسرق المقاومة اسمها وتُهان القيادة..
- فيضُ العشق
- أزهار السيلاوي… نخلة البصرة التي كتبت تاريخها بالحبر والضوء
- ظلال لا تُكتب… حين يولد الأدب في العتمة
- حكاية العراق بين فلسفة الفساد وميتافيزيقيا السلطة
- المرأة التي مشت فوق حدود النار… وسقطت في ظلّها
- ذاكرة العراق بعد أربعين عامًا من الحروب
- رحيل البلبل الأصيل… قراءة في وجع المبدع العراقي
- وَجْهُ الظَّلام
- ميزو مورتو… النصف ميّت الذي أعاد للبحر معنى الرجولة
- الألم كائنٌ في داخلي
- فنانٌ في زمن الجمال… سعدون جابر ومأساة الحقيقة في زمن الضجيج
- -حين يقف الشيخ أمام الكأس… وهل يجرؤ على الرشفة؟
- -منطق الغياب-
- شرقٌ يقترب من صحوته…
- فلسفة الازدحام… حين يتحوّل الطابور إلى ديانة خامسة في عالمٍ ...
- انسحابٌ يُشبهُ خفقة
- حين يتصدّر الصغارُ المشهد… وتغدو الساحةُ مرآةً مشروخة يقيم ف ...


المزيد.....




- -وسط حصار لفنزويلا-.. ضربة أمريكية على قارب مزعوم لتهريب الم ...
- واحدة من أكبر صفقات الأسلحة بتاريخهما.. إليكم تفاصيل ما أُبر ...
- عثرات بالبحث عن مطلق النار بجامعة براون تؤدي للقبض على الشخص ...
- -العربية- منذ الصغر، مبادرة إماراتية ورحلة هوية وانتماء
- استطلاع: غالبية الألمان تؤيد استخدام أصول روسية لصالح أوكران ...
- تواصل المواجهات بين كمبوديا وتايلاند وبنوم بنه تتهم بانكوك ب ...
- جدعون ليفي: أنى لمجزرة بوندي أن تحجب كل مجازر غزة!
- صحف عالمية: الخط الأصفر يشبه حدودا قاتلة للفلسطينيين في غزة ...
- مجزرة -بطن الهوى-.. إخلاء مزيد من بيوت المقدسيين لصالح المست ...
- ماذا تأكل عند الإصابة بالإنفلونزا؟


المزيد.....

- علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة / منذر خدام
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - العالم على حافة إعادة التشكيل